الخميس 15 مايو 2025 | 07:13 مساءً
في عالمٍ تتزاحم فيه الصور النمطية عن الرؤساء الذين تلاحقهم المراسيم والرفاهية، ظهر رجلٌ كسر القاعدة، وغيّر نظرة الناس للسلطة من جذورها، إنه خوسيه موخيكا، الرئيس الأسبق للأوروجواي، الذي صار اسمه مرادفًا للنزاهة والتواضع، حتى لُقّب بـ"أفقر رئيس في العالم" رغم أنه كان الأغنى بالقيم.
من السجن إلى القمة
وُلد خوسيه موخيكا عام 1935 لعائلة تعمل في الزراعة، فعرف مبكرًا معنى الكدّ والتعب، لم تكن حياته سهلة؛ إذ انخرط في شبابه في صفوف المقاومة اليسارية ضد الديكتاتورية، وقضى أكثر من عقد داخل السجون، منها سنوات طويلة في الحبس الانفرادي.
لكن تلك التجربة القاسية لم تكسر إرادته، بل زادت من إيمانه بعدالة قضيته وأهمية الدفاع عن البسطاء.
رئاسة على هامش الترف
عندما وصل إلى منصب الرئاسة عام 2010، لم يغير الرجل شيئًا من نمط حياته، واستمر في الإقامة بمزرعته الريفية، بعيدًا عن صخب القصر الرئاسي، وفضّل قيادة سيارته القديمة بنفسه، دون موكب أو حراسة مشددة، وبدلاً من أن يحتفظ براتبه كاملاً، اختار أن يتقاسم أغلبه مع الفقراء، مكتفيًا بمبلغ بسيط لا يتجاوز ما يكفي لتلبية احتياجاته الضرورية.
زعيم بمبدأ لا بمظهر
لم يكن موخيكا يركض خلف الأضواء أو يسعى للشهرة، بل كانت رسالته واضحة: السياسة يجب أن تكون وسيلة لخدمة الناس، لا بابًا للامتيازات.
وقد عبّر عن فلسفته ذات مرة قائلاً: "أنا لا أعيش في فقر، بل أعيش ببساطة، الفقر هو أن تكون عبدًا للاستهلاك"، نظرته الثاقبة جعلته محط إعجاب ليس فقط داخل بلاده، بل في أنحاء العالم.
خطوات إصلاحية تركت أثرًا
خلال فترة حكمه، ركّز موخيكا على قضايا التعليم والصحة والعدالة الاجتماعية، ورغم قلة الموارد، استطاع أن يدفع نحو سياسات غير تقليدية، شملت تنظيم تجارة القنب، وتوسيع الحريات الفردية، وإعادة هيكلة بعض النظم الاقتصادية لمصلحة الفئات المهمّشة، ولم تكن جميع قراراته موضع إجماع، لكنها عبّرت عن رؤية مختلفة لقيادة وطن.
ما بعد الكرسي
عقب نهاية ولايته في 2015، لم يتجه إلى الاستراحة ولا إلى جمع الثروات، بل عاد إلى الزراعة وكتابة المقالات، وبقي حاضرًا في المشهد السياسي كمستشار ومُلهم.
حتى حين تقاعد رسميًا من الحياة السياسية عام 2020 لأسباب صحية، ظل الناس يتطلعون إلى كلماته كمرجعية أخلاقية في زمن عزّت فيه القدوات.
اقرأ ايضا