أصدر مركز المعلومات ودعم اتخاذ القرار بمجلس الوزراء تقريرًا جديدًا ضمن سلسلته الدورية "تقارير معلوماتية"، حمل عنوان "المسؤولية الاجتماعية للشركات: ركيزة أساسية للتنمية المستدامة"، كشف خلاله عن أن القطاع المصرفي المصري ساهم بنحو 2 مليار جنيه في مجالات المسؤولية الاجتماعية خلال عام 2023، في إطار جهود الدولة لتعزيز التنمية المستدامة والتكامل بين القطاع الخاص والمجتمع.
مفهوم المسؤولية الاجتماعية وأبعادها الأربعة
سلّط التقرير الضوء على مفهوم المسؤولية الاجتماعية، مؤكدًا أنها تمثل التزامًا طوعيًا وأخلاقيًا من جانب الشركات، يهدف إلى دعم التنمية الاقتصادية والاجتماعية، وتحسين ظروف العاملين والمجتمع، لتتحول إلى عقد اجتماعي غير ملزم قانونيًا لكنه أساسي لتكامل دور الشركات في المجتمع.
وقسم التقرير المسؤولية الاجتماعية إلى أربعة أنواع رئيسية:
المسؤولية البيئية: وتشمل تقليل الانبعاثات الضارة واستهلاك الطاقة وتشجيع إعادة التدوير وزراعة الأشجار.
المسؤولية الأخلاقية: كرفع الأجور بما يتجاوز الحد الأدنى القانوني، وضمان عدم استخدام عمالة الأطفال.
المسؤولية الخيرية: مثل التبرع للجمعيات أو تأسيس صناديق خيرية لدعم التعليم والصحة.
المسؤولية الاقتصادية: بمعنى اتخاذ قرارات مالية تدعم التنمية وتحافظ على البيئة والمجتمع.
سبعة مبادئ لإطار ISO 26000
استعرض التقرير المبادئ السبعة للمواصفة الإرشادية ISO 26000 للمسؤولية الاجتماعية، والتي تشمل:
- القابلية للمساءلة
- الشفافية
- السلوك الأخلاقي
- احترام مصالح الأطراف المعنية
- سيادة القانون
- احترام المعايير الدولية
- احترام حقوق الإنسان
العلاقة بين الحوكمة والمسؤولية الاجتماعية
أكد التقرير على العلاقة التكاملية بين حوكمة الشركات والمسؤولية الاجتماعية، حيث تسهم الممارسات الجيدة للحوكمة في إدماج المسؤولية الاجتماعية ضمن استراتيجيات الشركات، ما يحقق توازنًا بين الأهداف الاقتصادية والاجتماعية والبيئية ويعزز الثقة لدى أصحاب المصالح.
فوائد المسؤولية الاجتماعية للشركات
أشار التقرير إلى مجموعة من الفوائد التي تحققها المسؤولية الاجتماعية، أبرزها:
- تحسين الصورة الذهنية وزيادة ثقة العملاء.
- تحفيز المبيعات وزيادة ولاء المستهلكين.
- خفض التكاليف التشغيلية من خلال ممارسات صديقة للبيئة.
- جذب الكفاءات وتقليل معدل دوران العمالة.
- تسهيل الوصول للتمويل والاستثمار الخارجي.
- تقليل التعقيدات التشريعية والامتثال للمعايير.
- تعزيز العلاقات مع المجتمع المحلي وزيادة الاندماج المجتمعي.
تطور المسؤولية الاجتماعية في مصر
تناول التقرير التطورات التي شهدتها المسؤولية الاجتماعية في مصر على مدار السنوات، ومن أبرز المحطات:
فبراير 2004: تبني اتحاد الصناعات لمبادرة "الميثاق العالمي للأمم المتحدة".
مارس 2008: إطلاق المبادرة القومية للمسؤولية الاجتماعية بالتعاون مع البرنامج الإنمائي للأمم المتحدة.
أغسطس 2016: إصدار دليل حوكمة الشركات الذي يتضمن بنودًا تعزز المسؤولية الاجتماعية.
2017: تخصيص فصل كامل في قانون الاستثمار الجديد حول المسؤولية الاجتماعية وتقديم حوافز ضريبية للمستثمرين الملتزمين بها.
دور البنك المركزي في تنظيم المسؤولية الاجتماعية
كشف التقرير أن البنك المركزي المصري أنشأ إدارة خاصة بالمسؤولية الاجتماعية عام 2017، بهدف توحيد المفهوم لدى البنوك وتوزيع مساهماتها بشكل عادل جغرافيًا ونوعيًا، الأمر الذي ساعد في رفع مساهمات القطاع المصرفي إلى 2 مليار جنيه في 2023.
مؤشر ESG وتصنيف الشركات في مصر
استعرض التقرير أداء الشركات المصرية في المؤشر المصري للمسؤولية الاجتماعية "S&P/EGX ESG"، الذي أنشئ عام 2007، وبلغت قيمته 6743.3 نقطة في يناير 2025، مقارنة بـ1000 نقطة فقط عند إطلاقه، مما يدل على تقدم كبير في التزام الشركات بالممارسات البيئية والاجتماعية والحوكمة.
تصنيفات عالمية واهتمام دولي
وفقًا لمؤشر دراكر 2024، جاءت شركة "إنتل" في صدارة الشركات العالمية المهتمة بالمسؤولية الاجتماعية، فيما تصدرت الولايات المتحدة قائمة الدول المدرجة ضمن مؤشر "FTSE4Good" بـ263 شركة، تلتها اليابان والصين والهند، ما يؤكد أهمية الممارسات المسؤولة على الساحة الدولية.
فرص وتحديات في مصر
حلل التقرير نقاط القوة، مثل التزام الشركات الكبرى، ودعم البيئة التشريعية، ووجود مؤشر ESG في البورصة، وتزايد الوعي المجتمعي.
كما أشار إلى نقاط ضعف أبرزها: تعدد الجهات المعنية، وضعف الحوافز المادية، واستغلال بعض الشركات للمسؤولية الاجتماعية لأغراض ترويجية.
أما الفرص فتشمل:
- دعم أهداف التنمية المستدامة.
- تطوير البحث العلمي.
- تعزيز الشفافية والمساءلة.
- جذب التمويل الدولي.
- توفير حماية ومرونة للشركات في الأزمات.
بينما تمثلت التحديات في:
- الأزمات الاقتصادية العالمية.
- ضعف الإنفاق الخاص على البحث العلمي.
- ارتفاع تكلفة تطبيق المسؤولية الاجتماعية، خاصة على الشركات الصغيرة والمتوسطة.