لم تعد الكابلات البحرية مجرد خطوط تمر تحت المحيطات، بل أصبحت شرايين رقمية تنقل اقتصاد المعرفة وتؤسس لمراكز نفوذ جديدة في عالم التكنولوجيا، وتعد مصر، بموقعها الجغرافي الفريد الذي يربط بين الشرق والغرب، واحدة من أكثر الدول تأثيرًا في هذه المنظومة، حيث تمر عبر أراضيها غالبية الكابلات البحرية التي تنقل ما يقرب من 90% من حركة البيانات العالمية بين آسيا وأوروبا.
وفي هذا السياق، تواصل مصر ترسيخ مكانتها كمحور حيوي لحركة الاتصالات الدولية، من خلال الإعلان عن إنزال الكابل البحري الجديد SEA-ME-WE 6 على سواحلها، وهو مشروع دولي ضخم يعكس الشراكة بين المصرية للاتصالات وشركة SubCom الأمريكية، ويجسد رؤية استراتيجية بعيدة المدى لتعزيز البنية التحتية الرقمية وتحويل مصر إلى مركز عالمي لحركة البيانات العابرة للقارات.
إنزال ناجح للكابل البحري الجديد SEA-ME-WE 6
أعلنت الشركة المصرية للاتصالات، بالتعاون مع شركة SubCom، الانتهاء بنجاح من عمليات الإنزال للكابل البحري SEA-ME-WE 6 داخل الأراضي المصرية، وتحديدًا في مدينتي بورسعيد على البحر المتوسط ورأس غارب على البحر الأحمر.
وتمت أعمال الربط بين النقطتين من خلال مسارين أرضيين يتمتعان بدرجات عالية من التنوع والموثوقية، ما يعزز أمن واستقرار نقل البيانات، ويمهّد لتشغيل الكابل بكفاءة فائقة فور اكتمال الإنزال في بقية الدول.

SEA-ME-WE 6.. عمود فقري للاتصالات بين آسيا وأوروبا وأفريقيا
الكابل الجديد، وهو النسخة السادسة من سلسلة "جنوب شرق آسيا – الشرق الأوسط – أوروبا"، يمتد لمسافة تُقدّر بنحو 21,700 كيلومتر، ويربط مدينة تواس في سنغافورة بمدينة مارسيليا الفرنسية، مرورًا بـ17 نقطة إنزال حول العالم، من بينها مصر التي تحتل موقعًا مركزيًا في هذا الامتداد.
ويهدف المشروع إلى توفير اتصال استراتيجي بين قارات آسيا وأفريقيا وأوروبا، معزّزًا بذلك البنية التحتية العالمية لشبكات الاتصالات، ومضيفًا مستويات جديدة من السعة والمرونة لتلبية الطلب المتزايد على نقل البيانات.
المشروع يضم تحالف عالمي من 16 شركة عملاقة
يشارك في تنفيذ وتمويل الكابل تحالف دولي يضم 16 من كبريات شركات الاتصالات في العالم، من بينها مايكروسوفت الأمريكية، وأورنج الفرنسية، وموبايلي السعودية، وبهارتي إيرتل الهندية، وتشاينا يونيكوم الصينية، وشركات أخرى من بنجلاديش، المالديف، جيبوتي، البحرين، سنغافورة، سريلانكا، ماليزيا، إندونيسيا، وباكستان، بالإضافة إلى المصرية للاتصالات التي تلعب دورًا محوريًا في هذا المشروع العملاق.
وتتولى شركة SubCom تنفيذ الأعمال الفنية والهندسية للكابل، بما يشمل مراحل التصنيع، والتركيب، والربط الفني بين النقاط المختلفة على مساره.

مصر نحو مركز اتصالات عالمي
اختيار مصر ضمن النحال ليس من قبيل الصدفة، بل تأكيدا على موقع مصر الفريد، وهذا ما أكده المهندس محمد نصر، العضو المنتدب والرئيس التنفيذي للمصرية للاتصالات: "نجاح عمليات إنزال الكابل الجديد في مصر تمثل نقطة تحول مهمة في استراتيجية المصرية للاتصالات للتوسع دوليًا وتعزيز حضورها على مستوى شبكات الكابلات البحرية".
وأوضح أن الربط بين ساحلي البحر الأحمر والمتوسط داخل مصر تم من خلال مسارين أرضيين فريدين يضمنان أقصى درجات الأمان والمرونة، مضيفًا: "المسار المعروف باسم أوراسيا الذي يربط جنوب شرق آسيا بأوروبا أثبت عبر العقود الماضية أنه شريان حيوي للاتصالات العالمية، ونعمل اليوم على تحديثه وتطويره عبر هذا المشروع".
وأكد نصر أن هذه الخطوة تأتي ضمن التزام المصرية للاتصالات بدعم الأهداف الرقمية للدول إقليميًا وعالميًا، عبر بناء بنية تحتية قوية ومرنة قادرة على التكيّف مع متطلبات المستقبل، خاصة في ظل الزيادة الهائلة في أحجام البيانات الناتجة عن توسع الخدمات الرقمية وتطبيقات الذكاء الاصطناعي والحوسبة السحابية.

مصر حلقة الوصل في ربط الشرق بالغرب رقميًا
مع دخول SEA-ME-WE 6 مرحلة التشغيل الكامل بعد استكمال الإنزال في باقي الدول، تزداد أهمية السؤال: هل تسير مصر بخطى ثابتة نحو التحول إلى المركز العالمي الأهم لربط الشرق بالغرب رقميًا؟ وما الأثر المتوقع لهذه المكانة على مستقبل الاستثمار التكنولوجي والاقتصاد الرقمي المحلي؟ تساؤلات تطرحها هذه الخطوة، وقد تحمل الإجابة ملامح مرحلة جديدة في خريطة الاتصالات العالمية.
إخلاء مسؤولية إن موقع عاجل الإخباري يعمل بطريقة آلية دون تدخل بشري،ولذلك فإن جميع المقالات والاخبار والتعليقات المنشوره في الموقع مسؤولية أصحابها وإداره الموقع لا تتحمل أي مسؤولية أدبية او قانونية عن محتوى الموقع.