أخبار عاجلة

مصر ومنظمة شنغهاي للتعاون.. آفاق المستقبل وتحديات التوازن في عالم متعدد الأقطاب

مصر ومنظمة شنغهاي للتعاون.. آفاق المستقبل وتحديات التوازن في عالم متعدد الأقطاب
مصر ومنظمة شنغهاي للتعاون.. آفاق المستقبل وتحديات التوازن في عالم متعدد الأقطاب
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news

تنعقد القمة الخامسة والعشرين لمنظمة شنغهاي للتعاون بمدينة تيانجين فى الصين فى الفترة من 31 أغسطس إلى 1 سبتمبر 2025 حيث تأتى هذه القمة أمام منعطف تاريخي قد يحدد معالم العقد المقبل من مسيرتها.

ويشارك فى هذه القمة، قادة أكثر من عشرين دولة ورؤساء عشر منظمات دولية،مما تُعد الأكبر منذ تأسيس المنظمة في عام 2001، وتكتسب أهميتها من كونها منصة لصياغة خارطة عمل استراتيجية لعشر سنوات مقبلة، تركز على تعزيز الأمن المشترك، وتطوير الاقتصاد، وتكريس التعددية القطبية في مواجهة الانقسامات الدولية.

حيث تقوم المنظمة على ما يعرف بـ "روح شنغهاي" التي ترتكز على مبادئ الثقة المتبادلة والمنفعة المشتركة وعدم التدخل في الشؤون الداخلية للدول والتركيز على مبدأ عدم الانحياز مما يزيد جاذبيتها لسياسة مصر القائمة على احترام السيادة الوطنية.

 وهذه المبادئ تعد امتدادًا تاريخيًا  لمبادئ مؤتمر دول عد الانحياز فى باندونج بإندونيسيا عام 1955 بمشاركة 29  دولة آسيوية وإفريقية وبحضور الزعيم المصرى جمال عبدالناصر ووالزعيم الهندى جواهر لال نهرو والسيد تشو إن لاى رئيس مجلس الدولة الصينى.

حيث أرسى المؤتمر مبادئ هامة فى العلاقات الدولية مثل احترام السيادة الوطنية وعدم التدخل فى شؤون الدول ودعم حق الشعوب في تقرير مصيرها ورفض الهيمنة وتعزيز التعاون الاقتصادي والثقافى بين الدول.

مما جعل مؤتمر باندونج البداية الحقيقية لحركة عدم الانحياز، وصوتًا موحدًا لشعوب الجنوب الساعية إلى الاستقلال والتوازن في النظام الدولي.
وهذه المبادئ فى العلاقات الدولية باتت أكثر جاذبية في ظل التحولات العالمية المتسارعة، حيث تتنامى الحاجة إلى تكتلات عابرة للأقاليم قادرة على تقديم بديل واقعي للنماذج التقليدية للتحالفات الدولية.

ومنذ حصول مصر على صفة "شريك حوار" عام 2022 في قمة سمرقند،كأول دولة أفريقية تنضم إى منظمة شنغهاى للتعاون أخذت العلاقة بين القاهرة والمنظمة في التعمق تدريجيًا من خلال المشاركة فى كافة فعاليات المنظمة فى مجالات الأمن والاقتصاد والتجارة والتواصل الشعبى.

وذلك فى إطار حرص الصين على تعزيز التواصل والتنسيق الدائم مع مصر فى الأمم المتحدة ومجموعة البريكس BRICS  ومنظمة شنغهاى للتعاون وغيرها من المحافل الدولية متعددة الأطراف نحو تحقيق  عالم متعدد الأقطاب قائم على المساواة والعدل.
 
حيث يمنح الموقع الجغرافي لمصر ميزة مزدوجة فهي بوابة أفريقيا إلى آسيا عبر قناة السويس، وفي الوقت نفسه عنصر محوري في مبادرة الحزام والطريق وهذا يجعلها مؤهلة لتكون نقطة التقاء المصالح بين آسيا وأفريقيا وأوروبا، سواء في التجارة أو في نقل الخبرات التكنولوجية والاستثمارات.

