في منزل بسيط تملأ أركانه خيوط الغزل وأدواته اليدوية، بقرية "الحلوس" التابعة لمحافظة الإسماعيلية، تعيش الحاجة سيدة، السيدة الستينية التي أصبحت رمزًا في مهنتها. لم يمنحها الصيادون لقب "الريس" مجاملة، بل لأنه في كل شبكة تُحيكها، يرون الإتقان والبركة.
ورثت المهنة عن جدتها
تقول الحاجة سيدة لموقع "تحيا مصر":
"أنا باشتغل الغزل من وأنا صغيرة، وورثته عن جدتي، وبقاله في حياتي 55 سنة... مقدرش أعيش من غيره."
لقب الريس لم يأتِ من فراغ
تتابع الحاجة سيدة حديثها بفخر:
"الصيادين سمّوني الريس لأني باشتغل الشغلانة دي بروقان وبضمير. مش فارق معايا الفلوس قد ما يهمني الشغل يطلع حلو... أهم حاجة إن محدش يشتكي من شغلي أو يقول إن الغزل بايظ."

الصيادون أولادها والضمير رفيقها
تحكي السيدة الستينية، التي تعيش بمفردها وتعتمد على ما تجنيه من غزل الشِباك، عن علاقتها بالصيادين قائلة:
"بحس إنهم ولادي، عشان كده
عمري ما ضغطت في الفلوس، رغم إن الشغلانة مرهقة جدًا. بس والله لو قعدت من غير شغل، باتعب أكتر."

رفضت الراحة رغم كبر سنها
ورغم أن أبناءها الأربعة يتمنون لها الراحة، إلا أن الحاجة سيدة لا تستطيع التخلي عن المهنة التي أصبحت جزءًا من كيانها:
"أولاد عيالي بيجوا يبصوا عليّا، وابن بنتي ساعات يقعد يتفرج عليّا وأنا بغزل، بس العيال الصغيرين بيهدوا لي الشغل لما يقربوا منه"، قالتها وهي تضحك، قبل أن تضيف:
"أنا بشتغل بضمير، عشان كده رزقي حلال وربنا بيباركلي."
معاش موقوف ونداء للمسؤولين
وعن حالها المادي، تقول الحاجة سيدة بصراحة مؤثرة:
"أنا مريضة وبقعد لوحدي، ومليش دخل تاني، نفسي المعاش يرجع تاني... كنت باخد تكافل وكرامة واتوقف، وأنا بناشد المسؤولين يرجعوه تاني. معرفش أعمل غير الغزل، ولو وقف، يبقى مفيش أكل عيش."
سيدة مصرية أصيلة
الحاجة سيدة ليست مجرد امرأة تمتهن الغزل، بل مثال حي للسيدة المصرية الجدعة، التي لم تمنعها الظروف ولا السنوات من أن تكون منتجة ومكافحة، تستحق كل دعم وتقدير.