توصلت دراسة حديثة إلى أن الاستماع إلى أنواع معينة من الموسيقى يمكن أن يقلل بشكل كبير من أعراض دوار الحركة، حيث أظهرت النتائج انخفاضًا في شدة الأعراض بما يزيد عن النصف في بعض الحالات. وتفتح هذه النتائج أفقًا جديدًا لتجربة سفر أكثر راحة، بعيدًا عن الحلول الدوائية التقليدية.
الفص القذالي وتكنولوجيا مراقبة الدماغ
في الدراسة التي نشرتها دورية Frontiers in Human Neuroscience، استخدم باحثون من جامعة ساوث ويست في الصين تكنولوجيا مراقبة نشاط الدماغ عبر قبعات "EEG" لتتبع التغيرات في الموجات الدماغية أثناء محاكاة قيادة مخصصة لـ 30 متطوعًا يعانون من دوار حركة متوسط الشدة. كان التركيز الرئيس على الفص القذالي، الذي يرتبط بالإدراك البصري وغالبًا ما يكون المسؤول عن أعراض دوار الحركة.
أنواع الموسيقى وتفاعل الدماغ
تضمنت الدراسة أربع أنواع من الموسيقى: المبهجة، الهادئة، العاطفية (المؤثرة)، والحزينة. تم تقسيم المتطوعين إلى مجموعات استمعت كل منها إلى نوع موسيقي مختلف، بينما كانت هناك مجموعة ضابطة لم تتلقَ أي موسيقى، بالإضافة إلى مجموعة أخرى توقف جهاز المحاكاة لها عند بداية الإبلاغ عن دوار حركة خفيف.
النتائج: الموسيقى المبهجة والهادئة الأفضل في التخفيف
تم رصد التغيرات في نشاط الدماغ باستخدام تقنيات التعلم الآلي، ما أتاح تحليلاً دقيقًا للأعراض في الوقت الفعلي. وأظهرت النتائج أن الموسيقى المبهجة والهادئة حققت أكبر انخفاض في أعراض دوار الحركة، حيث قللت من الشعور بالغثيان بنسبة 56.7% و57.3% على التوالي. في المقابل، كانت الموسيقى الحزينة أقل فعالية، حيث خففت الأعراض بنسبة 40% فقط، وهو ما كان أقل من فعالية المجموعة الضابطة.
استراتيجية مبتكرة لتخفيف دوار الحركة
وأوضح الباحث كييزونغ يوي من جامعة ساوث ويست أن "دوار الحركة يمثل تحديًا حقيقيًا للكثيرين أثناء السفر، وغالبًا ما تحمل العلاجات الدوائية آثارًا جانبية غير مرغوب فيها مثل النعاس". وأضاف أن "الموسيقى تمثل تدخلًا غير جراحي، ومنخفض التكلفة، ويمكن تخصيصه وفقًا لاحتياجات الفرد".
يعتقد الباحثون أن الموسيقى الهادئة تساعد في تقليل التوتر الذي قد يزيد من حدة دوار الحركة، بينما تساهم الموسيقى المبهجة في تحفيز الدماغ وتشتيت الانتباه عن الأعراض. من ناحية أخرى، كانت الموسيقى الحزينة أقل فعالية، وقد يكون لها تأثير عكسي، مما يفاقم المشاعر السلبية.
موسيقى لراحة أكبر أثناء السفر
تعزز هذه الدراسة من فكرة استخدام الموسيقى كوسيلة لتخفيف أعراض دوار الحركة، خاصة لأولئك الذين يعانون من هذا المرض أثناء السفر جوًا أو بحرًا. بناءً على نتائج الدراسة، يُنصح الأشخاص الذين يعانون من دوار الحركة الاستماع إلى موسيقى مبهجة أو هادئة كخيار بسيط وفعّال لتخفيف الأعراض.
وفي الختام، قد تصبح الموسيقى أحد الحلول المستقبلية الواعدة لمشكلة دوار الحركة التي تواجه العديد من المسافرين حول العالم، بعيدًا عن الأدوية التقليدية.