لعب دورًا قياديًا في تنفيذ برامج الإصلاح المصرفي وإعادة هيكلة القطاع المالي
ظهر كواجهة اقتصادية مؤثرة أثارت اهتمام وتقدير المؤسسات المالية العالمية وصناديق الاستثمار الكبرى
صافي ربح 132.1 مليار جنيه بنهاية مايو 2025 يعكس سياسة إدارة رشيدة توازن بين تحقيق العائد والاستقرار
جدارته في التعامل مع تحديات ملف النقد وسياساته المتزنة جعلته ينجح في بناء ثقة كبيرة مع العالم
امتلك حضورًا دوليًا واسعًا جعله أحد الوجوه المصرية البارزة في مجال الاستشارات المالية والمصرفية
وظف الودائع الخليجية لتحقيق عائدًا واستخدم أدوات السياسة النقدية التقليدية للسيطرة على التضخم
أرصدة الذهب باحتياطي النقد الأجنبي تصعد إلى 13.639 مليار دولار وتحويلات المصريين تقفز بنسبة 82.7 %
قرار التجديد لحسن عبدالله محافظا لبنك المركزي للعام الرابع، جاء في فترة زمنية بالغة الدقة، تتطلب مزيد من الثبات ومواصلة النجاح في تحقيق الاستقرار واحتواء أية تداعيات اقتصادية يمكن أن تحدث نتيجة للأزمات المتلاحقة التي يمر بها العالم وحالة الاضطراب والصراع المحتدم في المنطقة والإقليم كله .
وما قام به حسن عبدالله خلال السنوات الماضية، وتمكنه من قيادة قارب «النجاة المالية» لمصر، رغم الأمواج الاقتصادية العاتية والمتلاطمة ، كان محل تقدير وفخر من الجميع وعلى رأسهم القيادة السياسية التي قررت مؤخرًا تجديد الثقة فيه، وكذلك المؤسسات المالية الدولية والبنوك المركزية النظيرة على مستوى العالم، فقد أثنى الجميع على أداء “عبدالله” المالي خلال فترة قيادته البنك المركزي المصري، وأبدوا تقديرهم الكبير لقدرته الفائقة على صبط السياسة النقدية المصرية، ومواجهة الأزمات الاقتصادية المتلاحقة وما أصاب السوق من تضخم غير مسبوق وما نال السيولة النقدية والعملة الصعبة من نقص واضطراب شديدين، كادت جميعها أن تأخذ الاقتصاد الوطني نحو طريقا السير فيه مستحيلاً والعودة منه أكثر من مستحيلة. والقراءة المتأنية لقرار التجديد لحسن عبدالله محافظا للبنك المركزي( توقيته – مبرراته – ومستهدفاته )، جميعها تصب في خانة عنوانها «حسن عبدالله الشخصية المصرفية الاستثنائية»، ومن يريد تحديد تفسيرات وإجابات حول السؤال المهم «لماذا تم التجديد لحسن عبدالله ؟»،عليه البحث في مسيرة هذا الرجل منذ أن تخرج في الجامعة الأمريكية مرورا بتجربته الفريدة في البنك العربي الأفريقي والمتحدة للخدمات الاعلامية، وصولا إلى البنك المركزي المصري.
« العقارية «من جانبها وعبر السطور التالية تقدم نتيجه جهد وبحث موضوعي في سيرة ومسيرة حسن عبدالله، عبر تحصيل لعدد كبير من أراء ووجهات نظر خبراء اقتصاديين ومصرفيين وشخصيات مالية مصرية وإقليمية ودولية، تحاول الإجابة عن أسباب التجديد لحسن عبدالله الذي يستحق بجدارة أن نقول عليه مهندس السياسة النقدية المصرية بل مهندس عملية ضبط المنظومة النقدية المصرية كلها، في فترة من أصعب الفترات التي مر بها الوطن .
شبكة العلاقات المحلية والدولية التي يمتلكها حسن عبدالله، لم تعزز فقط من ثقة المؤسسات الدولية في الاقتصاد المصري، بل منحت مصر أدوات عملية للتعامل مع أزماتها النقدية بمرونة أكبر، وأظهرت أن الإدارة النقدية لا تنجح إلا حين تكون جزءًا من معادلة دولية أوسع.
فلم يكن المشهد الاقتصادي وقتما تولى حسن عبدالله قيادة «المركزي»مجرد مجموعة من التحديات، بل كان أشبه بمفترق طرق شديد الحساسية والتعقيد، فكان الاقتصاد المصري يرزح تحت وطأة ضغوط مركّبة، نتجت عن تداعيات جائحة كورونا التي أثرت على سلاسل الإمداد وعائدات السياحة، وتفاقمت بشكل حاد مع اندلاع الحرب الروسية الأوكرانية التي أدت إلى صدمة عالمية في أسعار السلع الأساسية والطاقة، وجدت مصر نفسها في قلب هذه العاصفة، وفي مواجهة هذا المشهد، كانت الحاجة ملحّة إلى إعادة صياغة كاملة لفلسفة السياسة النقدية، والانتقال من نهج رد الفعل الدفاعي إلى استراتيجية استباقية متكاملة، وهذا هو المسار الذي اختارته الإدارة الجديدة للبنك المركزي بقيادة «عبدالله»، فلم تكن الخطة مجرد إجراءات متفرقة، بل كانت رؤية شاملة تقوم على تصحيح الاختلالات الهيكلية واستعادة الثقة كهدف استراتيجي أسمى.
مرتكزات الاستراتيجية
هذه الاستراتيجية اعتمدت على ركيزتين مهمتين الأولي كانت تحقيق التكامل والتنسيق التام مع صانعي السياسة المالية والقيادة السياسية. تم إدراك أن قرارات البنك المركزي لا يمكن أن تنجح في معزل؛ فرفع الفائدة لكبح التضخم يفقد جدواه إذا كانت السياسة المالية توسعية بشكل مفرط، وتحرير سعر الصرف يصبح أكثر خطورة دون وجود شبكة أمان اجتماعي قوية، لذلك، شهدت تلك الفترة مستوى غير مسبوق من التنسيق بين البنك المركزي ووزارة المالية، سواء في إدارة الدين العام، أو في ضبط وتيرة المشروعات الحكومية، أو في توجيه الموارد نحو الأولويات القصوى، مما منح السوق والمستثمرين صورة واضحة ومطمئنة حول وجود رؤية اقتصادية موحدة للدولة.
والركيزة الثانية كانت تبني إطار عمل مرن وقادر على التكيف مع المتغيرات العالمية المتسارعة، حيث ولّى زمن السياسات النقدية الجامدة ، فالعالم أصبح أكثر تقلبًا، والصدمات الخارجية أصبحت أكثر تواترًا، ومن هنا، تم التركيز على بناء المرونة داخل النظام الاقتصادي ، ولم يعد الهدف هو تثبيت سعر الصرف عند رقم معين، بل إدارته بمرونة تسمح له بامتصاص الصدمات ،ولم يعد الهدف هو القضاء التام على التضخم فورًا، بل إدارته بشكل تدريجي يعيد التوازن دون خنق النمو الاقتصادي ، وهذا النهج تطلب استخدامًا ذكيًا ومتنوعًا للأدوات المتاحة، فلم يقتصر الأمر على أداة الفائدة التقليدية، بل امتد ليشمل عمليات السوق المفتوحة، وإدارة السيولة المصرفية بدقة، وتطوير أدوات مالية جديدة ، كانت الفلسفة الجديدة هي أن قوة السياسة النقدية لا تكمن في عنادها، بل في قدرتها على التكيف، وهو ما ساعد على امتصاص جزء كبير من المخاوف التي كانت ترافق عادةً القرارات الاقتصادية الكبرى، ووضع الاقتصاد المصري على مسار تصحيحي استعاد به جزءًا كبيرًا من توازنه وثقة الأسواق.
مقاربة مختلفة
وعلى مدارالثلاث سنوات الماضية كان واضحًا أن الدولة المصرية تتجه نحو مقاربة مختلفة وأكثر عمقًا للتعامل مع واحدة من أصعب الأزمات الاقتصادية في تاريخها الحديث، في تلك اللحظة الحرجة، التي اتسمت بضغوط غير مسبوقة على الجنيه، وتضخم جامح، وشح في العملة الصعبة، لم تكن هناك حاجة لمجرد موظف بيروقراطي، بل كانت الحاجة ماسة إلى شخصية تجمع بين الخبرة المصرفية العميقة، والفهم الدقيق للأسواق العالمية، والسمعة الموثوقة التي يمكن أن تبعث برسالة طمأنة إلى الداخل والخارج، وقد جسد حسن عبد الله هذه المواصفات بدقة.
ومسيرته المهنية الطويلة والغنية كانت بمثابة إعداد متواصل لهذه المهمة الصعبة، تخرج في الجامعة الأمريكية بالقاهرة، وبنى سمعته كأحد أبرز المصرفيين في مصروالمنطقة من خلال رحلته التحويلية في البنك العربي الأفريقي الدولي ،على مدى سنوات توليه منصب الرئيس التنفيذي، لم يكتفِ بإدارة البنك، بل قاده في عملية إعادة هيكلة شاملة، محولاً إياه من مؤسسة تقليدية إلى واحد من أكثر البنوك حداثة وابتكارًا في السوق المصرية، تحت قيادته، تبنى البنك أحدث التقنيات المصرفية، وركز على مفاهيم الحوكمة والاستدامة، ووسع من بصمته الدولية، مما أكسبه احترامًا واسعًا في الدوائر المالية المحلية والعالمية، هذه التجربة منحته فهمًا عمليًا لا يقدر بثمن لكيفية إدارة المؤسسات المالية الكبرى في بيئة تنافسية، وكيفية الموازنة بين المخاطر والنمو.
وحين نتأمل المسيرة المصرفية لحسن عبد الله قبل وصوله إلى منصب محافظ البنك المركزي المصري، سنجد أمامنا شخصية صنعت لنفسها تاريخًا ممتدًا من الإنجازات داخل القطاع المالي والبنكي، وتركزت معظمها في تجربة البنك العربي الأفريقي الدولي، الذي كان بمثابة المعمل الحقيقي الذي اختبر فيه عبد الله أدواته الإدارية وقدرته على صياغة سياسات مصرفية تتواءم مع التحولات المحلية والإقليمية والدولية، فمنذ أن التحق بالبنك في مطلع الثمانينيات عقب تخرجه في الجامعة الأمريكية بالقاهرة، كان واضحًا أن لديه طموحًا يتجاوز حدود الوظيفة التقليدية، إذ بدأ عمله في قطاع التداول، لكنه سرعان ما أظهر قدرة على قراءة الأسواق وإدارة المخاطر، ما أهّله للتدرج بسرعة لافتة حتى وصل إلى موقع المدير العام في أواخر التسعينيات، ثم أصبح نائب رئيس مجلس الإدارة والمدير التنفيذي بحلول عام 2002.
حضور دولي
كان لعبد الله حضور دولي واسع جعله أحد الوجوه المصرية البارزة في مجال الاستشارات المالية والمصرفية، فقد انضم إلى مجالس استشارية كبرى مثل المجلس الاستشاري لأسواق المال الناشئة التابع للمعهد الدولي للتمويل في واشنطن، كما كان له مقعد في المجلس الاستشاري لبورصة لندن لشؤون إفريقيا، إلى جانب أدوار مهمة في الاتحاد بين البنوك العربية والفرنسية في هونغ كونغ، فضلاً عن رئاسته للجنة الإقليمية لمنطقة الشرق الأوسط وأفريقيا وآسيا التابعة للجمعية الدولية لأسواق رأس المال في زيورخ ، هذه المناصب لم تكن مجرد ألقاب بقدر ما كانت اعترافًا عالميًا بكفاءة مصرفي مصري قادر على تقديم إضافة فكرية وعملية في أسواق المال الدولية.
على مدار العام الماضي، بروز «حسن عبد الله» بشكل ملحوظ على الساحة العالمية، ليس فقط كرئيس للبنك المركزي المصري بل كواجهة اقتصادية مؤثرة أثارت اهتمام المؤسسات المالية الدولية وصناديق الاستثمار الكبرى التي استجابت لقيادته المتوازنة في وسط ظروف صعبة ومعقدة.
ولم يقتصر حضوره على المؤسسات المالية الكبرى، بل شملت مشاركاته اللقاءات الإقليمية المهمة، مثل لقاء محافظي البنوك المركزية العربية، حيث جدد التزام مصر بالانخراط الفعّال في اللجان والفرق العاملة، وعبر عن رؤيته للتكامل العربي الاقتصادي كعامل استقرار إضافي في مرحلة دقيقة تمر بها المنطقة.
المركز المالي
وفي ظل التحديات الاقتصادية الإقليمية والعالمية، واصل البنك المركزي المصري تحت قيادة المحافظ حسن عبد الله إظهار قدرة عالية على إدارة موارده وتعزيز متانته المالية ، فقد كشف التقرير الشهري للمركز المالي عن تسجيل صافي ربح قدره 132.1 مليار جنيه بنهاية مايو 2025، مقارنة بـ 150.1 مليار جنيه في أبريل 2025، وهو ما يعكس سياسة إدارة رشيدة توازن بين تحقيق العائد والاستقرار.
وعلى صعيد الأصول، بلغ إجمالي أصول البنك المركزي نحو 6.357 تريليون جنيه بنهاية مايو 2025، مقابل 6.390 تريليون جنيه في الشهر السابق، وهو ما يبرهن على استثمار كفء للأصول بما يحافظ على قوة الموقف المالي ، وفيما يتعلق بالاستثمارات المؤسسية، انخفضت مساهمات البنك في رؤوس أموال الشركات التابعة والشقيقة إلى 88.759 مليار جنيه، مقارنة بـ 90.235 مليار جنيه في أبريل، بينما استقرت مساهماته في مؤسسات التمويل الدولية عند 27.734 مليار جنيه، بما يعكس نهجًا متوازنًا في إدارة محفظة الاستثمارات.
