12:55 م - الأحد 6 يوليو 2025

مع عودة دونالد ترامب إلى البيت الأبيض في يناير 2025، أعيد تفعيل سياسة الرسوم الجمركية بوتيرة متسارعة، شملت عدة دول وقطاعات حيوية. جاءت هذه الخطوة في إطار سعي الإدارة إلى دعم الإنتاج المحلي وتقليل الاعتماد على الواردات، لكنها أثارت جدلًا واسعًا حول تأثيرها الفعلي على الاقتصاد الأميركي. وبينما تنقسم الآراء بين من يراها حماية للصناعة الوطنية ومن يعتبرها عبئًا على النمو، يتضح أن تداعيات هذه السياسة أكثر تعقيدًا مما تبدو عليه.
الرسوم تتوسع: من الشركاء إلى الخصوم
بدأ تطبيق الرسوم الجديدة على المكسيك وكندا والصين، قبل أن تمتد إلى الصلب والألمنيوم والسيارات، وصولًا إلى إعلان موجة جديدة من الرسوم في ما أُطلق عليه "يوم التحرير".
النسب التي تم فرضها تنوعت بين 20% على السلع الأوروبية، و145% على منتجات صينية، و46% على واردات من فيتنام، ما أحدث ارتباكًا في الأسواق الدولية.
التجارة في حالة اضطراب
التدفق السريع للبضائع نحو السوق الأميركية مطلع العام أعقبه تباطؤ حاد في شهري أبريل ومايو. ورغم هذه التذبذبات، ارتفعت واردات السلع خلال أول خمسة أشهر من العام بنسبة 17% مقارنة بالفترة ذاتها من العام السابق.
لكن مستقبل التجارة بات مرهونًا بقرار تمديد تجميد الرسوم المؤقت أو العودة إلى تنفيذ الإجراءات الأكثر تشددًا، وسط تحذيرات من احتمالية دخول الاقتصاد في حالة ركود قصير الأجل في حال إعادة فرض الرسوم المرتفعة.
الأسعار تحت المراقبة
حتى الآن، لم تُظهر معدلات التضخم العامة ارتفاعات كبيرة، حيث سجلت أسعار المستهلكين زيادة بنسبة 0.1% فقط بين أبريل ومايو. ومع ذلك، بدأت بعض القطاعات، مثل الألعاب، تشهد ارتفاعات في الأسعار.
عدد كبير من السلع التي شملتها الرسوم الجديدة لم تصل بعد إلى الأسواق، وقد تختار الشركات رفع أسعارها تدريجيًا لتجنب ردود فعل سلبية. ومع أن الإدارة تطالب الشركات بتحمّل العبء، إلا أن التقديرات تشير إلى أن المستهلك الأميركي سيكون المتأثر الأول على المدى المتوسط.
تباطؤ ملحوظ في الإنفاق
تراجعت ثقة الأسر في الأداء الاقتصادي خلال النصف الأول من العام. سجلت مبيعات التجزئة انخفاضًا بنسبة 0.9% من أبريل إلى مايو، وهو التراجع الثاني على التوالي، في سابقة لم تحدث منذ نهاية 2023.
وبالنظر إلى الإنفاق الاستهلاكي، تراجع نموه إلى أدنى مستوياته منذ عام 2020، كما سجل انخفاضًا غير متوقع في مايو، ما يشير إلى بداية تباطؤ فعلي في حركة الاستهلاك.
سوق العمل متماسكة مؤقتًا
رغم المؤشرات السلبية في بعض القطاعات، لا يزال سوق العمل محافظًا على درجة من التماسك، مع استقرار معدل البطالة عند 4.2%.
استمر خلق الوظائف بوتيرة قريبة من متوسط الأشهر الماضية، لكن في المقابل، بدأت بعض الشركات بتجميد التوظيف وتقليص خطط الاستثمار، في ظل حالة من عدم اليقين الناتجة عن السياسة التجارية الجديدة.
حالة ترقّب وجمود اقتصادي
المرحلة الحالية توصف بالجمود المؤقت، حيث تؤجل الشركات قراراتها الرئيسية، وتراقب الأسواق تطورات السياسة الجمركية.
غياب الوضوح بشأن مستقبل العلاقات التجارية وزيادة الرسوم، يضع الاقتصاد الأميركي في موقف هش، قد لا يتحمل استمراره طويلاً دون تأثيرات ملموسة على النمو والإنتاج.
تُمثل الرسوم الجمركية أداة ذات حدين: من جهة، ترفع شعارات الحماية وتدعم الإنتاج المحلي، ومن جهة أخرى، تنطوي على مخاطر تباطؤ النمو وارتفاع الأسعار وتقييد التجارة. الاقتصاد الأميركي يقف أمام تحدٍ مركّب؛ فإما أن ينجح في توظيف هذه السياسات لتحقيق الاستقلال الصناعي وتحسين الميزان التجاري، أو يجد نفسه أمام موجة انكماش ناتجة عن العزلة التجارية والجمود الاستثماري. وفي الحالتين، تبقى الحاجة ملحّة إلى مراجعة متأنية للسياسات، توازن بين الحماية والمنافسة، وبين السيادة الاقتصادية والانفتاح العالمي.
إخلاء مسؤولية إن موقع عاجل نيوز يعمل بطريقة آلية دون تدخل بشري،ولذلك فإن جميع المقالات والاخبار والتعليقات المنشوره في الموقع مسؤولية أصحابها وإداره الموقع لا تتحمل أي مسؤولية أدبية او قانونية عن محتوى الموقع.