زبادي .. في قلب جبال رودوبي قرب الحدود اليونانية، تقع قرية بلغارية صغيرة تُدعى مومشيلوفتسي تحوّلت إلى وجهة مفضلة لمئات السائحين الصينيين سنوياً، بفضل منتج واحد بسيط لكنه فعّال: الزبادي البلغاري التقليدي.
القرية تحتفل سنوياً بمهرجان خاص بالزبادي، حيث يلتقي الزوار مع السكان المحليين، وسط عروض موسيقية تقليدية وأجواء فولكلورية تعبق بأصالة المطبخ الريفي والهوية البلغارية.
الزبادي البلغاري يغزو الأسواق الصينية
بدأت العلاقة بين الصين ومومشيلوفتسي منذ عام 2009، حين استوردت شركة ألبان صينية البكتيريا الفريدة الموجودة في زبادي القرية، وأطلقت منتجًا شهيرًا في الصين تحت اسم "موسيليان"، يُباع الآن في كبرى المتاجر.
بدأ هذا الاهتمام المتزايد أثار فضول الصينيين، يتوافدون إلى القرية لتذوق الزبادي من مصدره الأصلي، وعيش تجربة فريدة من نوعها في بيئة جبلية نقية.
كنز ميكروبيولوجي فريد من نوعه
البروفيسورة بينكا بيتروفا، مديرة معهد علم الأحياء الدقيقة في الأكاديمية البلغارية للعلوم، أكدت أن الزبادي البلغاري يحتوي على بكتيريا Lactobacillus bulgaricus وسلالات أخرى محلية تعزز المناعة وتدعم الصحة وطول العمر.
وتوضح أن لكل نوع منزلي خصائص مختلفة تبعاً للمنطقة والموسم، مما يجعل الزبادي البلغاري واحداً من أقدم أشكال "البروبيوتيك" الطبيعي في العالم.
الموروث الزراعي والغذائي يحفظ سر الطعم
ديميتار دانشيف، مربي ماشية من الجيل الرابع في المنطقة، أشار إلى أن حليب الأبقار والأغنام يُستخدم في صنع الزبادي، وتختلف خصائصه باختلاف فصول السنة، "في الربيع، يمنح العشب الطازج الحليب نكهة خفيفة ومميزة، بينما في الخريف يصبح أكثر كثافة وغنى"، يوضح ديميتار.
سر العُمر الطويل؟ الزبادي يوميًا
مواطنة القرية ميترا باريفا، التي تجاوزت الـ95 عامًا، تشهد شخصيًا على فوائد الزبادي: "أول طعام أتناوله كل صباح هو الخبز والزبادي. إنه مفيدٌ لي، ولم أستغنِ عنه في حياتي"، تقول بابتسامة تنم عن قناعة وتجربة طويلة.
مهرجان بنكهة تراث وصحة
من خلال المهرجان السنوي والعلاقة الوثيقة مع السوق الصينية، أصبحت مومشيلوفتسي نموذجًا فريدًا لكيف يمكن لمنتج بسيط مثل الزبادي أن يعيد إحياء الاقتصاد المحلي، ويجذب السياح من قارات بعيدة، بحثًا عن الصحة... وربما عن سر الحياة الطويلة.