الاحتياطي النقدي
ويمثل الاحتياطي النقدي الأجنبي أحد أعمدة الاستقرار المالي لمصر، وخط الدفاع الأول عن الاقتصاد المصري في مواجهة الأزمات الخارجية، إلا أن هذا الخط تعرض لضغوط غير مسبوقة خلال السنوات الأخيرة ، فمع تراكم التزامات خدمة الدين الخارجي، وارتفاع فاتورة الاستيراد، وتذبذب تدفقات النقد الأجنبي من مصادرها التقليدية كالسياحة وتحويلات المصريين بالخارج، أصبح الحفاظ على مستوى آمن ومستقر من الاحتياطي هو التحدي الأكبر والأكثر إلحاحًا على طاولة صانع السياسة النقدية.
وعلى صعيد الحفاظ على الاستقرار، نجح البنك المركزي في الحفاظ على رقم الاحتياطي عند مستويات تقارب 49 مليار دولار، وهو رقم يعكس استقرارًا وقدرة على الصمود في وجه التحديات العالمية، خاصة عند مقارنته بالانخفاضات الحادة التي أثارت قلق الأسواق في فترات سابقة ،لكن الأهم من الرقم هو كيفية إدارته ، فبدلاً من استنزافه بشكل عشوائي للدفاع عن سعر صرف مصطنع، تم توجيه استخدام الاحتياطي بحكمة نحو الأولويات القصوى، مثل سداد الالتزامات الخارجية الحتمية وضمان استيراد السلع الاستراتيجية، مع ترك سعر الصرف لآليات السوق المرنة لامتصاص الصدمات. هذه الإدارة الرشيدة كانت أحد أسرار استقرار الاحتياطي، حيث لم يعد يُستخدم كمسكّن مؤقت، بل كأداة استراتيجية تُستخدم عند الضرورة القصوى.
المحور الثاني والأكثر أهمية كان تنويع مكونات الاحتياطي ، لعقود طويلة، هيمن الدولار الأمريكي على سلة عملات الاحتياطي المصري، وهو ما جعل الاقتصاد شديد الحساسية تجاه السياسة النقدية الأمريكية وقيمة الدولار عالميًا.
إدراكًا لهذه المخاطر، تبنى البنك المركزي سياسة جديدة تهدف إلى تخفيف هذا الاعتماد المفرط، عبر إدخال عملات أخرى ذات ثقل في التجارة العالمية إلى مكونات الاحتياطي ، تم بالفعل إضافة اليوان الصيني، والين الياباني، والروبل الروسي، وعملات أخرى إلى جانب الدولار واليورو. هذا التحول لم يكن مجرد عملية فنية، بل كان قرارًا استراتيجيًا يتماشى مع التوجهات العالمية نحو نظام نقدي أكثر تعددية. فمع صعود قوى اقتصادية كبرى تبحث عن تقليل هيمنة الدولار، وجدت مصر أن الوقت مناسب لبناء احتياطي أكثر توازنًا ومرونة، قادر على تحمل الصدمات القادمة من اتجاهات مختلفة ، هذه السياسة المتكاملة لإدارة الاحتياطي أرسلت رسالة ثقة قوية إلى الداخل والخارج، مفادها أن البنك المركزي لا يدير الأزمة الحالية فقط، بل يبني حصونًا للمستقبل، مما عزز من الثقة في قدرة الاقتصاد المصري على الصمود والتعافي.
وقد سجل خلال النصف الأول من 2025 نموًا ملحوظًا ليصل إلى 48.700 مليار دولار في يونيو، مقارنة بـ 47.109 مليار دولار في ديسمبر 2024، بزيادة قدرها 1.591 مليار دولار وبمعدل نمو بلغ 3.37%.
وجاء هذا النمو نتيجة إدارة محكمة للاحتياطيات؛ إذ بدأ العام عند 47.265 مليار دولار في يناير بزيادة 156 مليون دولار، ثم واصل الارتفاع في فبراير إلى 47.394 مليار دولار، بزيادة 129 مليون دولار. وفي مارس، تسارعت وتيرة النمو ليسجل 47.757 مليار دولار بزيادة 363 مليون دولار، وهي الأكبر منذ بداية العام. كما واصل الاحتياطي ارتفاعه في أبريل إلى 48.144 مليار دولار، بزيادة 387 مليون دولار، ثم إلى 48.526 مليار دولار في مايو بزيادة 382 مليون دولار، وصولًا إلى أعلى مستوى خلال الفترة في يونيو عند 48.700 مليار دولار.
وتعزز بيانات يوليو 2025 هذا الاتجاه الإيجابي، حيث ارتفعت أرصدة الذهب المدرجة بالاحتياطي إلى 13.639 مليار دولار مقابل 13.586 مليار دولار في يونيو، كما صعدت قيمة العملات الأجنبية إلى 35.216 مليار دولار مقابل 35.076 مليار دولار. وارتفع رصيد حقوق السحب الخاصة إلى 183 مليون دولار مقارنة بـ 41 مليون دولار في الشهر السابق، وهو ما يعكس مرونة البنك المركزي في إدارة مكونات الاحتياطي وتنويع مصادره لضمان استدامة قدرته على دعم استقرار السوق المصري.
مبادلة العملات
في قلب أزمة شح الدولار العالمية التي ضغطت بشدة على الاقتصادات الناشئة، اختار البنك المركزي المصري أن يواجه التحدي عبر آلية مبادلة العملات. لم يكن ذلك مجرد إجراء تقني لتسهيل التجارة، بل تحولًا استراتيجيًا يعكس إدراكًا عميقًا للتحولات الجيوسياسية التي تعيد رسم ملامح النظام المالي الدولي.
ومع تصاعد التوترات العالمية وازدياد الدعوات إلى ما يعرف بـ «التخلص من هيمنة الدولار – De-dollarization”، وجدت مصر الفرصة سانحة لتنويع أدواتها المالية وتخفيف الضغط على احتياطياتها النقدية. الفكرة كانت بسيطة في ظاهرها لكنها عميقة في آثارها: إبرام اتفاقيات ثنائية مع شركاء تجاريين رئيسيين تسمح بتسوية المعاملات بالعملات المحلية مباشرة، متجاوزة بذلك الحاجة إلى الدولار كوسيط.
بدأ البنك المركزي بتفعيل هذه الآلية عمليًا عبر اتفاقيات ومفاوضات مع شركاء كبار مثل الصين وروسيا والهند وتركيا، إلى جانب بعض دول المنطقة، فعلى سبيل المثال، سمحت اتفاقية المبادلة مع الإمارات العربية المتحدة بتسهيل حركة التجارة والاستثمار، بينما مهدت المباحثات مع الصين الطريق لتسوية جزء من الواردات المصرية باليوان.
سعر الصرف
يبقى ملف سعر الصرف الأكثر تعقيدًا وحساسية، فقد عانت السوق لسنوات من تشوه هيكلي تمثل في وجود سعرين للعملة، رسمي وموازٍ، اتسعت الفجوة بينهما حتى تحولت إلى عقبة قاتلة أمام التجارة والاستثمار، وأفقدت المستثمرين الثقة في السوق.
في مارس 2024، جاء القرار الجوهري: تحرير كامل لسعر الصرف، بحيث يتحدد وفق آليات السوق. لم يكن هذا خفضًا تقليديًا للعملة، بل تحولًا فلسفيًا في السياسة النقدية. وتزامن ذلك مع رفع استثنائي للفائدة بمقدار 600 نقطة أساس في رسالة واضحة على جدية البنك المركزي في كبح التضخم وضبط السيولة.
