غمرت احتفالات اليوم الوطني الخامس والتسعين، مدن المملكة العربية السعودية، في الميادين والساحات العامة من الرياض إلى جدة ومن الدمام إلى جازان، تحت شعار "عزنا بطبعنا".
توافد ملايين المواطنين والمقيمين إلى أكثر من 350 موقعاً للاحتفال، في مشاهد بدت أقرب إلى كرنفال وطني ضخم يعكس تلاحم المجتمع والتفافه حول رمزية المناسبة، حيث تداخلت الموسيقى والعروض الشعبية والألعاب النارية مع استعراضات عسكرية وجوية ضخمة رسمت صورة بانورامية لبلاد تحتفي بتاريخها وتنظر إلى مستقبلها.
فعاليات متنوعة ترسم ملامح الفرح في الرياض والمدن الكبرى
في العاصمة الرياض، بدا الزخم الاحتفالي واضحاً مع عروض الطيران المبهرة التي نفذتها القوات الجوية في سماء المدينة، لتتحول السماء إلى لوحة خضراء وبيضاء تتخللها شعارات اليوم الوطني. توافد الآلاف إلى المناطق الترفيهية المخصصة، حيث امتزج التراث الشعبي بالعروض الفنية الحديثة في مشهد يجمع بين الجذور والحداثة.
أما في جدة والدمام، فقد تكرر المشهد نفسه مع عروض الألعاب النارية الضخمة التي أضاءت الواجهة البحرية والكورنيش، وجذبت عائلات بأكملها، في صورة عكست طابع المناسبة كحدث جماعي جامع يعيد إنتاج مفهوم الهوية الوطنية.
الباحة وحائل... حضور الأمن والتراث الشعبي
في منطقة الباحة، أخذت المسيرات العسكرية موقعها في قلب الاحتفالات، حيث تقدمت القطاعات الأمنية والعسكرية شوارع المدينة الرئيسية بأعلام المملكة وصور قادتها، في إشارة إلى الدور التاريخي للمؤسسة العسكرية في حماية الدولة ووحدتها.
وفي حائل، كانت الفعاليات أكثر تنوعاً، إذ اجتمع الآلاف على وقع العرضة السعودية والسامري الحائلي، بينما امتلأت ساحات "مدينة الطفل" بالعائلات والأطفال، وسط ألعاب شعبية وعروض موسيقية مباشرة وأوركسترا ميدانية، لتبدو المدينة وكأنها تعيش مهرجاناً متكاملاً يجمع بين الثقافة والترفيه.
مكة المكرمة وأبها.. سباق الفن واللون الأخضر
مكة المكرمة دشنت احتفالاتها بماراثون شارك فيه مئات العدّائين، بينما أنجز 95 فناناً جدارية فنية بطول 47 متراً، في عمل جماعي يجسد معاني الولاء والانتماء. وفي أبها، بدت المدينة وكأنها اكتست ثوباً أخضر كاملاً، إذ زينت أمانة المنطقة الطرق الرئيسية والفرعية بالأعلام والإضاءات، لتتحول المرتفعات الجنوبية إلى مشهد بصري يختلط فيه الضوء بالحياة اليومية للسكان، لتعطي الصورة للاحتفالات بعداً جمالياً مختلفاً، حيث امتزجت الطبيعة الجبلية بفضاءات الفن العام.
جازان والأطفال.. مشاركة عفوية ترسخ قيم الانتماء
لم تغب جازان عن المشهد، فقد شهدت احتفالات واسعة امتدت إلى المحافظات والمراكز، وسط مشاركة كثيفة من السكان والزوار، وكان الحضور الأبرز للأطفال الذين توشحوا بالأعلام وشاركوا في الفعاليات الميدانية، لتغدو لحظات الاحتفال هنا أشبه بدرس حي في الانتماء يتوارثه الجيل الجديد. هذا البعد المجتمعي منح الاحتفال معنى يتجاوز المظاهر الفنية، ليصبح مناسبة تؤكد على عمق العلاقة بين الأجيال والوطن.
و يستعيد السعوديون في كل عام ذكرى إعلان الملك عبد العزيز بن عبد الرحمن آل سعود توحيد البلاد عام 1932، وهو الحدث الذي نقل الجزيرة العربية من التشرذم إلى الدولة الحديثة. اليوم، وبعد خمسة وتسعين عاماً، تأتي المناسبة في ظل تحولات اقتصادية واجتماعية كبرى تقودها رؤية 2030، لتضيف بُعداً استراتيجياً إلى مشهد الاحتفال، حيث لم تعد المناسبة مجرد ذكرى، بل فرصة لإبراز الطموح نحو المستقبل.