أخبار عاجلة
إخماد حريق داخل ميكروباص بمدينة 6 أكتوبر -

انقلب السحر على الساحر.. هل تقود الرسوم الجمركية أمريكا نحو أزمة اقتصادية؟

انقلب السحر على الساحر.. هل تقود الرسوم الجمركية أمريكا نحو أزمة اقتصادية؟
انقلب السحر على الساحر.. هل تقود الرسوم الجمركية أمريكا نحو أزمة اقتصادية؟

حينما راهنت الإدارة الأميركية على الرسوم الجمركية كأداة ضغط على الاقتصادات المنافسة، بدا المشهد في البداية وكأن واشنطن تمسك بخيوط اللعبة، غير أن السلاح ذاته أخذ يرتد إلى الداخل، ليصيب الاقتصاد الأميركي في مقتل، فبدلاً من تعزيز موقع الولايات المتحدة، تحولت الرسوم الجمركية إلى عبء ثقيل يضغط على النمو، ويفاقم الديون، ويثير ارتباك الأسواق. 

وبينما كان الهدف من الرسوم الجمركية الأمريكية هو تطويع الآخرين، تكشف الأرقام اليوم أن الاقتصاد الأميركي نفسه يترنح تحت وطأة السياسات التي صنعها الرئيس الأمريكي بيديه، وهنا يطرح السؤال نفسه: هل انقلب السحر على الساحر، وأصبحت الرسوم الجمركية الشرارة التي تقود أميركا نحو أزمة اقتصادية تهدد مكانتها عالميا؟

ديون متراكمة على الاقتصاد الأمريكي بسبب الرسوم الجمركية 

تتصاعد الآن موجة من القلق في الأوساط الاقتصادية الدولية بشأن مستقبل الاقتصاد الأميركي، إذ لم تعد التحذيرات تقتصر على أصوات متفرقة، بل باتت صادرة عن مؤسسات مالية واقتصادية كبرى، فالبنك الفيدرالي الأميركي حذر بشكل صريح من ضعف النمو تحت ضغط الرسوم الجمركية، بينما خفضت منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية توقعاتها للنمو الأميركي إلى 1.5% فقط، مقابل 2.9% للنمو العالمي، أما صندوق النقد الدولي، فقد قدر أن تكاليف هذه الرسوم قد تصل إلى تريليوني دولار بحلول عام 2027، وهو ما يشكل إنذاراً مبكراً بمرحلة صعبة قد تعيد رسم ملامح الاقتصاد العالمي.

90.jpg
هل تقود الرسوم الجمركية أميركا نحو أزمة اقتصادية؟

وفي تصريحات نقلتها سكاي نيوز، يضع الدكتور محمد أنيس، الخبير الاقتصادي، قائلا: "بينما كانت نسبة الدين الأميركي إلى الناتج القومي في أزمة 2008 لا تتجاوز 70%، فإنها قفزت في 2025 إلى أكثر من 120%، هذا الارتفاع غير المسبوق يكشف أن قدرة الحكومة على المناورة أصبحت محدودة للغاية. 

وأضاف أنيس: “فإذا أصاب الاقتصاد تباطؤ بفعل الرسوم الجمركية واضطرت واشنطن إلى إنفاق تحفيزي، فإن الحيز المالي المطلوب لم يعد موجودا، أو بشكل أوضح، تدخل أميركا أزمة جديدة وهي مثقلة بتركة ديون تجعل الاستدانة خيارا شبه مستحيل، ما يضاعف احتمالات الركود”.

أسواق متضخمة تهدد بالانفجار

على جبهة الأسواق المالية، تتكشف أزمة أخرى لا تقل خطورة، فـ مؤشر مضاعف الربحية في ستاندرد آند بورز 500 وصل إلى 28، أي ما يقارب ضعف متوسطه التاريخي البالغ 15، وهذا التضخم يعكس فجوة عميقة بين الأسعار والقيمة الحقيقية للشركات. 

حتى جيروم باول، رئيس البنك الفيدرالي الأميركي، عبر عن خشيته من أن أي خفض سريع في أسعار الفائدة قد يفجر فقاعة مالية بدلا من أن ينعش الاقتصاد، والمفارقة هنا أن الأداة التقليدية للإنقاذ ـ أي خفض الفائدة ـ قد تتحول إلى سبب مباشر لانفجار الأسواق.

