قال اللواء الدكتور رضا فرحات نائب رئيس حزب المؤتمر وأستاذ العلوم السياسية، إن انسحاب عدد من الوفود الدولية أثناء كلمة رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو أمام الجمعية العامة للأمم المتحدة، لم يكن مجرد رد فعل عابر بل هو موقف سياسي واضح يعكس حجم الرفض الدولي المتنامي للسياسات الإسرائيلية القائمة على العدوان والاحتلال.
وأوضح فرحات أن الدلالة الأبرز في هذا المشهد هي أن المجتمع الدولي، أو على الأقل جزءا مؤثرا منه، بات يرفض منح إسرائيل منصة مفتوحة لتزييف الحقائق أو تبرير الانتهاكات ضد الشعب الفلسطيني مشيرا إلى أن الانسحاب جاء في توقيت دقيق، حيث تتصاعد وتيرة العدوان على غزة والضفة الغربية، وتزداد الانتهاكات بحق القدس والمقدسات الإسلامية والمسيحية، وهو ما جعل الرسالة الدولية أكثر وضوحا بأنه لم يعد من المقبول أن يستمر الاحتلال في ارتكاب الجرائم ثم يجد من يستمع إلى خطاباته التبريرية.
دعم القضية الفلسطينية
وأشار إلى أن هذه الخطوة تحمل أيضا بعدا دبلوماسيا شديد الأهمية، إذ إنها تعكس عزلة إسرائيل المتزايدة على الساحة الدولية، بينما تحاول تل أبيب الترويج لروايتها حول "الأمن" و"مكافحة الإرهاب"، يختار ممثلو دول العالم أن يغادروا القاعة في إشارة رمزية على عدم الاعتراف بشرعية هذه الادعاءات لافتا إلى أن هذه العزلة، تمثل ضربة مباشرة للدبلوماسية الإسرائيلية التي سعت لعقود إلى اختراق المؤسسات الدولية وفرض سرديتها على العالم.
وأضاف نائب رئيس حزب المؤتمر أن من الدلالات المهمة لهذا الموقف أيضا أنه يفتح المجال أمام إعادة طرح القضية الفلسطينية بقوة داخل أروقة الأمم المتحدة، ويعطي زخما إضافيا للتحركات العربية والدولية المطالبة بإنهاء الاحتلال وإقامة الدولة الفلسطينية المستقلة على حدود الرابع من يونيو 1967 وعاصمتها القدس الشرقية كما أنه يوجه رسالة تضامن عملية مع الشعب الفلسطيني، بعيدا عن الاكتفاء ببيانات الشجب والإدانة.
الاحتلال وسياساته تهديد حقيقي للأمن والاستقرار العالميين
واعتبر أن الانسحاب يكشف عن تغير في اتجاهات الرأي العام الدولي، فهناك وعي متزايد بأن استمرار الاحتلال وسياساته يشكل تهديدا حقيقيا للأمن والاستقرار العالميين ولم تعد الحجة الإسرائيلية حول "التهديدات الأمنية" كافية لتبرير قصف المدنيين أو حصار غزة أو توسيع الاستيطان.
ولفت فرحات إلي أن مصر كان لها دور محوري في تعزيز هذا الموقف الدولي، فهي الدولة التي ظلت تدافع بلا كلل عن القضية الفلسطينية في كل المحافل، وتتحرك دبلوماسيا لتوضيح حقيقة الجرائم الإسرائيلية للرأي العام العالمي وقد أسهمت الجهود المصرية المستمرة في تعبئة المواقف الدولية الرافضة لسياسات الاحتلال، سواء من خلال المبادرات التي طرحتها القاهرة لوقف العدوان وإدخال المساعدات الإنسانية إلى غزة، أو عبر اتصالاتها المكثفة مع القوى الكبرى والمنظمات الدولية
ولفت إلى أن مصر بما تمتلكه من ثقل إقليمي ودولي، تعتبر حجر الأساس في صياغة موقف عربي موحد يستفيد من التحولات العالمية الحالية، ويعيد التأكيد على أن إقامة الدولة الفلسطينية المستقلة هي السبيل الوحيد لتحقيق الاستقرار في المنطقة.