
أكد الدكتور المهندس محمد عبد الغني، عضو مجلس النواب السابق ومقرر لجنة الحقوق السياسية بالحوار الوطني، أن مصر بما تملكه من موقع جغرافي وتاريخ حضاري عريق مؤهلة دائمًا للقيام بأدوار كبرى إقليميًا ودوليًا، مشيرًا إلى أن تراجع دورها يفتح المجال لقوى أخرى لملء هذا الفراغ. وأوضح أن التحديات الإقليمية الراهنة تلقي بثقل أكبر على مصر لتتحرك بما يخدم مصالحها وأمنها القومي، لافتًا إلى أن ما يخدم مصر يتقاطع بالضرورة مع مصلحة الإنسانية جمعاء بحكم رسوخ قيمها وحضارتها.
مصر بما تملكه من موقع جغرافي وتاريخ حضاري عريق مؤهلة دائمًا للقيام بأدوار كبرى إقليميًا ودوليًا
وشدد عبد الغني لـ «تحيا مصر» على أهمية استمرار الموقف المصري الثابت الرافض لأي شكل من أشكال التهجير للفلسطينيين، معتبرًا أن هذا المبدأ يمثل واجبًا وطنيًا وإنسانيًا في الوقت نفسه. وطالب بتحركات إيجابية تقودها مصر لفتح ممرات آمنة لإدخال المساعدات إلى قطاع غزة، سواء عبر دعم حركة أسطول الصمود كما فعلت إيطاليا من خلال إرسال فرقاطة حربية، أو من خلال معبر رفح تحت إشراف دولي وبحضور مراقبين أوروبيين، مشيرًا إلى أن هذه الخطوات ضرورية أيضًا لحماية الأمن القومي المصري والعربي.
وفي ما يخص الوضع الاقتصادي، رأى أن البداية الحقيقية للإصلاح تكمن في وقف الاعتماد على روشتة صندوق النقد الدولي، وإعادة ترتيب الأولويات بتوجيه الاستثمارات نحو الصناعة والزراعة بدلًا من المبالغة في الاعتماد على القطاع العقاري، مع تبني سياسات مالية حقيقية تقوم على التقشف وترشيد الإنفاق، ووقف الإجراءات والقوانين التي تزيد من معاناة المواطن كما دعا إلى مضاعفة ميزانيات التعليم والصحة باعتبارهما ركيزة أساسية لأي نهضة، مشيرًا إلى أن التعليم قادر على مضاعفة الناتج القومي وزيادة موارد الدولة من العملة الصعبة عبر تخريج كفاءات تنافس في الأسواق العالمية.
وأكد عبد الغني أن المهندسين المصريين لعبوا عبر التاريخ أدوارًا محورية في صناعة الحضارة والنهضة، سواء في العصور القديمة أو في مشروعات محمد علي، وصولًا إلى السد العالي ثم المشروعات التنموية خلال السنوات الأخيرة. وشدد على ضرورة وضع خطة قومية شاملة بمشاركة نقابة المهندسين لإطلاق طاقات هذه الكفاءات الوطنية في جميع القطاعات، عبر التدريب والتأهيل في مناخ ديمقراطي عادل يطبق فيه القانون على الجميع دون تمييز، معتبرًا أن إشراك المهندسين في صياغة الأولويات وخطط التنفيذ سيخلق حراكًا اجتماعيًا واسعًا وحركة إنتاج جادة تليق بمصر وأبنائها.