91.jpg
هل تقود الرسوم الجمركية أميركا نحو أزمة اقتصادية؟

وأشار أنيس إلى بعدا سياسيا لا يقل خطورة، فالرئيس الأميركي دونالد ترامب، وفق تحليله، لا ينظر إلى الأزمة من زاوية الاقتصاد الكلي بقدر ما ينظر إليها من زاوية المكاسب السياسية المباشرة، فضغوطه لخفض الفائدة تخدم هدفين متداخلين: تعزيز مستويات قياسية في سوق الأسهم ليدون اسمه في التاريخ السياسي، وتقليل كلفة خدمة الدين الحكومي المتفاقم، لكن هذه السياسات قصيرة النظر تهدد بتقويض الثقة في السندات الأميركية وفي الدولار كعملة احتياطية عالمية، ما قد يعرض الدولة الأميركية بأكملها لهزات مستقبلية.

ما بعد 2008.. أزمة أكثر تعقيدا

يبدو من السهل مقارنة الوضع الراهن بأزمة الرهن العقاري عام 2008، لكن يرى أنيس أن المقارنة مضللة، حيث أن أزمة 2008 كانت أزمة قطاع محدد يمكن عزله ومعالجته، أما اليوم، فالأزمة متشابكة مع بنية النظام الدولي ذاته، إذ تتزامن مع حرب أوكرانيا وما فرضته من استقطاب عالمي، وصعود الصين كقوة اقتصادية وعسكرية تسعى لكسر الهيمنة الأميركية، وانحسار نسبي في الدور الأميركي أمام تمدد نفوذ بكين.

وأمام هذه التغيرات، ينصح أنيس الدول العربية بثلاثة مسارات أساسية، ألا وهي:

  • النأي بالنفس عن الصراع الأميركي ـ الصيني ـ الروسي الذي لا يخدم مصالح المنطقة بشكل مباشر.
  • استغلال حالة الاستقطاب لتعظيم المكاسب الاقتصادية، سواء عبر الاستثمارات أو صفقات الطاقة.
  • مواكبة التحولات التكنولوجية، وهو ما بدأت بعض الدول كالإمارات في تحقيقه عبر استثمارات استراتيجية مع شركات أميركية في مجالات الذكاء الاصطناعي ومراكز البيانات، لضمان موقع متقدم في النظام العالمي الجديد.

ميزان القوى بين واشنطن وبكين

لا تزال الكفة تميل لصالح الولايات المتحدة، لكن الصعود الصيني بات حقيقة يصعب إنكارها، فمن توسع بكين عبر مبادرة الحزام والطريق، إلى دخولها سوق السلاح العالمي، ومحاولاتها لعب أدوار في أزمات دولية، تتضح ملامح صدام حتمي بين قوة مهيمنة وأخرى صاعدة.

هذا الصدام - بحسب تقرير سكاي نيوز - لا يأخذ شكل مواجهة عسكرية مباشرة حتى الآن، لكنه يتجلى في حروب تجارية، ونزاعات تكنولوجية، وصراع على النفوذ في المؤسسات الدولية.

ويرسم المشهد الختامي صورة اقتصاد أميركي يواجه أخطر اختبار منذ عقود: ديون قياسية، وأسواق متضخمة، ونمو متباطئ، وضغوط سياسية داخلية متشابكة مع استقطاب عالمي متزايد، فتحذيرات الفيدرالي، ومنظمة التعاون الاقتصادي، وصندوق النقد ليست توقعات على الورق، بل إنذار مبكر من أزمة مركبة تتجاوز الاقتصاد إلى جوهر مكانة أميركا في النظام الدولي.

إخلاء مسؤولية إن موقع عاجل الإخباري يعمل بطريقة آلية دون تدخل بشري،ولذلك فإن جميع المقالات والاخبار والتعليقات المنشوره في الموقع مسؤولية أصحابها وإداره الموقع لا تتحمل أي مسؤولية أدبية او قانونية عن محتوى الموقع.

اشترك فى النشرة البريدية لتحصل على اهم الاخبار بمجرد نشرها

تابعنا على مواقع التواصل الاجتماعى

السابق إخماد حريق داخل ميكروباص بمدينة 6 أكتوبر
التالى "إي تاكس" تحتفي بنجاح وزارة المالية في "التسهيلات الضريبية"