النتائج جاءت سريعة؛ إذ اختفت السوق الموازية للعملة تقريبًا، وأكدت تقارير دولية أن الجنيه بدأ يُتداول دون قيمته الحقيقية، ما يعكس تجاوز السوق مرحلة الذعر. لكن البنك المركزي لم يكتفِ بالتحرير، بل انتقل إلى إدارة مرنة عبر تدخلات ذكية تمنع التقلبات الحادة وتسمح في الوقت نفسه للسعر بالتفاعل مع التدفقات الحقيقية.
كان هذا القرار بمثابة جراحة مؤلمة لكنها ضرورية، إذ أزال أحد أخطر التشوهات التي أعاقت الاقتصاد لعقود، وأعاد بناء الثقة، وأرسل إشارة لا لبس فيها بأن مصر ماضية بجدية في مسار إصلاح مستدام.
وفي خطوة وصفها خبراء الاقتصاد بـ التحول النوعي في إدارة ملف النقد الأجنبي، أطلق البنك المركزي المصري حزمة قرارات جديدة تستهدف ضبط التعاملات داخل البلاد ودعم استقرار النظام المصرفي، مع منح العملاء مزيدًا من المرونة في استخدام البطاقات والعمليات الدولية.
هذه الإجراءات، التي شملت إلزام البنوك بتسوية جميع معاملات نقاط البيع داخل مصر بالجنيه المصري فقط، وتخفيف قيود استخدام البطاقات بالخارج، تأتي في إطار استراتيجية شاملة لتحقيق التوازن بين حماية الاحتياطي النقدي وتحفيز النشاط التجاري والسياحي.
من الدعم إلى الشراكة
على مدى عقود، شكّلت «الودائع الخليجية» القادمة من دول شقيقة مثل السعودية والإمارات والكويت، أحد أهم مصادر الدعم المالي لمصر، ولعبت دورًا محوريًا في تعزيز الاحتياطي النقدي خلال فترات الأزمات. غير أن التعامل معها ظل في معظم الأحيان محكومًا بفلسفة قصيرة المدى، حيث اعتُبرت بمثابة «أموال مجمدة» في خزائن البنك المركزي تُستخدم لتقوية الاحتياطي مؤقتًا أو لسد فجوات تمويلية عاجلة ، ورغم أهمية هذا الدور، فإن الإدارة الجديدة للبنك المركزي، وبتنسيق وثيق مع القيادة السياسية، رأت أن هذا النموذج لم يعد كافيًا ولا مستدامًا، وأن المرحلة تقتضي الانتقال من منطق الدعم المالي إلى منطق الشراكة الاستثمارية طويلة الأجل.
بدأت هذه الرؤية بالتحرك على مسارين متوازيين، أولهما إعادة هيكلة الودائع القائمة بالفعل، بحيث جرى التفاوض مع الشركاء الخليجيين لتحويلها من ودائع قصيرة الأجل تثقل كاهل خدمة الدين، إلى ودائع متوسطة وطويلة الأجل تمنح الاقتصاد المصري أفقًا أوسع لإدارة التزاماته وتخفيف الضغط على ميزان المدفوعات.
أما على المسار الثاني والأهم يتمثل في توجيه التدفقات الجديدة، وجزء من الودائع القائمة، إلى استثمارات مباشرة في الاقتصاد الحقيقي. وهنا جاء التنسيق مع الصناديق السيادية الكبرى مثل صندوق الاستثمارات العامة السعودي (PIF)، وجهاز أبوظبي للاستثمار (ADIA)، وشركة القابضة (ADQ).
هذه الصناديق لم تعد تقدم دعمًا ماليًا فقط، بل دخلت في استثمارات استراتيجية بقطاعات حيوية، أبرزها الطاقة المتجددة، وخاصة مشروعات الهيدروجين الأخضر حيث تمتلك مصر ميزة تنافسية واضحة، والبنية التحتية عبر تطوير الموانئ والمناطق اللوجستية، والصناعة والزراعة كركائز أساسية للأمن الغذائي والتصنيع المحلي، والتكنولوجيا المالية والعقارات كقطاعات جاذبة للنمو والاستثمار طويل الأجل.
السياسة النقدية
يتبنى البنك المركزي المصري سياسة نقدية دقيقة تهدف إلى كبح التضخم مع دعم النمو الاقتصادي في نفس الوقت، وفي تقريره عن الربع الثاني من عام 2025، يتوقع البنك المركزي استمرار تعافي الاقتصاد المصري بنسبة نمو تصل إلى 4.8 %، بفضل الأداء الإيجابي للقطاعات الإنتاجية مثل الصناعات التحويلية غير البترولية وقطاع السياحة، وعلى الرغم من استمرار التضخم بمعدلات مرتفعة نسبيًا، فإن البنك يضع خططًا مدروسة للحد من التضخم.
وفيما يخص السيولة المحلية، يشير البنك المركزي إلى إدارة حكيمة للمعروض النقدي من خلال مراقبة سوق الإنتربنك، الذي شهد نشاطًا متزايدًا بنسبة 14 % في النصف الثاني من 2024/2025، كما يتوقع أن تصل السيولة المحلية إلى 24.2 % بنهاية 2026 قبل أن تتراجع إلى مستويات أكثر استدامة، وتأتي هذه السياسات في إطار رؤية استراتيجية طويلة المدى، تهدف إلى تحقيق توازن بين الاستقرار النقدي وتعزيز التنمية، في ظل التحديات الاقتصادية العالمية والإقليمية المستمرة.
ويواصل البنك المركزي المصري أداء دوره المحوري كحارس الاستقرار النقدي، مستندًا إلى أدوات مرنة وسياسات مدروسة تمزج بين الحذر والتقدم، ومن خلال تقريره الأخير تتكشف ملامح مرحلة دقيقة تشهد تعافيًا اقتصاديًا تدريجيًا، يقابله انضباط نقدي محسوب يستهدف كبح التضخم دون إعاقة النمو.
ففي وقت بدأت فيه مؤشرات الناتج المحلي الإجمالي الحقيقي في تسجيل أعلى مستوياتها منذ عامين، مدفوعة بنمو القطاعات الإنتاجية مثل الصناعات التحويلية غير البترولية وقطاع السياحة، يُبقي «المركزي» عينه على مؤشرات الأسعار، في ظل تضخم ما يزال مرتفعًا نسبيًا، لكنه يسير على مسار هبوطي مدروس نحو المستهدف البالغ 7 % ± 2 % بحلول نهاية 2026.
وعلى صعيد السيولة، يبرز الدور الفني للبنك المركزي في ضبط إيقاع المعروض النقدي، سواء من خلال إدارة سوق الإنتربنك الذي شهد نشاطًا ملحوظًا، أو عبر المتابعة الدقيقة لنمو السيولة المحلية، المتوقع أن يبلغ ذروته المؤقتة عند %24.2 في نهاية 2026، قبل أن يتراجع إلى مستويات أكثر استدامة.
أما في خلفية المشهد، فتقف مؤشرات غرفة مقاصة الشيكات شاهدًا على ديناميكية السوق المصرفي، بتسجيل أكثر من 6 ملايين عملية بقيمة تجاوزت 2.5 تريليون جنيه خلال سبعة أشهر فقط من العام الجاري، ضمن شبكة متكاملة من أنظمة الدفع والتسوية يديرها البنك بكفاءة عالية.