البداية الحقيقية للإصلاح تكمن في وقف الاعتماد على روشتة صندوق النقد الدولي، وإعادة ترتيب الأولويات بتوجيه الاستثمارات نحو الصناعة والزراعة بدلًا من المبالغة في الاعتماد على القطاع العقاري
وحول خبرته البرلمانية السابقة، أشار عبد الغني إلى أن تحسين الظروف الاجتماعية والاقتصادية للمواطنين يظل القضية المحورية، لكنه لا ينفصل عن ضرورة توفير مناخ سياسي ديمقراطي حقيقي يضمن حرية التعبير والاختيار ويعيد ثقة المواطن في أن صوته مؤثر ومحترم. وأكد أن المجتمعات القوية لا تُبنى إلا على ديمقراطيات راسخة وحرية رأي حقيقية، داعيًا إلى إطلاق حرية الإعلام بشكل كامل، والإفراج عن جميع المحبوسين غير المتورطين في العنف، مع تفعيل حرية تكوين الأحزاب طبقًا للدستور، وهو ما يفتح المجال لوجود مجالس نيابية ومحلية منتخبة بشكل حقيقي وتعكس الإرادة الشعبية.
وأشار إلى أن الاستعدادات الحقيقية لأي عملية انتخابية يجب أن تقوم على تأسيس أحزاب ذات برامج واضحة وكوادر مؤهلة، تنزل إلى الشارع بأفكار واقعية وتحصل على ثقة الناس بناءً على برامجها وليس عبر المال السياسي أو الاستغلال.
وفي ما يتعلق بموقفه من الترشح لانتخابات مجلس النواب القادمة، أوضح عبد الغني أن أي سياسي يؤمن بمشروع وطني طبيعي أن يسعى لطرحه على الناس، لكن قراره النهائي بخوض الانتخابات يظل مرهونًا بتوافر مناخ انتخابي مختلف. وأضاف أنه في حال ترشحه سيبقى منحازًا بوضوح للمبادئ التي رفعها الشعب في ثورتي الخامس والعشرين من يناير والثلاثين من يونيو والمتمثلة في العيش والحرية والعدالة الاجتماعية والكرامة الإنسانية، مؤكدًا أن هذه المبادئ ستظل بوصلته في العمل النيابي والتشريعي.
وأشار عبد الغني إلى أن أولوياته في البرلمان حال عودته ستتركز على إطلاق مشروع قومي لتطوير التعليم وتأكيد مجانيته مع رفع جودته، إلى جانب ضمان توفير العلاج لجميع المواطنين وفق أوضاعهم الاقتصادية، والعمل على تعديل قوانين السكن فضلًا عن تبني سياسات اقتصادية تراعي محدودي الدخل عبر ضرائب تصاعدية وتخفيض أسعار الخدمات الأساسية وتطوير منظومة نقل عام فعالة.
أي سياسي يؤمن بمشروع وطني طبيعي أن يسعى لطرحه على الناس، لكن قراره النهائي بخوض الانتخابات يظل مرهونًا بتوافر مناخ انتخابي مختلف
وأكد أنه لا يسعى لدور المعارضة في حد ذاته، لكنه إذا فُرض عليه ذلك فسيمارس دورًا رقابيًا وبنّاءً يعبر عن صوت الناس ويطرح حلولًا بديلة ويخفف من آثار السياسات القائمة، معربًا عن أمله في أن تتبنى الأغلبية البرلمانية سياسات أكثر رشادة تستمع للمعارضة وتتفهم دوافعها وتراعي الأبعاد الاجتماعية للقوانين والتشريعات.
وختم عبد الغني بالتأكيد على أن خدمة المواطن والمصلحة الوطنية ليست مرتبطة فقط بعضوية البرلمان، بل يمكن أن تتحقق عبر قنوات أخرى في المجتمع المدني والنقابات والعمل الأهلي. وأوضح أنه سبق أن شارك في الحوار الوطني كمقرر للجنة الحقوق السياسية، وقدم مع زملائه مقترحات لتحسين المناخ العام، كما واصل عمله النقابي مدافعًا عن مهنة الهندسة باعتبارها من أكثر المهن تأثيرًا في حياة المواطنين، إضافة إلى نشاطه في الجمعيات الأهلية التي تسهم اجتماعيًا واقتصاديًا في خدمة المجتمع.