
شهدت قاعة الجمعية العامة للأمم المتحدة في نيويورك يوم 12 سبتمبر 2025 حدثًا مفصليًا، حيث صوّتت 142 دولة لصالح تبنّي "إعلان نيويورك"، الذي يعيد التأكيد على حل الدولتين كأساس لإنهاء الصراع الفلسطيني ـ الإسرائيلي. وفي المقابل، رفضت 10 دول فقط القرار، على رأسها الولايات المتحدة الأمريكية، بينما امتنعت بعض الدول الأخرى عن التصويت.
الجمعية العامة تصوّت بأغلبية كاسحة
هذا التصويت اعتبره المراقبون رسالة قوية من المجتمع الدولي ضد السياسات الإسرائيلية وعدوانها المتواصل على الشعب الفلسطيني، خاصة بعدما مارست واشنطن ضغوطًا وتهديدات لثني بعض الدول عن دعم القرار.

أحمد موسى: العالم قال لا لأميركا وإسرائيل
وفي ذات السياق أكد الاعلامي أحمد موسى واصفًا ما جرى داخل الجمعية العامة بأنه شهادة تاريخية على تراجع النفوذ الأميركي، قائلاً: "العالم شهد شهادة مهمة داخل قاعة الجمعية العامة، بعدما ارتفع صوت العالم الحر لصالح فلسطين. ورغم ضغوط واشنطن، إلا أن صوت العدالة غلب، وقال العالم بوضوح: لا لأميركا ولا لإسرائيل".
وأضاف موسى أن هذا الموقف يتقاطع مع ما دعا إليه الرئيس عبد الفتاح السيسي خلال قمة "بريكس"، بضرورة إصلاح منظومة الأمم المتحدة، وعدم السماح لدولة واحدة باستخدام الفيتو لتعطيل إرادة المجتمع الدولي أو التحكم في مصير الشعوب.
باريس تقود الاعتراف الرسمي بفلسطين
من جانبها تستعد فرنسا لإعلان اعترافها الرسمي بدولة فلسطين من على منبر الأمم المتحدة يوم الاثنين المقبل، بحسب ما أكده الرئيس إيمانويل ماكرون، الذي شدد على أن الخيار العسكري لن يقود إسرائيل إلا إلى "طريق مسدود".
ووفق مصادر دبلوماسية فرنسية، فإن إعلان باريس سيكون الشرارة التي تدفع ما لا يقل عن عشر دول أخرى للحاق بالخطوة، بينها بريطانيا وكندا وأستراليا وبلجيكا والبرتغال ومالطا ونيوزيلندا. وترى باريس أن هذه الخطوة تمثل "انتصارًا دبلوماسيًا ولحظة تاريخية"، نتيجة جهود مثابرة شاركت فيها مع شركائها وعلى رأسهم المملكة العربية السعودية.
العزلة الدولية لإسرائيل
وفي ذات السياق ترى فرنسا أن إسرائيل باتت تعاني عزلة سياسية غير مسبوقة، سواء في مجلس الأمن أو الجمعية العامة أو حتى في علاقاتها الثنائية مع دول كانت داعمة لها تاريخيًا. ويؤكد خبراء أن رفض إسرائيل للمبادرات السياسية جعلها في مواجهة مباشرة مع المجتمع الدولي.
ويقول الدكتور ستيفان دوبوا، الخبير الفرنسي في العلاقات الدولية: "الاعتراف الدولي بفلسطين لم يعد خطوة رمزية، بل هو تأكيد على أن المجتمع الدولي لم يعد يقبل بسياسة الأمر الواقع التي تفرضها إسرائيل بالقوة العسكرية".
التحديات أمام إقامة الدولة الفلسطينية
رغم الزخم الدولي، تري باريس الي أن الانتقال إلى الاعتراف إلى الإقامة الفعلية للدولة الفلسطينية يتطلب تجاوز ثلاث عقبات أساسية أبرزها:
1. تشكيل لجنة إدارية مؤقتة بإشراف السلطة الفلسطينية المجددة، مع الالتزام بنزع سلاح "حماس".
2. إعادة إعمار غزة وفق خطة الجامعة العربية الصادرة في قمة القاهرة في مارس الماضي.
3. إطلاق بعثة دولية مؤقتة بإشراف الأمم المتحدة لتأمين الأوضاع وتهيئة البيئة السياسية.
بداية مسار جديد
التصويت الأممي الكاسح، والاعتراف المرتقب من فرنسا وعدد من الدول الغربية، يمثلان تحولًا استراتيجيًا في مسار القضية الفلسطينية. وبينما يراه الكثير من المحللين الدولين أنه دليلاً على تراجع الهيمنة الأميركية، كما يراه الخبراء نقلة نوعية تعيد الاعتبار لحل الدولتين.
وبينما يترقب العالم خطاب ماكرون يوم الاثنين، يبدو أن القضية الفلسطينية تدخل منعطفًا جديدًا قد يحوّل الحلم المؤجل لعقود إلى واقع سياسي يفرض نفسه على المجتمع الدولي