أخبار عاجلة

ألمانيا تحذر من نهضة العملات المستقرة بعد إخفاق محرج

ألمانيا تحذر من نهضة العملات المستقرة بعد إخفاق محرج
ألمانيا تحذر من نهضة العملات المستقرة بعد إخفاق محرج

فلنأمل أن يكون المنظّمون على قدر التحدي الذي تفرضه الثورة التقنية في عالم المدفوعات

بين رغبة المستهلكين بسهولة التعاملات وحذر السلطات يضيق أفق العملات المستقرة

لا تبدو الهيئة الألمانية للرقابة المالية "بافين" (BaFin) متحمّسة للعملات المستقرة، وهي عملات مشفّرة تُصدَر عبر تقنية بلوكتشين ومصممة لمحاكاة الدولار، رغم ما تحظى به من ترحيب في الأسواق المالية نظراً لملاءمتها في تسديد المدفوعات.
فبعد أن وجّهت "بافين" تحذيراً أولياً لجهة مصدرة لعملة مستقرة مقرها فرانكفورت تُدعى "إيثينا" (Ethena)، متهمةً إياها بارتكاب مخالفات تنظيمية جسيمة وانتهاك قواعد الاتحاد الأوروبي الخاصة بالأصول المشفّرة، عادت الهيئة الأسبوع الماضي لتصدر أمراً بتصفية نشاط الشركة بالكامل.
يبدو أن "بافين" تسعى لتحسين سجلّها بعد الانهيار المدوي لشركة "وايركارد" (Wirecard) قبل خمسة أعوام، في أكبر فضيحة احتيال مالي في تاريخ ألمانيا، وقفت الهيئة حينها في صفّ المدافعين المتحمّسين عن "نجمة" التقنية المالية الوطنية، متجاهلةً بلاغات عن مخالفات جسيمة، تبيّن لاحقاً أنها صحيحة.
منذ ذلك الحين، تبنّى الرئيس الجديد للهيئة نهجاً أكثر تشدداً، لا يقتصر على العملات المستقرة. فالضغوط التي مارستها "بافين" عام 2023 على شركة "وورلدلاين" الفرنسية (Worldline) بسبب تقاعسها عن مواجهة عمليات احتيال، ما تزال تتردد أصداؤها حتى اليوم، إذ تخضع الشركة لتحقيق في بلجيكا على خلفية مزاعم جديدة (رغم نفيها ارتكاب أي مخالفات)
.
الأمان يحدّ من السرعة

سواء كان موقف "بافين" استعراضاً للقوة أم لا، فهي محقّة في بث رسالة توضح جديتها في تطبيق القوانين، في وقت تعِد فيه تقنية المدفوعات المتسارعة بإحداث تحوّل جذري في طرق الدفع، وتحدّي نفوذ شركات خدمات الدفع التقليدية.
إن التحوّل المتسارع نحو اقتصاد غير نقدي خلال العقد الماضي كرّس تفضيلنا للسرعة والراحة الذين توفرهما أساليب الدفع الفوري على مدى الساعة، عبر تمرير البطاقة أو النقر أو التسوّق الإلكتروني، ما أسهم في ازدهار شركات التقنية المالية مثل "آدين" (Adyen) التي تسهّل حركة انتقال الأموال رقمياً من طرف إلى آخر.
لكن هذا التحوّل يعرضنا في المقابل إلى عمليات قرصنة واحتيال وتزوير إلكترونية تزداد تطوراً، تجاوزت في المملكة المتحدة وحدها مليار جنيه إسترليني (1.4 مليار دولار) في العام الماضي.
ورغم أن معدلات الاحتيال ما تزال منخفضة نسبياً، ولا تتعدى 0.1% من الإنفاق عبر البطاقات، فإن الجهات التنظيمية كثيراً ما تواجه مقاومة عند سعيها لإعطاء الأولوية للأمان على حساب السرعة، كما مثلاً في حالات فرض التحقق الإضافي.
ورغم اسمها الذي قد يبدو مطمئناً، لا تخلو العملات المستقرة من مفاضلات مشابهة، فالتوقعات المتفائلة التي ترجّح أن تبلغ قيمة هذه السوق 1.6 تريليون دولار بحلول 2030، تستند إلى مزايا السرعة، وانخفاض التكلفة، وإمكانية تسديد المدفوعات العابرة للحدود على مدى الساعة، طوال أيام الأسبوع.
لكن ورقة بحثية أصدرها بنك كندا في 2022 نبّهت إلى أن السرعة والتكلفة المنخفضة لا تعنيان بالضرورة مستوى أعلى من الأمان، إذ إن الفلسفة التي تقوم عليها العملات المستقرة —"كن مصرف نفسك"— تجعل ضحايا الاحتيال أقل حماية مقارنة بمستخدمي بطاقات "ماستركارد" أو خدمات الدفع بين الحسابات المصرفية.
وذلك دون إغفال ما يرافق العملات المشفّرة من مخاطر، كسرقة الأموال أو التعرّض للاختراقات. فبحسب مجموعة العمل المالي (FATF) المعنية بمكافحة غسل الأموال، تُنفّذ الغالبية العظمى من الأنشطة غير المشروعة عبر بلوكتشين باستخدام العملات المستقرة، وقد أشارت الشهر الماضي إلى أن المجرمين، بدورهم، يسعون إلى خفض التكاليف وتعظيم الأرباح.
ففي أي لحظة تتحوّل هذه السرعة والكفاءة إلى فخّ يقوّض الغاية منهما؟

