أصدر قاضي التحقيق السوري، توفيق العلي في دمشق، مذكرة توقيف غيابية بحق الرئيس الأسبق بشار الأسد، وفق ما نقلته وكالات أنباء محلية ودولية.
ما الذي نعرفه حتى الآن: المذكرة، التهم، والجهة المصدرة
المذكرة تتضمن عدة تهم، من أبرزها: القتل العمد، التعذيب الذي أدى إلى الوفاة، وحرمان الحريات الشخصية.
وأشار توفيق العلي إلى أن القرار القضائي يتيح تعميم المذكرة عبر الإنتربول ومتابعة القضية على المستوى الدولي
والسبب المعلن لهذه الخطوة القضائية يعود إلى تحقيقات مرتبطة بانتهاكات منذ العام 2011، تحديدًا في مدينة درعا، حيث وقعت احتجاجات دامية، وقامت السلطات السورية باتخاذ إجراءات صارمة ضد المتظاهرين.
والتوقيف غيابيًا يعني أن المتهم غير حاضر أمام القضاء، والمذكرة تصدر ضده دون مثوله. هذا إجراء معروف في القانون السوري عند غياب المتهم أو هروبه.
هل يمكن القبض على الأسد في روسيا؟ الواقع القانوني والسياسي
الإقامة في روسيا: عدة تقارير تُفيد بأن بشار الأسد أو عناصر قريبة منه أقاموا علاقات قوية مع موسكو، ويتردد أنه يتنقل أو يقيم أحيانًا في أجواء موالية لروسيا. لكن حتى الآن لا تأكيد رسمي بأنه موجود في موقع محدد يمكن للجهات القضائية السورية أو الدولية الوصول إليه بسهولة.
الاتفاقيات والاعتراف الدولي:
روسيا ليست طرفًا في معظم الاتفاقيات التي تُلزمها بالتسليم التلقائي لرؤساء الدول، خاصة إذا كان هذا الرئيس لا يزال يُعتبر شرعيًا من قبل الدولة التي يقيم فيها.
كذلك، في القانون الدولي، هناك مبدأ حصانة الرؤساء الذي غالبًا ما يُستخدم من قِبل الدول لمنع ملاحقة قضائية في دول أجنبية لرؤساء الدول المقيمين فيها أو المتعاونين معها، خصوصًا في الحالات التي تعتبرها تتعلق بأمن الدولة أو بقرارات سياسية.
إجراءات الإنتربول: لم توجد حتى الآن معلومات مؤكدة تفيد بأن الأسد مُدرَج في نشرة حمراء لدى الإنتربول بناءً على هذه المذكرة الغيابية. بدون هذه النشرة أو تعاون روسيا الدولي، يصبح القبض الفعلي أمرًا صعبًا جدًا.
استخدام المذكرة كورقة ضغط في العلاقات السورية الروسية
المذكرة قد تُستخدم داخليًا كأداة سياسية من الحكومة السورية لتعزيز الموقف التفاوضي مع موسكو، خصوصًا في ملفات مثل:
المساعدات العسكرية أو الاقتصادية الروسية.
موقف موسكو من علاقاتها الدولية والعقوبات المفروضة على النظام السوري.
المفاوضات المحتملة بشأن إعادة الإعمار والاستثمار الروسي في سوريا.
في هذه الحالة، قد لا يكون الهدف الفوري هو تنفيذ التوقيف، بل إشراك عناصر رمزية وظيفتها رقم الضغط أو التذكير بمسائل العدالة والمساءلة في المحافل الدولية، وربما أيضاً تحريك ملفات قانونية أو دبلوماسية.
آراء خبراء قانونيين وسياسيين
خبير في القانون الدولي يقول إن “مذكرة توقيف غيابية وحدها لا تكفي لاعتقال رئيس دولة من بلد آخر، ما لم يُصاحبها طلب تسليم رسمي، واتفاقيات تعاون جنائي مع الدولة المضيفة، ووجود قرار دولي مثل نشرة حمراء من الإنتربول.”
باحث في العلاقات الدولية يشير إلى أن النظام السوري ربما يستخدم هذا الإجراء أيضًا كغطاء لإظهار التزامه بالمساءلة أمام المجتمع الدولي، خصوصًا مع تصاعد الدعوات لتوثيق جرائم الحرب والانتهاكات الحقوقية.
خبير روسي محتمل النظر فيه أن “روسيا ليست مضطرة قانونيًا لتسليم الأسد إلا إذا تم عرضه رسميًا على محكمة دولية أو صدرت أوامر قضائية دولية واجبة التنفيذ في الاتحاد الروسي”، وهو أمر غير متوقع في السياق الحالي بسبب التحالف والتداخل الأمني بين الطرفين.
السيناريوهات المحتملة: التنفيذ، المأزق، والأثر الدولي
السيناريو مدى حدوثه العوائق الرئيسية الأثر المحتمل
تسليم الأسد إلى سوريا أو جهة دولية منخفض جدًا الحصانة القانونية، عدم وجود تعاون روسي، عدم وجود طلب دولي رسمي قوي قد يمثل سابقة قانونية ضخمة، ويغير موازين القوة الدبلوماسية
استخدام المذكرة لأغراض دعائية وضغط سياسي مرتفع جدًا مقاومة روسية، مخاطر تصعيد أو انسحاب مساعدات تأكيد الرقابة الدولية على النظام السوري، قد تستخدمه المعارضة والحقوقيون كحجة في المحاكم الدولية
تحريك القضية عبر المنظمات الدولية (ICC أو حقوق الإنسان) معتدل إذا توفر دعم سياسي دولي صعوبة إثبات الاختصاص، دعم مالي وقانوني، معارضة بعض الدول قد يؤدي إلى توقيع علاقات جديدة، سلطة قانونية إضافية على الأسد والنظام
صدور مذكرة توقيف غيابية بحق بشار الأسد يمثل حدثًا قانونيًا ورمزيًا ذي وقع كبير، لكنه يصطدم بعوائق جوهرية تجعل من تنفيذها، خصوصًا في روسيا، أمرًا غير مرجّح في الأمد القريب. قد تتحول هذه المذكرة إلى نقطة ضغط سياسية ودبلوماسية، لكن دون توافق دولي قانوني وتنفيذ فعلي، ستبقى إلى حد كبير ورقة في إطار الصراعات القانونية والسياسية التي تحيط بالنظام السوري.