وتحت هذا الإطار، يتضح أن السياسة النقدية الراهنة لا تتحرك بردود أفعال آنية، بل وفق رؤية استراتيجية طويلة الأجل، توازن بين ضرورات الاستقرار ومتطلبات التنمية، وسط تحديات إقليمية ودولية تتطلب يقظة مستمرة وقرارات متزنة.
فيما أكد «المركزي» أن الضغوط التضخمية من جانب الطلب لا تزال محدودة، في ظل الأوضاع النقدية الحالية واستمرار فجوة الناتج السالبة. كما تبقى الأجور الحقيقية أقل من مستوياتها التاريخية، بما يساهم في كبح الضغوط التضخميةمن جهة الأجور.
يتضمن التقرير أيضًا قسمًا خاصًا عن الآفاق المستقبلية للاقتصاد المصري، يعرض من خلاله البنك المركزي توقعاته بشأن أبرز المتغيرات الاقتصادية، مع مراعاة المخاطر الداخلية والخارجية التي قد تؤثر على المسار الاقتصادي خلال الفترات القادمة.
كما عدل المركزي توقعاته بشأن متوسط التضخم السنوي خلال عام 2025، مرجّحًا أن يتراوح بين %15 و16 % بدلًا من التقديرات السابقة التي كانت تشير إلى 14–15 %.
وأوضح التقرير أن معدلات التضخم مرشّحة للاستقرار النسبي خلال النصف الثاني من العام الجاري، قبل أن تبدأ مسارًا هبوطيًا تدريجيًا خلال عام 2026.
كما توقع البنك المركزي أن ينخفض متوسط التضخم السنوي في 2026 إلى ما بين 11 % و%12، على أن يصل إلى المستوى المستهدف البالغ 7 % ± %2 بنهاية الربع الرابع من العام نفسه، في ضوء السياسة النقدية الحالية، بحسب التقرير.
وأظهرت بيانات يونيو 2025 تراجعًا ملحوظًا في معدلات التضخم، إذ انخفض التضخم العام إلى 14.9 %، بينما تراجع التضخم الأساسي إلى 11.4 %، مدفوعًا بانخفاض أسعار الغذاء وتباطؤ الضغوط التضخمية غير الغذائية.
ورغم هذا الانخفاض، أشار البنك المركزي إلى أنه فضل التريث في اتخاذ مزيد من إجراءات التيسير النقدي، وذلك لمتابعة تأثير التشريعات الاقتصادية الجديدة، وعلى رأسها تعديلات ضريبة القيمة المضافة.
أكد البنك المركزي المصري أن معدلات التضخم ستظل مرتفعة نسبيًا خلال 2025، على أن تبدأ في التراجع التدريجي خلال 2026، ضمن سياسة نقدية تستهدف تحقيق التوازن بين كبح التضخم من جهة، ودعم تعافي النشاط الاقتصادي من جهة أخرى.
وتوقع البنك المركزي المصري أن يرتفع معدل نمو السيولة المحلية ليبلغ نحو 24.2 % بنهاية السنة المالية 2025/2026، مدفوعًا بتحسن صافي الأصول الأجنبية، في ظل الأداء القوي لإيرادات السياحة والتعافي المرتقب في إيرادات قناة السويس.
وأوضح البنك في تقرير السياسة النقدية للربع الثاني من عام 2025، أن هذا الارتفاع في السيولة يُعد مؤقتًا، مرجحًا أن يتراجع معدل النمو إلى نحو 19.9 % بنهاية العام المالي التالي 2026/2027.
أرجع التقرير تباطؤ نمو السيولة في العام المالي 2026/2027 إلى الانخفاض المتوقع في صافي المطلوبات على الحكومة، وذلك في إطار استمرار الدولة في تنفيذ إصلاحات مالية، لاسيما من جهة تعزيز الإيرادات العامة، ضمن استراتيجية لضبط أوضاع المالية العامة.
وأشار التقرير إلى أن تحسن صافي الأصول الأجنبية، نتيجة تراجع عجز الحساب الجاري وارتفاع تحويلات العاملين بالخارج، سيسهم في الحد من حدة تباطؤ نمو السيولة على المدى المتوسط.
في سياق متصل، كشف البنك المركزي عن تسوية 6.040 مليون عملية شيك بالجنيه المصري عبر غرفة مقاصة الشيكات خلال الفترة من يناير وحتى يوليو 2025، بقيمة إجمالية بلغت 2.559 تريليون جنيه.
وخلال العام السابق (2024)، أتم البنك المركزي تسوية 10.270 مليون عملية شيك بقيمة إجمالية بلغت 3.580 تريليون جنيه عبر غرفة المقاصة.
يُشار إلى أن البنك المركزي المصري يتولى إدارة وتشغيل نظام مقاصة الشيكات بالجنيه المصري والدولار واليورو داخل مصر، ويشرف على تنظيمها وحل المشكلات المتعلقة بها، من خلال نظام التسوية اللحظية (RTGS). ويتم تداول نحو 50 ألف شيك يوميًا داخل النظام.
تعكس هذه المؤشرات التزام البنك المركزي بسياسة نقدية متوازنة، تقوم على دعم الاستقرار النقدي ومتابعة نمو المعروض النقدي ضمن مستهدفات متحكم بها، بما يراعي التغيرات في مؤشرات الاقتصاد الكلي دون الإضرار بنشاط السوق أو تعافي الاقتصاد.
كما أعلن البنك المركزي أن سوق الإنتربنك سجل ارتفاعًا بنسبة 14 % في أحجام التعاملات خلال النصف الثاني من السنة المالية 2024/2025، مقارنة بالنصف الأول من العام نفسه، في ظل تشدد السيولة لدى البنوك، ما دفعها إلى الاعتماد بشكل أكبر على هذا السوق لتلبية احتياجاتها التمويلية العاجلة.
وأوضح «المركزي» أن المعاملات لليلة واحدة لا تزال تستحوذ على الحصة الأكبر من النشاط في سوق الإنتربنك، في مؤشر على الدور الحيوي الذي تلعبه هذه الآلية في ضمان السيولة السريعة للبنوك داخل الجهاز المصرفي.
في المقابل، سجلت المعاملات ذات الأجل تراجعًا نسبيًا خلال الفترة نفسها، مما يعكس تغير أولويات البنوك في ظل السيولة المشددة، وتفضيلها للتمويل قصير الأجل عبر أدوات أسرع وأكثر مرونة.
يعكس هذا النشاط المتزايد في سوق الإنتربنك حرص البنك المركزي على إدارة السيولة في السوق المصرفية بدقة، كما يكشف عن استمرار البنوك في التكيف مع المتغيرات النقدية من خلال أدوات تمويلية قصيرة الأجل تساعدها على الالتزام بمتطلبات السيولة.
مؤشرات خارجية
إلى جانب نجاح البنك المركزي في إدارة السياسة النقدية وضبط معدلات التضخم وتعزيز الاحتياطي النقدي، حققت مؤشرات القطاع الخارجي أداءً إيجابيًا لافتًا خلال الأشهر التسعة الأولى من العام المالي 2024/2025، فقد أظهر حساب المعاملات الجارية تحسنًا ملحوظًا بنسبة 22.6 %، لينخفض العجز إلى نحو 13.2 مليار دولار مقارنة بـ 17.1 مليار دولار خلال نفس الفترة من العام السابق، مدفوعًا بأداء قوي في الربع الثالث (يناير – مارس 2025).
