يأتي التصعيد الخطير في الملف اليمني تزامنًا مع تحذيرات دولية متزايدة بشأن توسع أنشطة مليشيا الحوثى الإرهابية المدعومة من إيران فى مجال تطوير وتصنيع الأسلحة المحرمة دوليًا، ما يهدد الأمن الإقليمى والدولى على حد سواء.
إنشاء مصانع لإنتاج الأسلحة الكيميائية
ففى تصريح لصحيفة " The National"، كشف وزير الإعلام اليمنى معمر الإريانى عن معلومات موثوقة تؤكد قيام مليشيا الحوثى بإنشاء مصانع لإنتاج الأسلحة الكيميائية تحت إشراف وإدارة مباشرة من خبراء إيرانيين.
وأوضح الوزير اليمنى أن النظام الإيرانى قام مؤخرًا بتهريب غازات سامة ومواد تدخل فى تصنيع الأسلحة الكيميائية على دفعات إلى المناطق الخاضعة لسيطرة المليشيا، حيث شرعت الأخيرة فى تجهيز هذه المواد وتركيبها على الصواريخ الباليستية والطائرات المسيّرة، ما يشكل تهديدًا كارثيًا يتجاوز نطاق الصراع التقليدى إلى تهديد شامل لأمن المنطقة والعالم.
وأكد "الإريانى" أن هذه الممارسات تمثل انتهاكًا صارخًا للقانون الدولى واتفاقية حظر الأسلحة الكيميائية وقرارات مجلس الأمن ذات الصلة باليمن، داعيًا الأمم المتحدة ومجلس الأمن ومنظمة حظر الأسلحة الكيميائية إلى اتخاذ إجراءات عاجلة وفعالة لوقف هذه الانتهاكات والتحقيق فى عمليات التهريب ودعم الحكومة الشرعية لاستعادة السيطرة على البلاد.
وحذر الوزير اليمني من خطط إيرانية لتحويل الأراضى اليمنية إلى مختبرات سرية لإنتاج واختبار العوامل الكيميائية والبيولوجية.
وتعزز هذه التحذيرات تصريحات وزير الدفاع الإيراني، عزيز نصير زاده، فى وقت، أقر فيه بأن بلاده قامت بإنشاء مصانع لإنتاج الأسلحة فى عدد من الدول دون أن يحددها.
غير أن تقارير إعلامية، بينها وكالة "إيران إنترناشيونال"، أكدت أن هذه التصريحات تتوافق مع مساعى إيران المستمرة لتزويد جماعات مسلحة فى المنطقة، بما فيها الحوثيون فى اليمن، بصواريخ وأسلحة متقدمة ومواد تدخل فى تصنيع الوقود الصلب والرؤوس الحربية.
وتشير هذه التصريحات إلى استراتيجية إيرانية تهدف لتعزيز النفوذ العسكرى خارج حدودها عبر نشر قدراتها التسليحية ونقل تقنياتها الحربية إلى وكلائها.
وفى تطور ميدانى خطير، كشفت اعترافات خلية تهريب أسلحة ضبطتها قوات المقاومة الوطنية فى الساحل الغربي، عن حجم وخطورة المسارات غير المشروعة التى يعتمدها الحرس الثورى الإيرانى لتزويد الحوثيين بأسلحة نوعية وكيميائية، حيث أُلقى القبض على سبعة أشخاص من جنسيات يمنية وإرتيرية كانوا على متن سفينة خشبية كبيرة ضبطت قبل أسابيع فى مياه البحر الأحمر، أثناء محاولتها تهريب ٧٥٠ طنًا من الأسلحة النوعية إلى الحوثيين.
وأكدت التحقيقات أن أربعة من أفراد الخلية تلقوا تدريبات فى إيران وشاركوا فى تهريب شحنات متعددة عبر ميناء بندر عباس إلى ميناء الصليف بمحافظة الحديدة، بينما ساهم الثلاثة الآخرون فى تهريب شحنات عبر جيبوتي.
وكشفت الاعترافات استغلال الحوثيين للرحلات الجوية من مطار صنعاء الدولى لتهريب العناصر المجندة إلى لبنان حيث يستقبلهم حزب الله وينقلهم إلى سوريا ومنها إلى طهران، حيث يخضعون لتدريبات فى معسكرات يشرف عليها المدعو محمد جعفر الطالبي، أحد أبرز منسقى الحرس الثورى مع الميليشيا الحوثية.
وأوضحت التحقيقات، أن إيران تعتمد ثلاثة مسارات رئيسية لتهريب الأسلحة: الأول مباشر من بندر عباس إلى الصليف، والثانى عبر سواحل الصومال، والثالث تحت غطاء تجارى عبر جيبوتي. وكانت السفينة المضبوطة تحمل الشحنة الثانية عشرة من نوعها، مموهة فى أجسام مولدات ومحولات كهربائية ضخمة ومضخات هواء وأعمدة هيدروليكية.
كما حملت الشحنة مكونات صواريخ بحرية وجوية، منظومات دفاع جوي، رادارات حديثة، طائرات مسيرة استطلاعية وهجومية، أجهزة تنصت، عدسات تتبع حراري، جهاز فحص للمواد الكيميائية، وجهازًا إسرائيليًا لسحب بيانات الهواتف.
وأكد أربعة من أفراد الخلية مشاركتهم فى تهريب شحنات سابقة مخزنة فى حافظات تبريد بإشراف مختصين إيرانيين لضبط درجات الحرارة بما يحافظ على المواد المهربة، بينها مواد كيميائية محظورة.
ويرى مراقبون أن تزامن هذه التطورات، من تصريحات رسمية يمنية وإيرانية، مع ضبط هذه الشحنة الضخمة، يعكس حجم التهديد المتزايد للأمن الإقليمى والدولي.
فقيام إيران بإنشاء مصانع تسليح خارج حدودها، وتهريب مواد كيميائية محظورة إلى الحوثيين، يمثل تصعيدًا خطيرًا قد ينقل الصراع اليمنى من مرحلة الحرب التقليدية إلى مرحلة الأسلحة غير التقليدية، بما يهدد الملاحة الدولية فى البحر الأحمر وأمن منطقة الخليج والقرن الأفريقي.
ويؤكد خبراء أن استمرار هذا التراخى الدولى فى مواجهة المخططات الإيرانية سيمكن المليشيات الحوثية من امتلاك ترسانة أكثر فتكًا، ويقوض فرص السلام والاستقرار فى اليمن والمنطقة برمتها.