ضرورة التنظيم

كما تبين من القفزة الكبيرة في سعر سهم شركة "سيركل إنترنت غروب " (Circle Internet Group)، تراهن الأسواق على أن التنظيم سيكون بوابة التبني الواسع للعملات المستقرة. فشركة المدفوعات "سترايب " (Stripe) تستعد لإطلاق حسابات مموّلة بالعملات المستقرة في أكثر من 100 دولة، بالشراكة مع "فيزا"، فيما بدأت المصارف تدرس احتمال دخولها هذه السوق التي تطمح أصلاً لاقتطاع حصة من نشاطها التقليدي.
لكن كل ذلك يتطلّب جهات تنظيمية يقظة وفعّالة، في مشهد وصفه أستاذ الاقتصاد في جامعة لوزان، غارين ماركاريان، بانفلات عالم العملات المستقرة. والمؤشرات لا تبعث كلّها على الاطمئنان. ففي المملكة المتحدة، دُمجت هيئة تنظيم المدفوعات ضمن هيئة السلوك المالي (FCA)، في خطوة تهدف إلى دعم النمو وتقليص ما يوصف بتعدّد الجهات الرقابية. أما في الاتحاد الأوروبي، فما تزال الرقابة المالية متشرذمة، إذ تبدو إجراءات "بافين" الصارمة بعيدة كل البعد عن وتيرة الموافقات الرقمية السريعة في مالطا، والتي شبّهها أحد التنفيذيين بـ"طلب الطعام من ماكدونالدز".
كل ذلك في عالم نجد فيه شركة "تيذر هولدينغز" (Tether Holdings) -أكبر مُصدِر للعملات المستقرة بتداول يتجاوز 150 مليار دولار- مسجّلةً في السلفادور، ولم تخضع حتى اليوم لأي تدقيق مالي شامل.
فلنأمل ألا نحتاج إلى فضيحة جديدة بحجم "وايركارد" لتدق جرس الإنذار حيال المدفوعات الرقمية.

خاص بـ " بلومبرغ"

إخلاء مسؤولية إن موقع عاجل نيوز يعمل بطريقة آلية دون تدخل بشري،ولذلك فإن جميع المقالات والاخبار والتعليقات المنشوره في الموقع مسؤولية أصحابها وإداره الموقع لا تتحمل أي مسؤولية أدبية او قانونية عن محتوى الموقع.

اشترك فى النشرة البريدية لتحصل على اهم الاخبار بمجرد نشرها

تابعنا على مواقع التواصل الاجتماعى

السابق كيف تهدد الحرارة المرتفعة أحلام الإنجاب؟.. تحذيرات طبية وتوصيات للوقاية
التالى سلوكيات غير مألوفة قد تنذر بمرض دماغي خطير لدى الشباب.. يجب عدم تجاهلها