في عالم يشهد تحولات دينية وثقافية متسارعة، يبرز داخل الكنيسة الكاثوليكية تنوّع فكري وروحي يُعبّر عنه أحيانًا بمصطلحي “محافظ” و”تقدمي”. لكن ماذا يعني هذان الوصفان فعلاً؟ ولماذا يُستخدمان داخل بيت روحي واحد يجمع أكثر من مليار مؤمن حول العالم؟
المحافظون.. حرّاس التقليد وأمناء الرسالة
يمثل الكاثوليك المحافظون التيار الذي يتمسك بجذور الإيمان الكاثوليكي، كما ورثه عن الرسل والقديسين وآباء الكنيسة.
يُشبههم البعض بأشجار البلوط العريقة، التي تضرب بجذورها في الأرض وتواجه العواصف بثبات.
ما الذي يميزهم؟تمسك صارم بالطقوس والليتورجيا القديمة ودفاع عن العقائد كما وردت في التاريخ وروح عبادة تقوم على الصمت والوقار ويقين بأن “الحقيقة لا تتغير”
في زمن صاخب، هم من يذكرون الكنيسة بأن تركع وتصلي وتبقى أمينة لجذورها.
التقدميون.. تيار متحرك نحو جراح العالم
في الجهة المقابلة، يظهر الكاثوليك التقدميون كأصوات تسعى لإيصال نور الإيمان إلى عالم يتغير باستمرار.
يرون في الكنيسة أداة شفاء للعالم، لا مؤسسة مغلقة.
ماذا يقدمون؟ لغة حديثة لفهم الإنجيل في العصر الحالي وانفتاح على القضايا الاجتماعية والإنساني ودعوه للكنيسة كي تذهب إلى الهامش حيث الألم وتطلع لكنيسة تلمس الجراح وتخدم المهمشين
هم لا يرون أنفسهم ثوارًا على الإيمان، بل خُدامًا ليسوع وسط عالم جائع إلى الرجاء.
خلاف أم تكامل؟ رؤية توحيدية
رغم ما يبدو من تناقض، إلا أن جوهر المسألة ليس في صراع بين طرفين، بل في تكامل ضروري داخل جسد واحد.
المحافظون يحرسون النار، والتقدميون ينشرون دفئها.
الكنيسة، بحسب هذه الرؤية، ليست ميدانًا للقتال، بل بيتًا يتسع للجميع:للعقلاني والعاطفي وللمتأمل والجريء وللوفيّ للتراث والمبادر نحو التجديد
الرسالة الأخيرة.. لا تصنيفات بل محبة
في زمن تكثر فيه التسميات، يذكّرنا هذا الطرح أن الانتماء الكاثوليكي لا يُقاس بموقع على الطيف العقائدي، بل بقوة المحبة، وبالإيمان الذي يجمع بين الحق والرحمة، العدالة والشفقة.