وتأتى مشاركة مصر فى اجتماعات القمة الخامسة والعشرين لمنظمة شنغهاى بما يعكس رغبتها في إبراز نفسها كدولة محورية في الشرق الأوسط وأفريقيا، مع التركيز على قضايا مثل دعم الاستقرار الإقليمي ودعم  القضية الفلسطينية وحق الشعب الفلسطيني في إقامة دولته المستقلة على حدود 1967 وعاصمتها القدس الشرقية والالتزام بالشرعية الدولية واعتماد حل الدولتين كخيار وحيد لتحقيق السلام العادل والدائم.

وجذب الاستثمارات لمصر في البنية التحتية والطاقة النظيفة والانخراط الفاعل في صياغة نظام عالمي أكثر عدالة وتعددية. وتفعيل إمكاناتها الجغرافية والاقتصادية، وتحويل موقعها إلى جسر حضاري واقتصادي يعكس طموحاتها الوطنية.

وتمثل مشاركة مصر فى هذه القمة  فرصة كبيرة لترسيخ حضورها الدولي في فضاء يتلاقى مع أولوياتها الاستراتيجية، خاصة في مجالات الأمن ومكافحة الإرهاب حيث يتقاطع جدول أعمال المنظمة في مجال مكافحة التطرف والإرهاب مع المقاربة الأمنية المصرية، بما يفتح المجال أمام تبادل المعلومات والخبرات. كما أن السياسة المصرية القائمة على احترام السيادة الوطنية تجد في مبادئ شنغهاي سندًا لمواقفها الإقليمية.

كما تتطلع مصر إلى تحويل عضويتها إلى رافعة اقتصادية، مستفيدة من علاقاتها الوثيقة مع الصين  أكبر شريك تجاري لها بتبادل تجاوز 17 مليار دولار عام 2024 ومع باقي القوى الصاعدة مثل روسيا والهند من خلال منظمة شنغهاى للتعاون بعد ان أصبحت أكبر منظمة إقليمية فى العالم بحجم تجارة وصل إلى 8 تريليون دولار سنويًا وناتج محلى يبلغ 25 تريليون دولار.

وتتنوع مكاسب الانخراط الاقتصادي لمصر في إطار المنظمة بين مجالات مثل تنويع الأسواق عبر النفاذ إلى آسيا الوسطى وشرق آسيا،وجذب الاستثمارات لتطوير البنية التحتية والمناطق الصناعية خصوصًا في محور قناة السويس،والتكنولوجيا والطاقة من خلال التعاون في مجالات الطاقة المتجددة والاقتصاد الرقمي والذكاء الاصطناعى والسياحة والتبادل الثقافي بتوسيع القنوات مع شعوب آسيا مما يعزز مكانة مصر الحضارية كجسر بين الشرق والغرب.

 

ورغم هذه الفرص الكبيرة الواعدة، تواجه مصر عدة تحديات يأتى على رأسها إدارة التوازن فى العلاقات الدولية بين الشرق والغرب،كما تظل مكافحة الإرهاب بحاجة إلى آليات تنفيذية عملية تتجاوز مستوى البيانات والتفاهمات، كذلك محاولات الاندماج المؤسسى فى المنظمة حيث إن مصر ما تزال في مرحلة "شريك حوار".

واليوم تقف منظمة شنغهاي للتعاون مفترق طرق حاسم، وهي تدخل عقدها الثالث كإحدى أبرز الكيانات الدولية الناشئة في أوراسيا بعد أن غدت منصة دولية تسعى لإعادة رسم ملامح التوازن فى عالم يزداد انقسامًا والتى تتحرك بخطوات متسارعة لتصبح أحد أعمدة التوازن الدولي الجديد، مستندة إلى قوة أعضائها وإلى مبادئها الأساسية.
حيث تعد قمة "تيانجين" محطة فارقة ترسخ دور المنظمة كفاعل رئيسي في رسم ملامح النظام الدولي القادم الذى قوامه التعددية والعدالة، وركيزته التعاون المثمر وتبادل المنفعة بعيدًا عن الهيمنة والإقصاء.

اشترك فى النشرة البريدية لتحصل على اهم الاخبار بمجرد نشرها

تابعنا على مواقع التواصل الاجتماعى

السابق أسعار الدولار في مصر اليوم الإثنين
التالى "إي تاكس" تحتفي بنجاح وزارة المالية في "التسهيلات الضريبية"