
أودعت محكمة جنح مستأنف أكتوبر، حيثيات حكمها حضوريًا لجميع المتهمين الخمس بالتسبب فى حريق خط غاز الواحات، بقبول الاستئنافين شكلًا، وفي الموضوع برفضهم، وتأييد الحكم المستأنف بالحبس 10 سنوات لكل منهم، وألزمت المستأنفين بسداد مصروفات الدعاوى الجنائية والمدنية، ومبلغ 75 جنيها مقابل أتعاب المحاماه.

حيثيات الحكم بالسجن 10 سنوات على المتهمين في واقعة انفجار خط غاز أكتوبر
وأشارت المحكمة فى حيثيات حكمها، إلى أنه ما أثقل الخطأ حين يتحول إلى فاجعة، وما أفظع التقصير حين تكون كلفته أرواحا بريئة، قضت دون ذنب، ودفعت ثمنا باهظا لإهمال قاتل من مهندس كان يفترض أن يكون عين الأمان، لا يد الخراب.
المتهمون اقترفوا خطأ لا يغتفر
وأضافت الحيثيات، أن المتهمين اقترفوا خطأ لا يغتفر لا عن جهل تام، بل عن تخاذل مهني وتفريط مشين في أقدس واجبات مهنتهم، فخانوا الأمانة التي أقسموا عليها، وتجاهلوا أبسط قواعد الأصول الفنية التي تعلموها، أو كان يجب أن يعلموها، واختاروا أن يغضوا الطرف عن مواضع الخطر، فتركوها تنمو في صمت حتى انفجرت في وجوه الأبرياء.
المحكمة: المهندس الفني ليس موظفا عابرًا بل هو الحارس على سلامة الأرواح والمنشآت
وأوضحت الحيثيات، أن المهندس الفني ليس موظفا عابرًا، بل هو الحارس على سلامة الأرواح والمنشآت، فإذا غابت عنه الدقة، وحكمه الاستهتار، وارتضى أن يُجري عمله كيفما اتفق صار وجوده خطرًا على المجتمع، لا عونًا له.
الحيثيات: الضحايا قطعت حياتهم فجأة بلا إنذار
والمأساة هنا ليست مجرد "حادث" أو "واقعة مؤسفة"، بل جريمة مكتملة الأركان ضحاياها بشر لهم أسماء ووجوه وأحلام، قطعت حياتهم فجأة بلا إنذار، بسبب لحظة إهمال لم يكن لها أن تمر لولا استخفاف هؤلاء المتهمين بمسؤوليتهم، ومن ماتوا لم يكونوا أطرافا في تنفيذ أو تخطيط ولا كانوا على دراية بما يدور من عبث خلف الجدران بل كانوا ضحايا للثقة الزائفة في من ارتدى عباءة الخبرة، وهو لا يستحقها.
نعوش تحركت في صمت
وأكدت المحكمة، وهي تزن هذا الملف بميزان العدل لا تنظر إلى أرقام أو تقارير فنية فحسب، بل ترى نعوشًا تحركت في صمت، وترى أمهات فقدن أبناءهن وأطفالا باتوا بلا آباء، وكل ذلك لأن المهندس أخطأ، ولم يكن يحق له أن يخطئ.
المحكمة: هذه الواقعة يجب أن تكون رسالة صارمة لكل من يتعامل مع مهنته باستخفاف
وأشارت الحيثيات، الى أن هذه الواقعة، بما تحمله من مرارة، يجب أن تكون علامة فاصلة، ورسالة صارمة لكل من يتعامل مع مهنته بخفة أو استخفاف، لأن الخطأ المهني في موضع المسؤولية، قد يكون حكما بالإعدام على الأبرياء.
حكم المحكمة
فلهذه الأسباب حكمت المحكمة حضوريا لجميع المتهمين: بقبول الإستئنافين شكلًا وفي الموضوع برفضهما وتأييد الحكم المستأنف وألزمت المستأنفين مصروفات الدعويين الجنائية والمدنية ومبلغ خمسة وسبعين جنيه مقابل أتعاب المحاماة.
إحالة المتهمين بانفجار خط غاز أكتوبر
وأحالت النيابة العامة، المتهمين إلى محكمة الجنح المختصة، على خلفية اتهامهم بالتسبب، عن طريق الخطأ نتيجة الإهمال، في وفاة 8 مواطنين، وإصابة 16 آخرين، واحتراق 11 مركبة، بالإضافة إلى مخالفة أحكام قانون الغاز الطبيعي، خلال تنفيذهم أعمال تطوير بطريق الواحات.
وكانت النيابة العامة قد باشرت التحقيق فور تلقيها بلاغًا بانفجار خط الغاز في الطريق، حيث شكّلت فريقًا انتقل لمعاينة موقع الحادث وحصر التلفيات، كما زار ثماني مستشفيات لسماع أقوال المصابين، وكلفت النيابة لجانًا فنية من الجهات المختصة، شملت هيئة الطرق والكباري، والشركة المصرية القابضة للغاز الطبيعي، ومصلحة الأدلة الجنائية، لإجراء مراجعة شاملة للإجراءات الفنية المتبعة في المشروع.
تحقيقات المتهمين بانفجار خط غاز أكتوبر
وكشفت التحقيقات عن إهمال جسيم من قِبل المتهمين، تمثل في تنفيذ أعمال الحفر دون الحصول على التصاريح اللازمة أو اتخاذ تدابير السلامة، فضلًا عن غياب الإشراف الفني من مكتب الاستشارات، كما ثبت استخدام معدات ثقيلة دون إجراء الجسات اليدوية اللازمة، وعدم إخطار شركة الغاز قبل مباشرة الأعمال.
وأكدت النيابة أن الحادث كان نتيجة مباشرة لهذا الإهمال، ونفت وجود أي تسرب سابق على يوم الواقعة، وفق ما أثبتته التقارير الفنية وسجلات الضخ.
واختتمت النيابة العامة بيانها بالتشديد على التزامها بمحاسبة كل من يثبت تورطه في الإهمال الذي يهدد أرواح المواطنين، مؤكدة حرصها الدائم على تحقيق العدالة وإنزال العقوبات الرادعة بحق المتسببين في مثل هذه الحوادث.