أكّد البطريرك ثيوفيلوس الثالث، بطريرك القدس وسائر أعمال فلسطين، أن الكنيسة لن تتخلى عن أبناء غزة، مشددًا على أن "الصمت في وجه المعاناة هو خيانة للضمير". جاء ذلك خلال مؤتمر صحفي عقده في أعقاب زيارة رعوية أجراها إلى قطاع غزة، برفقة الكاردينال بييرباتيستا بيتسابالا، وعدد من الكهنة، لتفقد أحوال المسيحيين هناك، ومشاركة الجرحى والنازحين آلامهم.
وقال البطريرك في كلمته خلال المؤتمر:"أيها الإخوة والأخوات الأحبّاء في المسيح، أعضاء الصحافة الكرام، السلام لكم جميعًا، ذاك الذي سار بين المرضى والحزانى، وعلّمنا أن كل ما فعلناه مع الصغار، فإنما فعلناه له".
شعب مسحوق.. لكنّه لم يفقد الرجاء
وصف البطريرك ثيوفيلوس الثالث ، قطاع غزة بأنه "أرض جريحة تنهشها الآلام ويشقها صراخ أهلها"، مشيرًا إلى أن الزيارة كانت خدمة لجسد المسيح المتألم، حيث تجوّل مع الوفد بين الجرحى والمفجوعين والمهجّرين، الذين لم تنكسر كرامتهم رغم حجم المعاناة.
وأشار إلى أن المشاهد التي رآها داخل كنيسة العائلة المقدسة، التي تعرضت للدمار، كانت مؤلمة، لكنّها تحمل في طيّاتها رجاءً لا ينكسر. وأضاف: "جثونا للصلاة إلى جانب المتألمين، ووضعنا أيدينا على من يتوقون إلى العزاء، مستنيرين بكلمات بولس الرسول: ’ليَحمِلْ بَعضُكم أَثْقالَ بَعض وأَتِمُّوا هٰكذا العَمَلَ بِشَريعةِ المسيح’".
دعوة للمجتمع الدولي والضمير العالمي
وجّه البطريرك نداءً صريحًا إلى المجتمع الدولي، قائلًا:"الصمت في وجه المعاناة هو خيانة للضمير"، داعيًا العالم إلى أن تكون الرحمة والبصيرة الإنسانية هي البوصلة في التعامل مع المأساة المتواصلة في غزة.
وأضاف أن رسالة الكنيسة في أزمنة الدمار لا تقتصر على الإغاثة، بل تتجذر في الحضور والدعاء والدفاع عن قدسية الحياة، مؤكدًا أن "الظلام لن يُطفئ نور الله".
الكنيسة إلى جانب الأطفال.. ورسالة لأصحاب القرار
وفي رسالة مؤثرة لأطفال غزة، قال البطريرك:"الكنيسة ستبقى إلى جانبكم"، مؤكّدًا على التزامها بالوقوف مع الأبرياء والدفاع عنهم.
كما وجّه رسالة واضحة لكل من يتحمل مسؤولية سياسية أو إنسانية، مستشهدًا بكلمات المسيح: "طوبى لِلسَّاعينَ إِلى السَّلام، فإِنَّهم أَبناءَ اللهِ يُدعَون"، ودعا إلى أن يكون العمل هو التعبير الحقيقي عن المحبة، وليس الكلام فقط.
واختم البطريرك كلمته بدعوة إلى اليقظة الروحية والضميرية في هذا الزمن العصيب، قائلًا: "فليكن هذا الوقت نداءً للضمير، ولتكن رحمة الله دليلًا لكل يد تسعى إلى ترميم ما تمزّق".
