اعتبرت وكالة أنباء "أسوشيتيد برس" أن اليابان تسير حاليا على حبل مشدود بين الولايات المتحدة والصين أملًا في مواجهة الرسوم الجمركية التي فرضها الرئيس دونالد ترامب على العالم برمته وتحقيق انفراجة في العلاقات مع جارتها الآسيوية.
وذكرت الوكالة الأمريكية، في تقرير بثته اليوم (الثلاثاء)، أنه في الوقت الذي سافر فيه كبير المفاوضين التجاريين اليابانيين إلى واشنطن لإجراء جولة أخرى من محادثات الرسوم الجمركية الأسبوع الماضي، كانت وفود برلمانية يابانية متعددة الأحزاب تختتم زيارة إلى بكين تحت شعار "الصداقة اليابانية الصينية".
وقبل ذلك بأسبوع، زار زعيم الحزب الصغير في الائتلاف الحاكم في اليابان العاصمة الصينية حاملًا رسالة من رئيس الوزراء الياباني شيجيرو إيشيبا إلى الرئيس الصيني شي جين بينج. ورغم أنه لم تُكشف تفاصيل الرسالة، إلا أن الجانبين ناقشا الرسوم الجمركية الأمريكية إضافة إلى قضايا ثنائية أخرى.
وأضافت "أسوشيتيد برس" أن اليابان تبرز حاليًا، وسط محاولات الصين لكسب تأييد حلفاء الولايات المتحدة في صراعها التجاري مع واشنطن، كحالة فريدة فهي حليف وثيق لأمريكا، لكنها في الوقت نفسه ترتبط بعلاقة تاريخية شائكة ومعقدة مع جارتها الآسيوية العملاقة، ما يجعل موقفها بالغ الحساسية في هذا النزاع.
وتعليقًا على ذلك، قال ماثيو جودمان، مدير مركز جرينبرج للاقتصاديات الجغرافية في مجلس العلاقات الخارجية: "من ناحية، هما جاران وشريكان اقتصاديان مهمان. هناك الكثير مما يربط اليابان والصين.. لكن من ناحية أخرى، أعتقد أن هناك حدودًا لمدى ميلهم نحو الصين".
وفي حين أن اليابان لن تتخلى عن تحالفها مع الولايات المتحدة إذ أنه ركيزة دبلوماسية للدولة الآسيوية وسياساتها الأمنية، قال جودمان:" إن التعريفات الجمركية وعدم اليقين اللذين خلقهما ترامب لليابان أحدثا هزة حقيقية في طوكيو".
ففي الشهر الماضي، أعلن الرئيس ترامب عن تعريفة جمركية بنسبة 24% على البضائع اليابانية في خطة شاملة لفرض رسوم جمركية على حوالي 90 دولة. بعد ذلك، أوقف البيت الأبيض منذ ذلك الحين الرسوم الجمركية، مع فرض رسوم أساسية بنسبة 10% على جميع الدول باستثناء الصين، مما أتاح وقتًا للمفاوضات. ومع ذلك، دخلت ضريبة ترامب البالغة 25% على صادرات الألومنيوم والصلب والسيارات حيز التنفيذ بالنسبة لليابان.
وبحسب "أسوشيتيد برس"، أثارت هذه التحركات المتعلقة بالرسوم الجمركية، بالإضافة إلى أجندة ترامب التي تتخذ من "أمريكا أولًا" شعارًا لها، شكوكًا لدى اليابانيين حول ما إذا كانت الولايات المتحدة لا تزال حليفًا موثوقًا به، بينما تحشد الصين الدعم من الدول المهددة بالرسوم الجمركية بما في ذلك اليابان، والتي باتت ترى في بكين بوادر إيجابية.
وتابعت الوكالة أنه بينما قاد تيتسو سايتو وفد حزب كوميتو الياباني إلى بكين في أواخر أبريل الماضي، لمحت الصين إلى صعوبة في نزاعها مع الولايات المتحدة بشأن الرسوم الجمركية، مشيرةً إلى استعدادها لتحسين العلاقات مع طوكيو. وقال مسئول صيني كبير لم يكشف عن اسمه إن بلاده "في ورطة حقيقية" عند مناقشة رسوم ترامب الجمركية البالغة 145% على المنتجات الصينية، وفقًا لتقارير يابانية.
وتبعت زيارة سايتو زيارة الوفد الحزبي لاتحاد البرلمانيين للصداقة اليابانية الصينية. وصرح تشاو لي جي، كبير المشرعين في بكين، للوفد بأن المجلس الوطني لنواب الشعب الصيني "مستعد لإجراء أشكال مختلفة من الحوار والتبادلات".
ورغم أن بكين لم ترفع حظرها على واردات المأكولات البحرية اليابانية كما كان يأمل الموفدون اليابانيون، لكنها أشارت إلى "مؤشرات إيجابية" بشأن تقييمها لسلامة تصريف مياه الصرف الصحي المعالجة من محطة فوكوشيما دايتشي للطاقة النووية. وكانت بكين قد حظرت منتجات المأكولات البحرية اليابانية في عام 2023، مشيرةً إلى تلك المخاوف.
وأشارت "أسوشيتيد برس" إلى حقيقة أن العلاقات بين طوكيو وبكين لطالما اتسمت بالتوتر. ففي السنوات القليلة الماضية، لم يقتصر الخلاف بينهما على حظر المأكولات البحرية فحسب، بل امتد إلى نزاعات إقليمية طويلة الأمد حول جزر سينكاكو، أو دياويو، في بحر الصين الشرقي وتنامي نفوذ بكين العسكري والعنف ضد المواطنين اليابانيين في الصين- وهي قضية زاد من تعقيدها التاريخ المضطرب للبلدين.
كما أثارت علاقات طوكيو الوثيقة مع واشنطن خلال رئاسة الرئيس السابق جو بايدن استياء بكين، التي اعتبرتها جزءًا من الاستراتيجية الأمريكية لاحتواء الصين، وحثت طوكيو على "مواجهة تاريخ العدوان والتأمل فيه".. حسب تعبيرها.
وبخصوص رئيس الوزراء الياباني إيشيبا الذي انتُخب في أكتوبر الماضي، فهو يتمتع- حسبما أبرزت الوكالة- بنظرة أكثر حياديةً تجاه تاريخ بلاده مع الصين من سلفه الراحل شينزو آبي وخليفتيه.
وبعد أسابيع من توليه منصبه، أجرى إيشيبا محادثات مع شي على هامش قمة القادة. ومع ذلك، يرى باحثون صينيون أن انخراط طوكيو الأخير مع بكين يُعدّ خطوةً عمليةً للتحوط من الحمائية الأمريكية وليست استراتيجيةً طويلة الأمد لتحقيق الاستقرار مع الصين.
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق