
فى شهادات مروعة كشفت عنها معتقلون فى السلفادور عن معاناتهم داخل واحد من أكثر السجون قسوة فى أمريكا اللاتينية، حيث قضوا ١٢٥ يومًا فى ظروف وُصفت بأنها غير إنسانية، وتشبه القبور المفتوحة.
فى خضم الحرب التى أعلنها الرئيس السلفادورى ناييب بوكيلى على العصابات، تعرض العديد من المهاجرين الفنزويليين، الذين فروا من بلادهم بسبب الأزمة الاقتصادية والسياسية، للاعتقال العشوائي. وقال بعضهم إنهم احتُجزوا فقط بسبب لكنتهم المختلفة أو لون بشرتهم، دون أى دليل على تورطهم فى جرائم أو أنشطة غير قانونية.
أحد المعتقلين السابقين، تحدث لوسائل إعلام فنزويلية قائلاً:
"اقتادونى من الشارع وأنا فى طريقى للعمل. لم يسمحوا لى حتى بالاتصال بعائلتي، قالوا لي: أنت غريب، وهذا يكفي!.
نُقل المعتقلون إلى سجن تيكولوتا الجديد، الذى يُوصف بأنه أكبر مجمع إصلاحى فى أمريكا اللاتينية، بُنى خصيصًا لاستيعاب الآلاف من المشتبه بهم فى قضايا العصابات، لكنه أصبح رمزًا للانتهاكات والتعذيب النفسى والجسدي.
وصف فنزويليون محتجزون سابقون الزنازين بأنها ضيقة، تفتقر إلى التهوية، ولا يوجد فيها ضوء طبيعي، وقد أُجبروا على النوم على الأرض دون فرش، وتلقوا وجبات لا تكفى لإطعام طفل، بينما مُنعوا من الاستحمام لفترات طويلة.
وقال أحدهم: «كانت زنازيننا مظلمة طوال الوقت. لم نكن نعرف الليل من النهار، كنا نشم رائحة البول والدم كل يوم، ولم يكن هناك أى أمل فى الخروج».
وكانت السلطات السلفادورية بدأت حملة أمنية مشددة منذ ٢٠٢٢، لمكافحة العصابات المسلحة مثل "مارا سالفاتروتشا" و"باريو ١٨ ورغم انخفاض معدلات الجريمة بشكل ملحوظ، أثارت هذه الحملة انتقادات حادة بسبب الاعتقالات الجماعية التى لم تستند فى كثير من الحالات إلى أدلة ملموسة، خاصة ضد المهاجرين الفقراء.
ووثقت منظمة «هيومن رايتس ووتش» عشرات الحالات لمواطنين فنزويليين اعتقلوا من دون أوامر قضائية، ثم أُفرج عنهم لاحقًا بعد تدخلات قانونية وضغوط إعلامية.
وقالت إحدى المفرج عنهن، وهى سيدة فنزويلية فى الأربعين من عمرها:
«خرجت، لكن قلبى ما زال هناك، رأيت فتيات يُضربن بلا رحمة، وأمهات تبكين لأنهن لا يعرفن مصير أولادهن، السجن حطمنا من الداخل».
ورفضت الحكومة السلفادورية، التعليق على الحالات الفردية، لكنها أكدت أن جميع الإجراءات تتخذ ضمن إطار القانون، وأن أى تجاوزات تُحقق فيها داخليًا.
فيما شدد مسئولون أمنيون على أن السجن هو «أداة فعالة فى كبح العنف».
ومع تصاعد الأصوات الحقوقية المطالبة بفتح تحقيق دولى فى الانتهاكات داخل سجن تيكولوتا، يبقى الأمل الوحيد للمعتقلين السابقين هو أن تُنصفهم العدالة، وأن تعاد لهم كرامتهم التى انتهكت على مرأى ومسمع العالم.