وعلى الرغم من هذا التحسن، فقد سجل ميزان المدفوعات عجزًا كليًا قدره 1.9 مليار دولار خلال الفترة من يوليو وحتى مارس 2025، مقابل فائض بلغ 4.1 مليار دولار في الفترة المقابلة من العام الماضي، ويرجع ذلك أساسًا إلى تراجع صافي التدفقات الرأسمالية والمالية إلى الداخل، حيث بلغت نحو 7.7 مليار دولار فقط، مقارنة بتدفقات استثنائية بلغت 20 مليار دولار في الفترة السابقة، تضمنت صفقة «رأس الحكمة» الشهيرة بقيمة 15 مليار دولار.
وفي مؤشر قوي يعكس تنامي الثقة في الاقتصاد المصري من جانب العاملين بالخارج، قفزت تحويلاتهم بنسبة غير مسبوقة بلغت 82.7 %، مسجلة 26.4 مليار دولار خلال الفترة من يوليو إلى مارس 2025، مقارنة بـ 14.5 مليار دولار في الفترة ذاتها من العام السابق، وهو ما يمثل دعمًا مهمًا لاحتياطيات النقد الأجنبي واستقرار سوق الصرف.
مصر وجهة اواعدة
لم يكن الهدف من الإصلاحات النقدية والمالية الأخيرة مجرد تحقيق الاستقرار الداخلي أو معالجة اختلالات آنية، بل كان الهدف الأوسع والأكثر طموحًا هو إعادة وضع مصر على خريطة الاستثمار العالمية كوجهة جاذبة وموثوقة لرأس المال الأجنبي. فقد أدرك صانعو القرار أن النمو المستدام لا يمكن أن يعتمد فقط على الموارد المحلية، وأن الاستثمار الأجنبي المباشر (FDI) هو المحرك الرئيسي لنقل التكنولوجيا، وتعزيز تنافسية الصادرات، وخلق فرص عمل نوعية قادرة على دفع عجلة الاقتصاد إلى مستويات أعلى من الكفاءة والإنتاجية.
لكن هذا الطموح كان يصطدم بمجموعة من التحديات الهيكلية، على رأسها عدم استقرار سعر الصرف ووجود سوق موازية أربكت المستثمرين وأفقدتهم القدرة على التنبؤ بالعوائد. أضف إلى ذلك التحديات البيروقراطية التي أعاقت دخول رؤوس الأموال العالمية. لذلك، ارتكزت استراتيجية جذب الاستثمار الأجنبي على معالجة هذه التشوهات من جذورها، وكان استقرار السياسة النقدية هو حجر الزاوية في هذا التحول.
جاء القرار الجوهري في مارس 2024 بتحرير كامل لسعر الصرف ليكون الرسالة الأوضح إلى مجتمع الاستثمار الدولي ، فهذا القرار لم يقتصر على حل أزمة توافر الدولار، بل أزال أكبر مصدر لعدم اليقين كان يثني المستثمرين عن دخول السوق المصرية. فمع وجود سعر صرف مرن وموحد، بات بمقدور المستثمرين تقييم تكاليف مشروعاتهم وأرباحهم المستقبلية بثقة، والأهم من ذلك ضمان قدرتهم على تحويل أرباحهم للخارج دون قيود، وكانت هذه الخطوة بمثابة إعلان رسمي بأن مصر تفتح أبوابها أمام العالم على أسس تنافسية واضحة وشفافة.
ولم يقتصر الأمر على السياسة النقدية، بل جاء متكاملًا مع إصلاحات هيكلية واسعة، مثل تبسيط إجراءات التراخيص وتفعيل نظام الرخصة الذهبية للمشروعات الاستراتيجية، إلى جانب المضي قدمًا في برنامج الطروحات الحكومية الذي يعزز دور القطاع الخاص ويفتح مساحات جديدة للمنافسة والاستثمار.
بدأت ثمار هذه السياسات تظهر سريعًا وبصورة ملموسة ، فقد شهدت مصر تدفقات استثمارية متنامية لم تقتصر على الشركاء الخليجيين التقليديين، بل امتدت لتشمل قوى اقتصادية كبرى في أوروبا وآسيا. شركات ألمانية أبدت اهتمامًا واسعًا بقطاع الطاقة الجديدة والمتجددة، ولا سيما مشروعات الهيدروجين الأخضر، فيما عززت الشركات الصينية وجودها في المنطقة الاقتصادية لقناة السويس مستفيدة من الموقع الاستراتيجي لمصر كبوابة لأسواق أفريقيا وأوروبا. وفي موازاة ذلك، عادت صناديق الاستثمار العالمية تدريجيًا إلى أدوات الدين المصرية، مدفوعة بثقة أكبر في استقرار سوق الصرف والعوائد التنافسية.
استقرار الأسعار
في إطار سياسته الحكيمة لإدارة السيولة وضمان استقرار الأسعار، واصل البنك المركزي المصري تنفيذ عمليات سحب السيولة الفائضة من الجهاز المصرفي بمعدلات منتظمة، بلغت في بعض الأسابيع أكثر من تريليون جنيه، من خلال عطاءات السوق المفتوحة بعائد ثابت مرتفع يصل إلى 28 %.
وتستهدف هذه الإجراءات كبح جماح التضخم ومنع السيولة الزائدة من التحول إلى قروض استهلاكية أو استثمارية قصيرة الأجل تؤدي إلى زيادة الطلب على السلع والخدمات والعقارات، ما قد يرفع الأسعار. ويتم ذلك عبر ربط ودائع البنوك لدى المركزي لمدة أسبوع فقط، وهو ما يحافظ على توازن أسعار الفائدة ويمنع التشوهات في السوق.
تعزيز الابتكار
واصل البنك المركزي المصري ترسيخ دوره كمحفّز رئيسي لبيئة الابتكار وريادة الأعمال، عبر دعم الشركات الناشئة في مجال التكنولوجيا المالية، فقد كشف المركزي عن قيام صندوق «إنكلود» للتكنولوجيا المالية بضخ استثمارات بقيمة 24.5 مليون دولار أمريكي في 8 شركات ناشئة تعمل في هذا القطاع الحيوي، ما ساهم في تحفيز تدفقات استثمارية أجنبية ملحوظة، حيث أظهرت البيانات أن كل دولار أمريكي استثمره الصندوق في السوق المصري، جذب مقابله خمسة دولارات أمريكية من المستثمرين الأجانب.
المسؤولية المجتمعية
أكد البنك المركزي المصري استمرار القطاع المصرفي في أداء دوره التنموي والمجتمعي، حيث بلغت مساهماته في مجال المسؤولية المجتمعية نحو 3.9 مليار جنيه خلال عام 2024، بما يعكس التزامه العميق بتحسين جودة حياة المواطنين وتعزيز جهود الدولة لتحقيق أهداف التنمية المستدامة.
ويؤكد البنك المركزي أن القطاع المصرفي سيواصل التزامه بدوره الوطني، عبر المبادرات التي تستهدف الفئات الأكثر احتياجًا، والتكامل مع جهود الدولة في الارتقاء بمستوى المعيشة وتحقيق التنمية الشاملة في جميع محافظات الجمهورية.
