تظل قصة جورج ستيني الابن واحدة من أبشع المآسي في التاريخ القضائي الأمريكي، حيث أُعدم طفل لم يتجاوز الرابعة عشرة من عمره في ولاية كارولاينا الجنوبية عام 1944، ليصبح أصغر شخص ينفذ فيه حكم الإعدام في الولايات المتحدة خلال القرن العشرين، وتعيد هذه الحكاية المؤلمة طرح تساؤلات حول عدالة الأنظمة القضائية حين تتغلب عليها العنصرية والتحامل.

بداية قصة جورج ستيني الابن
يبدأ المشهد مع العثور على جثتي طفلتين من ذوي البشرة البيضاء، هما بيتي البالغة 11 عامًا وماري البالغة 7 أعوام، بالقرب من منزل عائلة ستيني، وفي غياب الأدلة القاطعة، جرى اتهام جورج الصغير بالجريمة، رغم أنه لم يكن هناك رابط مباشر يربطه بها، ومع ذلك، وُجهت إليه أصابع الاتهام سريعًا بسبب لون بشرته ومكانته الاجتماعية، لتبدأ محاكمة لم تستغرق سوى بضع ساعات فقط.
وشهدت جلسة المحاكمة غيابًا تامًا لمعايير العدالة، إذ لم تُتح لجورج فرصة الدفاع الحقيقي عن نفسه، ولم يُوفر له محامٍ يملك القدرة على مواجهة الاتهامات، ورغم ضعف الأدلة، أصدرت هيئة المحلفين حكمها بالإدانة في وقت قياسي، لتصدر المحكمة لاحقًا قرارها بإعدامه على الكرسي الكهربائي.

اعدام جورج ستيني الابن
في يونيو 1944، واجه جورج ستيني حكم الإعدام وسط صدمة محدودة لمجتمع كان آنذاك غارقًا في التمييز العنصري، وكان جسده الصغير غير مهيأ حتى لمقعد الكرسي الكهربائي، مما اضطر منفذي الحكم إلى رفعه على كتاب هاتف ليتمكن الجهاز من ملامسة رأسه، وتلقى الطفل صعقة كهربائية بلغت قوتها أكثر من خمسة آلاف فولت، أنهت حياته في لحظات.

براءة جورج ستيني الابن بعد 70 عامًا
مرت عقود طويلة قبل أن يعود ملف القضية إلى الضوء، حيث طالب نشطاء ومحامون بإعادة النظر في الحكم، وبعد سبعين عامًا، وتحديدًا في عام 2014، أصدر قاضٍ في كارولاينا الجنوبية قرارًا بإلغاء الإدانة والاعتراف بأن جورج ستيني قد حوكم وأدين ظلمًا، وكان الحكم بمثابة اعتراف رسمي متأخر بأن الصبي البريء دُفع إلى موت لم يستحقه.
وأصبحت مأساة جورج ستيني رمزًا للظلم الذي يمكن أن يولده التحامل والخوف في أنظمة العدالة، وجرس إنذار حول خطورة التسرع في إصدار الأحكام، خاصة حين يتعلق الأمر بحياة الأطفال، وتستحضر هذه القصة تساؤلًا قاسيًا، كم من الأرواح الصغيرة الأخرى فقدت تحت وطأة ظلم طواها النسيان؟