
يقوم مراسل الأمم المتحدة بقطاع غزة بتوثيق الأحداث وعملية النزوح الجماعي للفلسطينيين، ففي ظل تصاعد العمليات العسكرية لقوات الإحتلال الإسرائيلية والمنشورات التي تأمر بالنزوح حيث تواصل آلاف العائلات الفلسطينية الفرار من شمال قطاع غزة، وسط ظروف إنسانية بالغة التعقيد، في خضم نقص وسائل النقل وارتفاع تكلفتها التي قد تصل إلى 3000 دولار، وهو ما يجعلها خيارًا مستحيلًا بالنسبة للكثيرين.
يصطف الآلاف من السكان وهم يفرون من شمال القطاع، في أعقاب أوامر الإخلاء العسكرية الإسرائيلية، في رحلة مضنية نحو الجنوب إلى الأجزاء الوسطى والجنوبية من القطاع.
وتواصل مئات العائلات الفلسطينية الفرار من شمال قطاع غزة، وسط ظروف إنسانية بالغة التعقيد، في خضم نقص وسائل النقل وارتفاع تكلفتها التي قد تصل إلى 3000 دولار، وهو ما يجعلها خيارا مستحيلا بالنسبة للكثيرين.

وقال مراسل الأمم المتحدة في غزة والذثي وثق بعدسته مشاهد المعاناة، والتي كشفت عن مشهد حزين لنازحيين يسيرون على الأقدام، فبينما كان البعض يجرّ عربات محملة بممتلكاتهم على طول شارع الرشيد، كان آخرون، من بينهم نساء وأطفال، يحاولون أخذ قسط من الراحة بعد ساعات طويلة من المشي، وقد شهد جسر وادي غزة في وسط القطاع ازدحامًا شديدًا جراء هذا التدفق البشري الهائل.
وتواصل مئات العائلات الفلسطينية الفرار من شمال قطاع غزة، وسط ظروف إنسانية بالغة التعقيد، في خضم نقص وسائل النقل وارتفاع تكلفتها التي قد تصل إلى 3000 دولار، وهو ما يجعلها خيارا مستحيلًا بالنسبة للكثيرين.
جميع البيوت والأحياء قُصفت
في خضم هذا الحشد، يمشي أبو نادر صيام، وهو رجل مسن، ببطء ممسكًا بيده اليمنى عصاه، وباليسرى يد زوجته الحاجة زكية صيام، وقد أصابهما الإرهاق بعد ست ساعات من المشي المتواصل.

يشرح أبو نادر لمراسل الأمم المتحدة معاناته بالقول: "أنا قادم من حي تل الهوى في مدينة غزة. لم يتركوا بيتًا أو حيًا إلا وقصفوه، القصف مستمر، وقد أسقطوا منشورات تأمرنا بالإخلاء. سرنا لمدة ست ساعات لأننا لم نجد سيارة أو أي وسيلة نقل".
حدثتنا الحاجة زكية صيام، عن رحلة فرار لا تتوقف بعد أن حول القصف منزلهما إلى ركام: "ذهبنا إلى حي الشجاعية، ثم نزحنا إلى حي الشعف في مدينة غزة قبل أن يتم قصفه، بعد ذلك ذهبنا إلى شاطئ البحر غرب مدينة غزة وأقمنا هناك أنا وزوجي ليلتين دون خيمة. جلسنا على الرصيف بجوار الخيام واختبأنا بجانب إحداها، ثم واصلنا المشي على الأقدام".
موت وخراب ديار
من بين الآلاف جاءت السيدة أم شادي الأشقر وهي تحمل كيسا به أغراضها أثناء توجهها جنوبًا على قدميها، تصف لمراسل الأمم المتحدة حجم معاناتها بالقول: "هناك "في مدينة غزة" موت وقصف وتفجير وتدمير للمنازل. لماذا غادرنا؟ لو لم يكن هناك قصف، لما غادر أحد، حتى لو أسقطوا منشورات، لو لم يكن هناك قصف، لما غادر أحد مدينة غزة، لكانوا بقوا في منازلهم. لكن هناك موت وخراب".

فقدت 25 فردا من عائلتي
أيمن الخطيب، شاب عانى مرارة الفقدان والألم بعد مقتل جميع أفراد أسرته تقريبا، يفرّ على قدميه مع أقاربه القلائل الذين بقوا على قيد الحياة، وكانت عمته تمسك بذراعه وكأنها تخاف من أن تفقده هو الآخر.

قال: "قُتلت عائلتي بأكملها في حي تل الزعتر بمخيم جباليا في شمال غزة. قُتل أكثر من 25 فردا من عائلتي، أطفالي وزوجتي ووالدتي وإخوتي وزوجاتهم، هؤلاء هم من تبقوا من عائلتي: هذا ابن أخي، وهذا ابني، وهذا ابن أخي الآخر، وهذه عمتي. هربنا تحت القصف، ولم نجد وسيلة نقل، طلبوا منا 2000 شيكل لنستقل سيارة، لكننا لا نملك المال. ليس لدينا خيمة أو أي شيء. قمت بالعديد من الاتصالات والمناشدات، لكن لا أحد يستجيب لي".
وفقًا لوكالة الأمم المتحدة لإغاثة وتشغيل لاجئي فلسطيين في الشرق الأدنى (الأونروا)، بلغ متوسط تكلفة النزوح من غزة إلى الجنوب إلى 3,180 دولارًا، مشيرة إلى أن الوقود نادر، وأن إمدادات المأوى مُنعت من الدخول لمدة سبعة أشهر بسبب الحصار الإسرائيلي.
وفي الأسابيع الأخيرة، كثّف الجيش الإسرائيلي قصفه للمباني السكنية الشاهقة في مدينة غزة. وقال مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية (أوتشا) إن أكثر من 250,000 شخصًا نزحوا من المدينة في الشهر الماضي وحده، من بينهم 60,000 شخص خلال 72 ساعة فقط، مع تقدم قوات الإحتلال إلى أحياء ذات كثافة سكانية عالية مثل الشيخ رضوان وتل الهوى.