وقام البنك المركزي المصري بالمساهمة في تجهيزات مبنى المركز القومي لزراعة الكبد الجديد التابع لجامعة المنصورة، من خلال توفير التجهيزات اللازمة له من خلال أحدث الأجهزة الطبية والفرش الطبي وغير الطبي اللازم ليصبح أول مركز متخصص لزراعة الكبد في مصر والشرق الأوسط وإفريقيا.
وقال حسن عبد الله، محافظ البنك المركزي المصري، بأن البنك المركزي يحرص دومًا على دعم الجهود الرامية إلى الارتقاء بمستوى الخدمات الصحية المقدمة في المستشفيات والمراكز الطبية على مستوى الجمهورية.
شمول مالي
أسفرت جهود البنك المركزي بالتعاون مع القطاع المصرفي وصول معدلات الشمول المالي في مصر اتجاهها التصاعدي؛ لتصبح من أفضل المعدلات على مستوى الدول النظيرة، حيث بلغ عدد المواطنين الذين يمتلكون ويستخدمون حسابات نشطة تمكنهم من إجراء معاملات مالية - سواء في البنوك أو البريد أو محافظ الهاتف المحمول أو البطاقات المدفوعة مقدمًا- نحو 52 مليون مواطن من إجمالي 69.6 مليون مواطن (في الفئة العمرية 15 سنة فأكثر).
ارتفعت معدلات الشمول المالي لتصل إلى %74.8 بنهاية 2024 مقارنة بـنحو 70.7 % بنهاية 2023، وبمعدل نمو 204 % خلال الفترة من 2016 حتى 2024، على الرغم من اتساع قاعدة المواطنين الذين يحق لهم فتح حسابات مالية، بعد صدور تعليمات البنك المركزي بتعديل سن فتح الحسابات المصرفية للشباب ليصبح 15 سنة بدلًا من 16 سنة تماشيًا مع تعديل سن إصدار بطاقة الرقم القومي.
على صعيد الشمول المالي للمرأة، فقد ارتفع عدد السيدات اللاتي يستخدمن حسابات مالية إلى 23.3 مليون سيدة من إجمالي 33.9 مليون بمعدل نمو بلغ 295 % مقارنة بعام 2016، لتصل نسبة الشمول المالي للمرأة إلى 68.8 %، وارتفعت تلك النسب بين الشباب (في الفئة العمرية من 15 إلى 35 سنة) والبالغ إجمالي عددهم 39.4 مليون شاب، لتصل إلى 53.1 % بمعدل نمو بلغ 65 % خلال الفترة من 2020 حتى 2024.
كما أسفرت تعليمات الشمول المالي بشأن التيسير على المواطنين وأصحاب الحرف في فتح حسابات بموجب بطاقة الرقم القومي عن فتح نحو مليون حساب للأفراد، بالإضافة إلى نحو 400ألف حساب نشاط اقتصادي في الفترة من 2022 وحتى 2024، مما ساهم في مساعدتهم على تنفيذ تعاملاتهم المالية داخل القطاع الرسمي. ويأتي ذلك تطبيقا لتوجهات البنك المركزي بالتركيز على الفئات المستبعدة لضمان حصولهم على الخدمات المالية بجودة وتكلفة مناسبة واستخدامها بشكل سليم.
كما قامت البنوك المصرية تحت رعاية البنك المركزي بالمشاركة في المرحلة الأولى من المبادرة الرئاسية «حياة كريمة» منذ يوليو 2021 والتي تستهدف النهوض بالخدمات المقدمة للمواطنين في 20 محافظة و52 مركزًا و1667 قرية، بما يساهم في دعم جهود الدولة لتحسين مستوى المعيشة للمواطنين.
وعلى صعيد متصل، فقد ساهمت جهود البنك المركزي المصري في تحقيق طفرة في محافظ البنوك لتمويل المشروعات متناهية الصغر والصغيرة والمتوسطة باعتبارها محرك أساسي للتنمية الاقتصادية ولما لها من دور هام في توفير فرص العمل والتشغيل خاصة للمرأة وللشباب وخفض معدلات التمويل البطالة، حيث ارتفع حجم التمويل الممنوح لتلك المشروعات بنسبة 388 % خلال الفترة من ديسمبر 2015 وحتى يونيو 2024، فيما زادت التمويلات الموجهة للقطاع الصناعي بنسبة 61 %، ووصل حجم النمو في التمويلات الموجهة لهذه المشروعات في محافظات الدلتا لـ 72 % ومحافظات الصعيد لـ 59 % عن الفترة من ديسمبر 2020 وحتى يونيو 2024.
وفي نفس السياق شهدت محفظة التمويل متناهي الصغر بالقطاع المصرفي وغير المصرفي تطورًا كبيرًا حيث حققت معدل نمو تجاوز 1350 % - بدعم من المبادرات والإجراءات المتخذة من البنك المركزي في هذا الخصوص- وذلك خلال الفترة من ديسمبر 2016 وحتى يونيو 2024 (وفقًا للاتحاد المصري لتمويل المشروعات المتوسطة والصغيرة ومتناهية الصغر).
جهاز مصرفي حديث
لم تكن رؤية البنك المركزي للإصلاح محصورة في ضبط المؤشرات الكلية مثل سعر الصرف أو مستويات التضخم، بل امتدت إلى ما هو أعمق وأكثر تأثيرًا على المدى الطويل: بناء جهاز مصرفي حديث وفعال يشكّل العمود الفقري لاقتصاد قوي ومستدام ، وقد أدركت القيادة الجديدة أن مصر لا يمكنها تحقيق طموحاتها التنموية دون قطاع مصرفي يتبنى التكنولوجيا، يوسّع قاعدة عملائه، ويحفّز المنافسة والابتكار، ومن هنا انطلقت استراتيجية شاملة تستند إلى محورين رئيسيين هما تعزيز دور القطاع الخاص في النشاط المصرفي، وتسريع وتيرة التحول الرقمي والشمول المالي.
إيمانًا بأن المنافسة ترفع الكفاءة وتُحسّن جودة الخدمات، وضعت السياسة المصرفية هدفًا طموحًا برفع حصة القطاع الخاص في السوق إلى مستوى يتراوح بين 65 % و70 %. وقد تحقق ذلك عبر مسارين متكاملين:
برنامج الطروحات الحكومية: حيث شمل بيع حصص في بنوك مملوكة للدولة لمستثمرين استراتيجيين، ما ضخّ دماء جديدة في إدارتها وعزّز حوكمتها.
التوسع الإقليمي للبنوك المصرية: من خلال فتح فروع جديدة في الأسواق الواعدة في الخليج وأفريقيا، ليس فقط لتعظيم الأرباح، بل لدعم التجارة الخارجية المصرية، وتسهيل تحويلات المصريين بالخارج، وتعزيز مكانة مصر كمركز مالي إقليمي.
مدخرات الأسر
رغم التحديات التي ورثها عبد الله وشملت نقص العملات الأجنبية، تضخّم مرتفع، وفوضى في السوق الموازية للعملة، تعامل معها عبر تحرير سعر الصرف، تشديد السياسة النقدية، ودعم الاحتياطي من العملة الصعبة كما دعم القطاع العائلي بالعديد من الخدمات المصرفية والقرارات الهامة.
