بعد وفاة البابا فرنسيس صباح الإثنين الماضي، دخلت الكنيسة الكاثوليكية مرحلة دقيقة تُعرف بـ “فترة الحداد”، وهي مرحلة تسبق انتخاب بابا جديد وفقًا لتقاليد عريقة راسخة في البروتوكول الفاتيكاني. فما الذي يحدث خلال هذه الأيام الاستثنائية؟
زمن الشغور.. بداية الحداد الرسمي
فور إعلان وفاة الحبر الأعظم، تبدأ الكنيسة مرحلة تُسمى بـ “سيدي فاكانتي”، أي “شغور الكرسي الرسولي”.
وهي فترة حداد تستند إلى تقاليد رومانية قديمة، طُبِّقت لاحقًا ضمن الطقوس الكنسية المسيحية، وتُعلن فيها وفاة البابا رسميًا وتُعلَّق خلالها بعض وظائف الكرسي الرسولي حتى انتخاب خليفة جديد.
جنازة بابوية بمشاركة العالم
يسجي جثمان البابا الراحل في بازيليك القديس بطرس، حيث يتاح للمؤمنين توديعه وإلقاء النظرة الأخيرة عليه. وبعد أربعة إلى ستة أيام من الوفاة، تُقام مراسم جنازة بابوية ضخمة في ساحة أو كنيسة القديس بطرس، يترأسها عميد مجمع الكرادلة، ويشارك فيها قادة دول، رؤساء كنائس، ومؤمنون من مختلف أنحاء العالم.
الطقوس تُجرى وفق دليل الجنازة المُحدث عام 2024، حيث يُغطّى وجه البابا بوشاح حريري، ويوضع في تابوت خشبي بسيط مبطن بالزنك، قبل أن تدخل الكنيسة في تسعة أيام من الحداد والصلوات.
القداديس التسعة: صلوات يومية لراحة النفس
على مدار تسعة أيام متتالية، تُقام قداديس يومية في بازيليك القديس بطرس، يُحتفل بها على نية راحة نفس البابا. يُشارك في هذه القداديس مجموعات مختلفة ترتبط بالبابا الراحل؛ من موظفي الفاتيكان، إلى إكليروس أبرشية روما، وصولاً إلى ممثلين عن الكنائس الشرقية الكاثوليكية في اليوم السابع.
الاجتماعات التحضيرية.. نقاشات الكرادلة قبل الانتخاب
بالتوازي مع فترة الحداد، يعقد مجمع الكرادلة اجتماعات يومية تُعرف بـ “الجلسات العامة”، يحضرها الكرادلة دون سن الثمانين، والذين سيشاركون لاحقًا في انتخاب البابا الجديد. في هذه الاجتماعات، تتم مناقشة الترتيبات المتعلقة بالجنازة، وتحديد موعد انعقاد الكونكلاف، وهو المجمع السري المخصص لعملية الانتخاب.
في الاجتماعات المتقدمة، تبدأ مناقشة قضايا أعمق مثل وضع الكنيسة عالميًا، وتحديات الكوريا الرومانية، دون التطرق إلى أسماء المرشحين حتى بدء جلسات الكونكلاف الرسمية.
خمسة عشر يومًا تفصل الرحيل عن الخلافة
بمجرد انتهاء الأيام التسعة، تدخل الكنيسة المرحلة الحاسمة: بدء التحضير الرسمي لانتخاب البابا الجديد.
ووفقًا للتقاليد، يُعقد الكونكلاف في اليوم الخامس عشر بعد الوفاة، حيث تبدأ عملية اختيار خليفة للقديس بطرس، في لحظة يتوقف عندها كاثوليك العالم للتأمل في حياة البابا الراحل وإرثه الروحي.
انتخابات 2005.. مقارنة زمنية
في انتخابات عام 2005، استغرقت الفترة من وفاة البابا يوحنا بولس الثاني حتى انتخاب بنديكتوس السادس عشر 17 يومًا.
أما في حالة البابا فرنسيس، فانتخابه لم يأتِ بعد وفاة سلفه، بل بعد استقالة البابا بنديكتوس، مما جعل الإجراءات مختلفة.