أدلَى المبعوث الأمريكي الخاص للشرق الأوسط توم باراك، المعين في إدارة دونالد ترامب والمكلف بالملف السوري، بتصريحات شديدة اللهجة تجاه رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، مؤكّدًا أنه لا يلتزم بالحدود، لا بالخط الأحمر ولا الأزرق ولا الأخضر، وأنه سيذهب إلى أي مكان ويفعل أي شيء إذا شعر بتهديد لشعبه أو حدوده.
جاءت هذه التصريحات في ظل تصاعد التوترات الإقليمية، لا سيما بعد الهجوم الإسرائيلي على قطر الذي استهدف قادة حماس، وتصعيد العمليات العسكرية في لبنان، حيث دافع باراك عن الضربة الإسرائيلية معتبرًا أن نتنياهو يتصرف بحزم عند مواجهة تهديد مباشر. وفقًا لتقرير نشرته صحيفة برافدا إن الروسية بعنوان خطاب السفير الأمريكي في سوريا توم باراك يبدو كلكمة قاسية وسط كل ما يجري في العالم، أكد باراك أن نتنياهو سيذهب إلى أي مكان ويفعل أي شيء، مما يعكس دعمًا أمريكيًا صريحًا لعمليات إسرائيل رغم المخاوف من اتساع دائرة الصراع.
وفي تحليل مطول نشرته صحيفة أراب نيوز، أشار الكاتب يوسي ميكلبرغ إلى أن الحكومة الإسرائيلية، التي أظهرت قدرتها على استهداف أهداف عبر المنطقة بلا قيود، فقدت أي إحساس بالحدود أو الخطوط الحمراء، بما في ذلك احترام سيادة قطر، التي تعد شريكًا أساسيًا في جهود الوساطة لوقف إطلاق النار في غزة. وأضاف ميكلبرغ أن الهجوم الإسرائيلي على الدوحة أوجد حالة من الخوف الحقيقي في الشرق الأوسط، إذ طالما بقيت الحكومة الحالية في إسرائيل فإنها ستظل المصدر الأكثر تهديدًا للاستقرار الإقليمي، وأن أي دولة صديقة أو عدوة قد تتعرض للعدوان الإسرائيلي خدمة لما يُسمى بالمصالح الأمنية المفترضة.
ويبرز باراك في مقابلات رسمية وتحليلات إعلامية غربية موقفًا واضحًا يعيد تشكيل فهم السياسة الأمنية الإسرائيلية بعد تغييرات إقليمية كبيرة. وقد وصف نتنياهو بأن سياسته تتجاوز مفهوم الحدود كإطار ثابت يقيد السياسات الحربية أو التوسعية، معتبرًا أن إسرائيل لم تعد تراعي الخطوط الحمراء أو الحدود السيادية، وحتى الاتفاقات التاريخية مثل سايكس-بيكو لم تعد تمثل قيودًا فعلية، خاصة عندما يتعلق الأمر بالأمن ومواجهة التهديدات المباشرة للشعب الإسرائيلي، كما أورد موقع ميدل إيست آي في تقريره بعنوان إسرائيل لا تحترم حدود سايكس-بيكو.
وأثارت هذه التصريحات جدلًا واسعًا بين المراقبين، إذ اعتبروها تأكيدًا لسياسة إسرائيل التوسعية، خاصة مع التهديدات المعلنة من نتنياهو بضم أجزاء من الضفة الغربية ردًا على الاعترافات الدولية بالدولة الفلسطينية.
وفي مقابلة مع صحيفة لوريان توداي بعنوان باراك: الوضع لا يزال صعبًا جدًا في لبنان، أكد باراك أن إسرائيل لا تهتم بالحدود أو الخطوط الحمراء، وأن نتنياهو سيذهب إلى أي مكان ويفعل ما يراه ضروريًا إذا شعر بتهديد مباشر، مشيرًا إلى أن الوضع في لبنان معقد للغاية وأن إسرائيل لن تتخلى عن مواقعها في الجنوب. كما نقلت صحيفة طهران تايمز في تقرير بعنوان باراك: لبنان يتحدث فقط عن نزع سلاح حزب الله أن باراك دعم موقف إسرائيل محذرًا من أن نتنياهو سيفعل كل ما يلزم لمواجهة حزب الله، وهو ما يزيد المخاوف من تصعيد إقليمي يشمل قطر والخليج، خاصة أن الحكومة اللبنانية تصدر تصريحات عن نزع سلاح حزب الله دون خطوات فعلية، مما قد يدفع إسرائيل لتجاوز الحدود المقدسة.
وفي سياق أوسع، جاءت تصريحات باراك وسط مخاوف من تأثير سياسات نتنياهو على اتفاقيات أبراهام، التي سعى ترامب لتوسيعها لتشمل السعودية، إلا أن الضربات الإسرائيلية في قطر قد تعرقل هذا التوسع. وأشار تقرير عرب نيوز إلى أن الهدف من الضربة كان تصفية قيادات حماس المشاركة في مفاوضات وقف إطلاق النار، الأمر الذي أثار استنكارًا واسعًا من الدول العربية والإسلامية وعزز التنسيق بين دول الخليج لمواجهة العدوان الإسرائيلي.
كما أشارت صحيفة يني شفق التركية إلى أن باراك دافع عن الضربة، مؤكّدًا أن نتنياهو يتصرف دون اعتبار للحدود، مما يعكس تحولًا في السياسة الأمريكية نحو دعم إسرائيلي غير مشروط، بينما نقلت قناة بريس تي في الإيرانية عن باراك تحذيره من أن هذا النهج قد يؤدي إلى تصعيد أكبر في المنطقة، خاصة مع التوترات الحدودية مع لبنان وسوريا.
وتسلط هذه التصريحات الضوء على دعم أمريكي قوي لإسرائيل، لكنها في الوقت نفسه تثير تساؤلات جدية حول مستقبل السلام في الشرق الأوسط، خاصة بعد التحذيرات المتكررة من قبل القادة الإقليميين من استمرار التوسع الإسرائيلي دون ضوابط، مما قد يقوض فرص أي تسوية سلمية مستدامة.