وفي سبيل ذلك أطلق البنك المركزي مبادرات لتسهيل فتح الحسابات البنكية بطريقة مجانية، ما ساهم في ضم نطاق واسع من الأسر إلى المنظومة المصرفية، كما شهد الجهاز المصرفي تحول كبير نحو التمويل الرقمي، حيث تجاوز عدد المحافظ الإلكترونية النشطة 30 مليون محفظة بنهاية 2024، كما تم التوسّع في استخدام نقاط البيع والدفع اللاتلامسي، ما سهل على العائلات شراء السلع والخدمات بأمان.
وبسبب قرارات عبد الله زاد البنك المركزي حدود المعاملات اليومية والشهرية لحسابات الشمول المالي، والبطاقات المدفوعة مسبقاً، والخدمات عبر الهاتف المحمول بنسبة 100 %، ما دعم قدرة الأسر على إنجاز معاملاتهم بسرعة وفعالية، كذلك أطلقت البنوك الحكومية شهادات ادخار بعائد مرتفع (وصل إلى 25 % ثم 22 %)، مما ساعد في الحفاظ على قيمة مدخرات المواطنين ومكافحة التوجّه للدولرة بالعملات الأجنبية، إلى العمل على استقرار سعر الصرف وتوفير الدولار للقطاع المصرفي، مما قلّص من تقلبات الأسعار ووفّر للأسر القدرة على شراء المستلزمات المستوردة بسعر رسمي مناسب.
سياسات عبد الله مثل تحرير سعر الصرف ورفع الفائدة ومكافحة المضاربة أسهمت في استعادة الثقة بالجنيه المصري، مما وفر بيئة مستقرة أكثر لحياة الأسر اليومية، وساهم البنك المركزي في توسيع نفوذ التمويل متناهي الصغر والمشروعات الصغيرة بشروط ميسرة، ما مكّن آلاف الشباب والنساء والمزارعين من دخول المنظومة المالية وإطلاق مشروعاتهم، وهو دعم مباشر للقطاع العائلي الريادي.
كما دعم آليات جديدة لتمويل الاستيراد مثل إلغاء إلزام الاعتمادات المستندية تدريجيًا (حتى إلغائها نهاية 2022)، مما خفّض تكلفة الاستيراد وسهّل تدفق السلع، مما انعكس إيجابيًا على أسعار السلع الأساسية في المنازل، وتمكنت السياسة النقدية المتشددة من خفض التضخم من أكثر من 40 % في منتصف 2022 إلى نحو 24.7 % بنهاية 2023، و13.9 % بحلول منتصف 2025، ما ساعد على تراجع وتيرة ارتفاع الأسعار وتقليل الضغط على المعيشة.
أدى حسن عبد الله دورًا مؤثرًا في تعزيز القطاع العائلي بتحويل سياسة البنك المركزي نحو شمولية أوسع وتحول رقمي حقيقي، إضافة إلى تبنّي أدوات مالية تحمي الأسر من التضخم وعدم الاستقرار الاقتصادي. من خلال تشجيع فتح الحسابات البنكية، توسيع استخدام الدفع الإلكتروني، تقديم دعم للمشروعات الصغيرة، وتحقيق استقرار نقدي حقيقي، ساعدت هذه السياسات الأسر في الحفاظ على مدخراتها، تحسين قدرتها على الاستثمار، وتوفير أساس أكثر أمانًا للعيش.
الوجود الدولي
لم يعد نجاح أي برنامج إصلاحي يُقاس فقط بمدى تأثيره على الداخل، بل أيضًا بقدرته على إعادة صياغة نظرة العالم للاقتصاد الوطني. وقد أدركت قيادة البنك المركزي أن ترسيخ الثقة مع المؤسسات المالية الدولية ووكالات التصنيف الائتماني ومجتمع المستثمرين العالمي يمثل شرطًا أساسيًا لضمان تدفق الاستثمارات والحصول على تمويلات بشروط ميسرة، فضلًا عن تعزيز مكانة مصر كقوة اقتصادية محورية في محيطها الإقليمي والدولي. ومن ثمّ، انطلقت جهود دبلوماسية ومالية مكثفة لإعادة تموضع البنك المركزي المصري كلاعب نشط وموثوق في النظام المالي العالمي، بعد أن كان تركيزه منصبًا لسنوات طويلة على الداخل.
كانت أولى ثمار هذه التحركات هي التغيير الملموس في تقييمات المؤسسات الدولية. فبعد قرار تحرير سعر الصرف وتبني حزمة من الإصلاحات الجريئة، تبدلت لهجة تقارير صندوق النقد الدولي ووكالات التصنيف الكبرى. أشاد الصندوق بخطوات مصر واعتبرها دليلًا على الالتزام الجاد ببرنامج الإصلاح، مما فتح الباب أمام زيادة قيمة القرض وصرف شرائح جديدة منه. كما رفعت وكالات مثل فيتش وموديز وستاندرد آند بورز تقييماتها المستقبلية لمصر من سلبية إلى مستقرة ثم إيجابية، مؤكدة أن الإجراءات المتخذة قللت المخاطر الفورية وعززت قدرة الاقتصاد على مواجهة الصدمات. هذه التحسينات لم تكن مجرد إشادات معنوية، بل انعكست عمليًا على خفض تكلفة الاقتراض وجعلت السوق المصرية أكثر جاذبية للمستثمرين الدوليين.
لم يتوقف الأمر عند التصنيفات، بل توسع ليشمل تعزيز العلاقات الثنائية مع البنوك المركزية الكبرى في الصين والهند وروسيا والاتحاد الأوروبي. لم تكن الاتفاقيات مقتصرة على تبادل العملات، بل شملت تبادل الخبرات وتنسيق السياسات النقدية، بما يعكس رغبة مصر في أن تكون شريكًا مساهمًا في صياغة قواعد أكثر عدالة للنظام المالي الدولي. وفي الوقت نفسه، توطدت العلاقة مع البنك الدولي، الذي قدم دعمًا فنيًا وتمويليًا لبرامج التحول الرقمي، والشمول المالي، والمشروعات الخضراء، وهو ما عزز من مكانة مصر كنموذج إصلاحي يُحتذى به في المنطقة.
بهذا الحراك، أثبتت مصر أنها لم تعد مجرد متلقٍ للسياسات والتمويلات، بل تحولت إلى طرف فاعل يسعى للمشاركة في صياغة النظام المالي العالمي بما يخدم مصالحها ومصالح الاقتصادات الناشئة. لقد كانت رسالة البنك المركزي واضحة: أن الإصلاحات لم تُصمم فقط لمعالجة أزمة راهنة، بل لبناء موقع دولي جديد لمصر، موقع يقوم على الثقة والفاعلية والمشاركة في رسم مستقبل الاقتصاد العالمي










اقرأ ايضا
إخلاء مسؤولية إن موقع عاجل نيوز يعمل بطريقة آلية دون تدخل بشري،ولذلك فإن جميع المقالات والاخبار والتعليقات المنشوره في الموقع مسؤولية أصحابها وإداره الموقع لا تتحمل أي مسؤولية أدبية او قانونية عن محتوى الموقع.