ذكرت صحيفة "لونج وور جورنال" أن "محور موراج بات يشكل عنصرًا مركزيًا في استراتيجية رئيس وزراء سلطات الاحتلال الإسرائيلي بنيامين نتنياهو لتقسيم قطاع غزة جغرافيًا وإعادة تشكيل واقعه الديموغرافي.
وأضافت الصحيفة الأمريكية أن هذا الممر الأمني المستحدث، الذي يهدف إلى عزل مدينة رفح عن خان يونس، يُعدّ جزءًا من خطة أوسع لتعزيز السيطرة العسكرية الإسرائيلية على القطاع.
تجدر الإشارة إلى أن اختيار نتنياهو لاسم الممر الأمني، "موراج" جاء تيمنًا باسم مستوطنة سابقة في قطاع غزة أقيمت في 1972 وهدمت في 2005، وكانت تقع في الطرف الجنوبي الغربي من غزة ضمن تجمع مستوطنات غوش قطيف.
وتأسست بهدف مراقبة تحركات الفلسطينيين، قبل أن تُحول في عام 1982 إلى مستوطنة سكنية وزراعية دينية.
واعتمد سكانها، حوالي 200 نسمة موزعين على 40 عائلة بحلول عام 2005، على زراعة الزهور والخضروات في الدفيئات باستخدام الأراضي والمياه الفلسطينية.
وتم إخلاء موراج وهدمها بالكامل في 17 أغسطس 2005 ضمن خطة فك الارتباط الإسرائيلية التي أشرف عليها رئيس الوزراء آنذاك أرييل شارون، بسبب ارتفاع تكلفة الاستيطان وتصاعد المقاومة الفلسطينية.
وأُعيد استخدام اسم "موراج" لاحقًا في 2025 للإشارة إلى محور أمني يفصل بين رفح وخان يونس، ما أثار شكوكًا قوية حول نوايا إسرائيل لإعادة السيطرة على المنطقة.
ووفقًا لصحيفة الجارديان، كان نتنياهو قد أعلن عن إنشاء هذا الممر لفصل أجزاء غزة، مما يُسهل إقامة مناطق عازلة ونقاط تفتيش دائمة.
وأشارت صحيفة "تاج شو" الألمانية إلى أن مخطط نتنياهو يتضمن إقامة "منطقة خالية من السلاح" في جنوب غزة، تُدار مدنيًا تحت إشراف إسرائيلي، مع نشر قوات عسكرية دائمة لضمان السيطرة.
ويمتد محور موراج على طول 4 كيلومترات، ويُستخدم لتقطيع القطاع إلى مناطق منفصلة، مما يُعيق حركة السكان ويُعزز السيطرة على تدفق المساعدات.
وهذه الخطوة، التي بدأ تنفيذها في أوائل 2025، تُثير مخاوف من أنها تهدف إلى إعادة استيطان إسرائيلي في غزة، خاصة مع دعوات وزراء اليمين المتطرف، مثل إيتمار بن غفير، لإعادة بناء المستوطنات، كما أكدت صحيفة هآرتس.
وأشارت الصحيفة الإسرائيلية إلى أن هذه السياسة تعكس نية إسرائيل لتغيير الواقع الديموغرافي والجغرافي بشكل دائم، مما يُعزز اتهامات بمحاولة "تطهير عرقي" تحت غطاء الضرورات الأمنية.
التهجير "الطوعي": غطاء للتطهير العرقي
يُعتبر مصطلح "التهجير الطوعي" غطاءً لسياسة تطهير عرقي قسري، وفقًا لتحليل صحيفة "إنفوباي" الإسبانية، يسعى نتنياهو لإنشاء آلية إدارية لتسهيل خروج الفلسطينيين من غزة، مدعيًا أنها "طوعية"، لكنه أشار إلى صعوبة إيجاد دول مضيفة بسبب الرفض الدولي، وذكرت صحيفة "سفوبودا" الروسية أن البيت الأبيض، في ظل إدارة ترامب، يدرس إعادة توطين مليون فلسطيني في ليبيا، وهو اقتراح أيده نتنياهو.
وأضافت "كورييه إنترناسيونال" الفرنسيةأن الخطة تشمل تهجير مليوني فلسطيني إلى منطقة محدودة في جنوب غزة، مع تقليص مساحة القطاع المتاحة للسكان إلى أقل من 20% من مساحته الأصلية، وفقًا لتقديرات معهد ستوكهولم الدولي لأبحاث السلام، وهذه الخطط تتماشى مع أجندة اليمين المتطرف الإسرائيلي، بقيادة وزراء مثل بتسلئيل سموتريتش، الذين دعوا صراحةً إلى إعادة استيطان غزة وطرد السكان الفلسطينيين.
ويعد مصطلح "التهجير الطوعي" مضللا إلى حد بعيد، فما يحدث على أرض الواقع ينم عن فرض الرحيل على الفلسطينيين تحت ضغط الحصار، والقصف المستمر، وتدمير البنية التحتية، مما يجعل البقاء في غزة مستحيلًا.
وأكد موقع "ذا إنترسبت" الأمريكي أن هذه السياسات تساهم في تفاقم المأساة الإنسانية، حيث يُقتل المدنيون أثناء انتظارهم للمساعدات في مناطق مثل رفح، مما يُعزز الانطباع بأن التهجير هو نتيجة لسياسة ممنهجة.
الدعم الأمريكي ودور ترامب
يلعب الدعم الأمريكي، خاصة من إدارة دونالد ترامب، دورًا حاسمًا في تمكين خطط نتنياهو، وكان ترامب قد اقترح إخلاء غزة من سكانها وإقامة سيطرة أمريكية لإعادة بناء القطاع كمنطقة تحت الإشراف الدولي، وهو اقتراح لاقى تأييد نتنياهو خلال لقاء سابق لهما في واشنطن.
وأشارت هآرتس إلى أن هذه الخطة تتضمن إنشاء مستوطنات إسرائيلية جديدة في شمال غزة، مع نقل السكان الفلسطينيين إلى مناطق بديلة، وهو ما أكدته صحيفة "لوموند" الفرنسية التي نقلت عن مصادر دبلوماسية أمريكية تأييدها لهذا المخطط.
المعارضة الدولية والإقليمية
تواجه خطط نتنياهو معارضة دولية وإقليمية قوية تعكس تعقيدات الوضع الجيوسياسي. أكدت "لوموند" أن السلطة الفلسطينية رفضت خطة نتنياهو للسيطرة الأمنية على غزة، معتبرة إياها استمرارًا للاحتلال وانتهاكًا للقانون الدولي.
كما أن دولًا عربية مثل مصر والأردن والسعودية، إلى جانب دول أوروبية مثل فرنسا وألمانيا، رفضت مقترحات ترامب لتهجير الفلسطينيين، معتبرة إياها خرقًا لاتفاقيات جنيف.