بعد صمت استمر لسنوات، عادت حركة "حسم" إلى الواجهة بإصدار جديد، ظهرت فيه عبر مشاهد قتالية مصورة ورسائل تهديد مباشرة للدولة المصرية، مما أثار جدلًا واسعًا وتساؤلات حول ما إذا كانت الحركة قد استعادت عافيتها، أم أن الأمر لا يعدو كونه "مناورة دعائية" في لحظة سياسية.
تهديد صريح في غلاف بصري جذاب
البيان الأخير أتى بصيغة أقرب إلى "عرض عسكري سينمائي" من كونه إعلانًا عملياتيًا. استخدم لغة تصعيدية ضد مصر، مع التهديد بـ"القصاص" و"الحسم القريب"، مشيرًا إلى ما سماه "الأسرى في السجون"، في إشارة مباشرة إلى المحبوسين من صفوف الإخوان والجماعات المسلحة.
ولوحظ التحليل البصري للمقطع، أن كثيرًا من اللقطات مقتبسة أو معاد تدويرها من إصدارات سابقة تعود إلى عام 2017، تحديدًا من فيديو بعنوان "قاتلوهم"، مما يُضعف مصدقية الرسالة ويُظهرها كمحاولة لإحياء حضور من خلال "نوستالجيا العنف".
دلالات التوقيت.. لماذا الآن؟
يُطرح التوقيت كأكثر عناصر البيان أهمية، فإطلاقه تزامنًا مع ذكرى 30 يونيو، يعكس محاولة استثمار لحظة مشحونة رمزيًا من قبل جماعة الإخوان، التي ترى في هذه الذكرى "نقطة الانكسار" الأبرز لمشروعها السياسي في مصر.
كما يتزامن الإصدار مع تصاعد الدعوات الحقوقية للإفراج عن بعض المحبوسين السياسيين، مما يجعل البيان في أحد أبعاده اداة ضغط سياسية على الدولة، عبر تلويح باستمرار التهديدات الأمنية إذا لم تتم الاستجابة لتلك المطالب.
استعراض بلا قوة فعلية
رغم نبرة التحدي الظاهرة، فإن التحليلات الأمنية تميل إلى اعتبار البيان "إعادة تموضع إعلامي" أكثر من كونه عودة حقيقية إلى الميدان.
خاصة أن الفيديو يخلو من أي شواهد تُثبت امتلاك الحركة بنية تحتية أو تسليحًا حقيقيًا داخل مصر حاليًا، لا سيما بعد الضربات المتتالية التي تلقتها "حسم" منذ عام 2019، والتي شملت تصفية وحبس معظم كوادرها، وتجميد مصادر تمويلها.
ارتباط بالجماعة الأم: تمايز شكلي أم تبعية وظيفية؟
رغم محاولة جماعة الإخوان النأي بنفسها إعلاميًا عن "حسم"، فإن البيان أعاد ربط الحركة مجددًا بخطاب الجماعة الأم، لا سيما في مفردات "الشرعية" و"المظلومين"، واستخدامها خطابًا دينيًا تعبويًا مشابهًا.
وبينما يحاول إعلام الجماعة تصوير "حسم" كحركة مستقلة، فإن الواقع التاريخي يثبت العكس، فالحركة ظهرت من رحم "لجان العمليات النوعية" التي أسسها شباب الإخوان بعد 2013، وظلت لفترة الذراع المسلح غير المعلن للجماعة.
ماذا تريد "حسم" ؟
تحليل هذا البيان في ضوء السياق الإقليمي والدولي يشير إلى عدة أهداف محتملة..
- إعادة إحياء الرمزية: تقول الحركة إن حضورها ما زال قائمًا، وإنها قادرة على التأثير رغم تفكيك خلاياها.
- توجيه رسالة ضغط مزدوجة: للنظام السياسي من جهة، وللشارع الإخواني الذي بات يتململ من سنوات الكمون دون أي نتائج.
- تحفيز الذئاب المنفردة: تكرار مشاهد التسليح والكمائن هدفه مخاطبة أنصار محتملين لتنفيذ عمليات فردية بإيحاء من حسم.