تشهد عمليات استخراج المعادن الأرضية النادرة من الأجهزة القديمة (منتهية الصلاحية) ثورة تقنية تُسهِم في تحويل عمليات إعادة التدوير إلى نشاط يدرّ عائدًا مجزيًا ويوفر كميات من خامات صناعات المستقبل.
وسلّط منع الصين صادرات تلك المعادن إلى الدول الغربية -في وقت سابق من العام الجاري- الضوء على أهمية وجود مصادر بديلة وجيدة للدولة الآسيوية التي تهيمن على النشاط، والتي يمكن أن تستعمله بوصفه سلاحًا في وجه تلك الدول عند الخلاف معها.
وفعلت بكين ذلك مع أميركا عند احتدام الخلافات التجارية معها، قبل التوصل إلى هدن متكررة لإجراء مفاوضات مشتركة، ولم يختلف الوضع مع الدول الغربية، التي شهدت موجة أعطال كبيرة في مصانع السيارات وغيرها من المنتجات المعتمدة على المعادن الأرضية النادرة.
كما أشعل ذلك سباقًا بين الدول الغربية للتوسع في بناء سلسلة إمدادات من تلك المعادن خاصة في الولايات المتحدة؛ إذ استحوذت وزارة الدفاع على حصة مباشرة في منجم "إم بي ماتيريلز"، وهو الوحيد في أميركا الذي ينتج المعادن الأرضية النادرة، والذي تستعمله في ضمان توفيرها للسوق المحلية بسعر أرخص.
غير أن جزءًا من الحل يعتمد على إعادة تدوير الأجهزة والمعدات منتهية الصلاحية التي تحتوي على هذه المعادن، لكن لم يكن هذا المجال جذابًا للمستثمرين بسبب ارتفاع التكلفة، وانخفاض الكميات المستخرجة، إلا أن الوضع بدأ يتغير، وفق تفاصيل تابعتها منصة الطاقة المتخصصة (مقرّها واشنطن).
استخلاص المعادن الأرضية النادرة أصبح مجديًا تجاريًا
يبدو أن شركات عديدة وجدت طريقها لجعل عمليات استخلاص المعادن الأرضية النادرة من الأجهزة المستهلكة مجدية تجاريًا.
ومن هذه الشركات "سيكليك ماتيريلز" الكندية Cyclic Materials، التي أعلنت، في يونيو/حزيران الماضي، استثمار 25 مليون دولار في منشأة لإعادة تدوير في أونتاريو (العاصمة الكندية)؛ ما يفتح طريقًا إلى تحويل 500 طن متري سنويًا من المواد الخام الغنية بالمغناطيس إلى أكسيد عناصر أرضية نادرة مخلوط.
كما وقّعت سيكليك ماتيريلز اتفاقًا مع شركتي "ليم" Lime، المطورة للدراجات الكهربائية المشتركة واسعة الانتشار، و"سينتيك" SYNETIQ، الرائدة في المملكة المتحدة بمجال إنقاذ السيارات، لتوريد محركات منتهية الصلاحية.
ولن تقتصر تقنيات التفكيك والمعالجة الخاصة في الشركة الكندية على استعادة المعادن الأرضية النادرة، لكن ستشمل أيضًا جميع المعادن الأخرى مثل النحاس، الذي سيُرسَل إلى مصهر "غلينكور" Glencore في هورن بكيبيك، لتكريره وتحويله إلى كاثود.
ويتولى قسم "ريليمنت تكنولوجيز" في شركة "أميركان ريسورز" زمام القيادة في استعمال تقنية الكروماتوغرافيا؛ لفصل المعادن عن مغناطيسات المعادن النادرة وبطاريات الليثيوم أيون منتهية الصلاحية في مصنعه بولاية إنديانا.
وحصلت الشركة على منحة قيمتها مليونا دولار في شهر سبتمبر/أيلول الجاري (2025)، وتزعم أن تقنيتها تستهلك طاقة أقل بنسبة 75% وتولّد انبعاثات كربونية أقل بنسبة 70%، مقارنة بعمليات إعادة التدوير الحالية.

مايكروسوفت وأبل تدخلان النشاط
أعلن تحالف من 3 شركات، يضم مايكروسوفت و"ويسترن ديجيتال"، إضافة إلى "كريتيكال ماتيريلز ريسيكلينغ" الأوروبية، تجربة تقنية إذابة خالية من الأحماض، طورها مركز ابتكار المواد الحرجة التابع لوزارة الطاقة الأميركية، لاستعادة المعادن الأرضية النادرة من الأقراص الصلبة التي جُمعت من مراكز بيانات مايكروسوفت.
وتتوسع شركة "إم بي ماتيريلز"، التي استحوذت وزارة الدفاع الأميركية على حصة مباشرة بها، في إعادة تدوير المعادن الأرضية النادرة من خلال شراكة بقيمة 500 مليون دولار مع شركة أبل.
وتعني تلك التجارب أن ثورة استخلاص المعادن الأرضية النادرة من الأجهزة منتهية الصلاحية على مستوى تجاري، قد بدأت الآن، خاصة أن التقنيات الجديدة توفر تكلفة أقل من المناجم الجديدة ومصانع المعالجة الأولية، وبسرعة أكبر.
ووفق تحليل في رويترز؛ فإنه إذا أراد الغرب التحرر من قبضة الصين على المعادن الأرضية النادرة، سيحتاج لمصادر إمداد رئيسة من المناجم وثانوية من مصادر أخرى مثل إعادة التدوير؛ لتلبية الطلب المتزايد من قبل الصناعات النظيفة.
ومن المتوقع أن ينمو استعمال العناصر الأرضية النادرة الأساسية، وتشمل: النيوديميوم والبراسيوديميوم والديسبروسيوم والتيربيوم؛ من 59 ألف طن في 2022 إلى 176 ألف طن في 2035.
موضوعات متعلقة..
اقرأ أيضًا..
المصدر: