تواصل العدوان الإسرائيلي على قطاع غزة بوتيرة دامية، حيث ارتفعت حصيلة الشهداء إلى نحو 59،900 شهيد منذ أكتوبر 2023، بينهم آلاف من النساء والأطفال، ومئات قُتلوا أثناء محاولات الوصول إلى نقاط توزيع المساعدات.
وفي يوم الاثنين 28 يوليو وحده، استشهد 96 فلسطينيًا، بينهم 41 من طالبي المساعدات الإنسانية، في قصف عنيف طال مناطق متفرقة أبرزها مواقع توزيع الغذاء والملاجئ المؤقتة.
الوضع الإنساني بلغ مرحلة الكارثة، حيث ارتفعت أعداد الوفيات الناتجة عن سوء التغذية والمجاعة، مع تسجيل 63 حالة وفاة بسبب الجوع في يوليو فقط، من أصل 74 حالة منذ بداية العام، معظمهم من الأطفال.
تقديرات أممية تفيد بأن ثلث سكان القطاع لا يحصلون على الطعام لأيام متتالية، وأكثر من نصف مليون مواطن يعيشون ظروفًا قريبة من المجاعة. اليونيسف أكدت أن "الجميع جوعى في غزة، والأطفال هم الأكثر معاناة".
إسرائيل أعلنت عن وقف مؤقت للعمليات العسكرية يوميًا من العاشرة صباحًا حتى الثامنة مساءً، بهدف تسهيل مرور المساعدات الإنسانية، مع السماح بعبور الإمدادات حتى الحادية عشرة ليلًا.
من جهتها، أعلنت القاهرة عن تحرك الفوج الثاني من شاحنات المساعدات إلى معبر كرم أبو سالم، محملة بكميات كبيرة من الدقيق، في ظل النقص الحاد لهذه السلعة، بينما أشار الهلال الأحمر المصري إلى أن دفعة المساعدات الجديدة تحمل نحو 1500 طن من الإمدادات.
ووفق بيانات رسمية، دخلت نحو 35 ألف شاحنة مساعدات إلى غزة منذ بداية الأزمة.
دول أوروبية، بينها ألمانيا وفرنسا وبريطانيا، أعلنت بالتعاون مع الأردن عن إطلاق جسر جوي إنساني لدعم سكان القطاع، فيما أكد رئيس الوزراء الإسباني أن الجيش الإسباني سينفذ عمليات إنزال جوي للمساعدات الغذائية يوم الجمعة المقبل.
دبلوماسيًا، بدأت في نيويورك أعمال مؤتمر دولي للسلام يستمر حتى 29 يوليو، بمشاركة دولية واسعة لبحث حل سياسي للصراع، يتضمن الاعتراف بالدولة الفلسطينية وتحرير الرهائن.
الولايات المتحدة أعلنت انسحابها من مفاوضات الدوحة في 24 يوليو، واتهمت الجانب الفلسطيني بعدم الجدية، كما رفضت دعم مؤتمر الأمم المتحدة، معتبرة أنه يعزز موقف حركة حماس.
تصريحات متعددة صدرت من قادة دوليين، أبرزها من الرئيس الأمريكي السابق دونالد ترامب الذي أعلن عن مساهمة أمريكية بقيمة 60 مليون دولار للمساعدات الغذائية، ودعا لإنشاء مراكز توزيع طعام مفتوحة داخل غزة دون حواجز.
ترامب انتقد بشدة الموقف الإسرائيلي من أزمة الغذاء، مؤكدًا ضرورة تحمل تل أبيب مسؤوليتها في ضمان تدفق المساعدات، وقال إن "الصور من غزة تظهر جوعًا حقيقيًا، وهذه مجاعة لا يمكن إنكارها".
في المقابل، وجّهت عدة جهات دولية انتقادات حادة لإسرائيل، أبرزها من وزير الخارجية الفرنسي الذي قال إن "الأجساد في غزة تحمل ندوب المجاعة والرعب"، محملًا الحكومة الإسرائيلية مسؤولية تدهور الوضع، فيما طالب الأمين العام للأمم المتحدة بوقف ما وصفه بـ "التطهير العرقي" ومحاسبة المسؤولين عن الجرائم ضد المدنيين.
التحليلات تشير إلى أن قطاع غزة يشهد تفككًا مؤسسيًا واجتماعيًا واسعًا، مع فقدان حركة حماس السيطرة على نحو 80% من القطاع، وظهور جماعات مسلحة جديدة وسط انهيار شبه كامل في منظومات الخدمات الأساسية.
التطورات الميدانية والإنسانية والدبلوماسية تشير إلى أن غزة تقف على حافة الكارثة الكبرى، بانتظار نتائج مؤتمر نيويورك ومآلات المفاوضات الدولية التي قد تحدد ملامح المرحلة القادمة.