أثار التوغل الإسرائيلي داخل مدينة غزة موجة واسعة من الاستهجان في الصحف الغربية. فقد اعتبرت صحيفة الجارديان أن ما يجري يمثل خطوة عسكرية تنذر بتصعيد خطير ضد المدنيين، مشيرة إلى أن إسرائيل لا تكتفي بملاحقة الفصائل المسلحة وإنما تعيد تشكيل الجغرافيا العمرانية عبر الضغط المباشر لإفراغ المدينة من سكانها.
وتضيف الصحيفة أن الأسلوب الذي تتبعه إسرائيل يقوم على ما وصفته بسياسة "التطويق الطويل" من دون سقف زمني واضح، وهو ما يضع المدنيين في مواجهة مفتوحة مع أهوال القتال.
أما وكالة رويترز فقد ركزت على التحذيرات الصادرة عن الأمم المتحدة بشأن المخزونات الحيوية من الغذاء والوقود، مؤكدة أن هذه المواد الأساسية أوشكت على النفاد الكامل.
وأوضحت تقارير الوكالة أن أي عرقلة إضافية في المعابر قد تدفع مئات الآلاف إلى مجاعة فعلية، خاصة أن المستشفيات تعتمد بشكل كامل على الوقود لتشغيل المولدات.
وتصف الأمم المتحدة هذا الوضع بأنه "جرس إنذار أخير" قبل الانهيار الإنساني واسع النطاق.
من جهتها أبرزت صحيفة نيويورك تايمز المفارقة القائمة في المشهد، إذ تدعو إسرائيل المدنيين إلى النزوح جنوبا لكنها لا توفر ممرات إنسانية آمنة كافية ولا تقدم ضمانات لحمايتهم من القصف أثناء التحرك.
وترى الصحيفة أن هذه الازدواجية تمثل "معضلة أخلاقية" قاسية، حيث يجد السكان أنفسهم أمام خيارين أحلاهما مر: البقاء تحت القصف أو النزوح نحو مناطق لا تصلها المساعدات بشكل كاف.
وفي السياق ذاته، أشارت صحيفة لوموند الفرنسية إلى أن الضغوط الدبلوماسية على إسرائيل تتصاعد مع كل يوم يمر من عمر الأزمة. فالحكومات الغربية وإن اختلفت في مواقفها الرسمية إلا أنها تواجه ضغطا شعبيا وإعلاميا متناميا يطالب بوقف العمليات داخل المناطق المكتظة بالسكان.
وذكرت الصحيفة أن الانتقادات لم تعد مقتصرة على منظمات حقوق الإنسان، بل باتت أصوات سياسية مؤثرة في عواصم غربية تحذر من انعكاس هذه السياسات على صورة إسرائيل العالمية التي باتت تعاني المزيد من العزلة في المجتمع الدولي.
أما مجلة فورين بوليسي فقد تناولت الموضوع من زاوية مختلفة، مؤكدة أن الموقف الأممي الحالي لا يقتصر على البعد الإنساني وإنما يشكل أداة ضغط سياسي واضحة.
وترى المجلة أن التحذيرات من نفاد الغذاء والوقود ليست مجرد إحصاءات ميدانية، بل إطار يهدف إلى ربط المسار العسكري بمدى التزام إسرائيل بالقانون الدولي.
وبحسب المجلة فإن هذا التحول يضع النقاش العالمي في قلب سؤال الشرعية القانونية والأخلاقية، ويجعل إسرائيل أمام تحد متزايد في الساحة الدولية.