الأسطول يُعرف باسم Global Sumud Flotilla، أي “أسطول الصمود العالمي”، ويتكوّن من عشرات السفن والقوارب المدنية التي تضم نشطاء، محامين، صحفيين، وأطر مدنية من دول مختلفة، بهدف إيصال مساعدات إنسانية إلى غزة وكسر الحصار البحري المفروض عليها.
خلفية الأسطول وأهدافه
انطلق الأسطول من عدة موانئ، من بينها برشلونة، واليونان ، وصقلية ، وانضم إليه عدد من القوارب من تونس وغيرها، في رحلة تستهدف الوصول إلى سواحل غزة بالرغم من المنع الإسرائيلي المتكرر.

المنظمون يصرّون على أن الأسطول يحمل طابعًا سلميًا وإغاثيًّا، ويؤكدون أنهم لن يشاركوا في أعمال عدائية، وأن هدفهم الأساسي هو إيصال مساعدات محتاجة إلى سكان غزة والتعبير عن التضامن مع القضية الفلسطينية.
تفاصيل الهجوم الإسرائيلي المزعوم
في الساعات المتأخرة من ليل الثلاثاء/الأربعاء، أبلغ منظمو الأسطول أنه تم استهداف عدد من سفنهم في المياه الدولية قرب السواحل اليونانية، باستخدام طائرات من دون طيار (درونز)، مع سماع انفجارات، وتعطيل الاتصالات، وإلقاء أجسام غير محددة على بعض السفن.
المنظمون تحدثوا عن سقوط نحو 12 طائرة مسيَّرة استهدفت 9 سفينة، بعضها تعرض لأضرار، لكن لم ترد حتى الآن تقارير مؤكَّدة عن إصابات بشرية كبيرة.
قالت بعض السفن إن “جهاز الاتصالات تم تشويشه” أثناء العملية، وإن الهجمات اتّسمت بعناصر عمليات نفسية لمحاولة إثارة الذعر.
من بين القوارب المستهدفة كانت سفينة تسمّى “Spectre” التي بدا أنها سجلت انفجارًا على سطحها، وتعرّضت قوارب أخرى لهجمات متكررة.
الهجوم جاء بعد ادعاءات تنظيمية بأن بعض القوارب تعرضت لحالات مماثلة أثناء تواجدها في المياه التونسية، وهو ما أثار مخاوف من أن المسائل الأمنية تتعقّد طوال المسار البحري للأسطول.
الاستجابة الإيطالية والدولية
الحكومة الإيطالية استنكرت الهجوم بشدة، وأعلنت أنها أرسلت فرقاطة بحرية (الاسم: Fasan) نحو المنطقة التي وقع فيها الهجوم لتقديم المساعدة للمواطنين الإيطاليين الموجودين على متن الأسطول.

وزير الدفاع الإيطالي جويدو كروسيتو صرّح بأن الفرقة البحرية قد تكون مكلفة بعمليات إنقاذ محتملة أو تقديم الحماية أو المساندة، مع أقوى إدانة للهجوم وإبلاغ الجهات الدبلوماسية المعنية والجهات العسكرية الإسرائيلية بإشعار مسبق.
من جهتها، أعلنت منظمة غرينبيس (Greenpeace) عن قلق عميق تجاه الهجمات، واعتبرت الاستهداف "غير مقبول وغير قانوني"، ودعت جميع الحكومات إلى اتخاذ خطوات عاجلة لضمان مرور آمن للأسطول واحترام القانون الدولي الإنساني.
كذلك، أعرب الاتحاد الأوروبي والأمم المتحدة عن مطالبتهما لاحترام القانون الدولي وضرورة فتح تحقيق مستقل في الهجوم على الأسطول، مع تجميد أي تصرفات تستهدف سلامة الناشطين المدنيين.
سابقًا، في وقت مبكر من سبتمبر، أحاط وزراء خارجية 16 بلدًا إسرائيل بتحذير بعدم استخدام القوة ضد الأسطول، ودعوا إلى التزام بالقانون الدولي وعدم المساس بالمدنيين أو بالقوارب السلمية.
الجدل القانوني وحق اعتراض البعثة البحرية
يتداخل النقاش حول شرعية اعتراض إسرائيل للأسطول مع القوانين الدولية المتعلقة بـ قانون البحار والقانون الدولي الإنساني، خصوصًا في مسألة ما إذا كان الأسطول يخالف الحصار البحري المفروض على غزة.
وفقًا لما ورد في تحليل قانوني، فإن إسرائيل تقول إنها تملك الحق في اعتراض أي سفينة تحاول خرق الحصار البحري حتى إذا كانت في المياه الدولية، شريطة أن يكون هناك إشعار وتحذير مسبق وتقييم قانوني لخرق الحصار.
من جهة أخرى، بعض الحقوقيين والمنظمات يرون أن استهداف سفن مدنية سلمية في المياه الدولية دون مبرر قانوني يُشكّل انتهاكًا للقانون الدولي، لا سيما إذا لم تُقدّم هذه السفن تهديدًا عسكريًا ملموسًا.
المواقف الرسمية الإسرائيلية (حتى الآن)
حتى هذه اللحظة، لم يصدر تعليق رسمي واضح ومفصّل من الحكومة الإسرائيلية حول الهجوم، أو تأكيد أو نفي مسؤوليتها المباشرة عن استخدام الطائرات المسيّرة في الحادثة.
في الماضي، إسرائيل قد وصفت مثل هذه الأساطيل بأنها ترتبط بـ "مساعدات تُقدّم لحماس" أو بأنها مبادرات ذات أهداف سياسية، وسبق أن رفضت السماح لعبور الأساطيل إلى غزة دون أن تمر المساعدات عبر أراضيها أو تحت رقابتها الأمنية.
تأثير الحادثة والتداعيات المحتملة
الحادثة تمثل تصعيدًا جديدًا في التوتر البحري بين مبادرات التضامن مع غزة والردود الإسرائيلية المعروفة، مما قد يدفع نحو مزيد من الضغوط الدبلوماسية والتحقيقات الدولية في استخدام القوة ضد المدنيين في البحر.
قد يستدعي الأمر تدخلًا من محاكم دولية أو هيئات حقوقية لبحث إمكانية المحاسبة على أي استخدام مفرط للقوة أو انتهاك للقانون الدولي.
الأسطول، رغم الضغوط، أعلن التزامه بمهمته، مؤكدًا أن الهجمات لن تثنيه عن المضيّ قدماً في محاولة إيصال المساعدات لكسر الحصار من خلال البحر.
كما أن التحرك الإيطالي بإرسال الفرقاطة قد يفتح جدلاً حول دور القوّة البحرية في حماية البعثات المدنية، وما إذا كانت الدول المشاركة في الأسطول ستعتبر أهدافًا بطبيعة الحماية الدولية.
من الممكن أن تركز التحقيقات على الأدلة الرقمية (صور الأقمار، تسجيلات الاتصالات، تتبع آثار الطائرات المسيّرة) لتحديد الجهات التي نفذت الهجوم، وإن ثبت تورط جهات رسمية أو شبه رسمية ستكون النتائج قانونية وسياسية كبيرة