أخبار عاجلة

هدنة هشة أم طويلة الأمد؟.. الولايات المتحدة وإيران.. مسارات متداخلة وملفات تنتظر الحسم

هدنة هشة أم طويلة الأمد؟.. الولايات المتحدة وإيران.. مسارات متداخلة وملفات تنتظر الحسم
هدنة هشة أم طويلة الأمد؟.. الولايات المتحدة وإيران.. مسارات متداخلة وملفات تنتظر الحسم
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news

حققت الضربات الأميركية على إيران نجاحًا استراتيجيًا قصير الأمد، لكنها خلفت وراءها وضعًا هشًا لم يتم تسويته، وهو ما يهدد بإمكانية تصاعد عدم الاستقرار على المدى الطويل، وتداعيات غير مؤكدة على النظام الإقليمي في ضوء غياب مسار واضح للسياسة الأميركية للتعامل مع وقف إطلاق النار والإجراءات التالية، وهذا لا ينفي أن إدارة ترامب نجحت في تحقيق نجاح كبير لرؤيتها في إعادة تأكيد وفرض السلام من خلال القوة مع طمأنة الجمهور الأمريكي بأنها ستحافظ على رؤية أمريكا أولًا دون الانخراط في حرب واسعة النطاق. وخلال هذه العملية، أرسلت الولايات المتحدة إشارة إلى الصين وروسيا بأنها ستتحرك بسرعة وحزم وبشكل أحادي الجانب لتحقيق أهداف محدودة وقابلة للإنجاز. حتى إسرائيل حققت هدفها الاستراتيجي المتمثل في السيطرة على ديناميكيات الأمن الإقليمي دون الحاجة إلى إدارة التداعيات الفوضوية لتغيير النظام في طهران. وعلى الرغم من ذلك، فإن الولايات المتحدة لا تستطيع حل مشكلة كيفية التعامل مع النظام في إيران والذي سيتمسك بالسلطة بأي وسيلة ضرورية ممكنة حتى لو اضطرت إيران إلى توسيع دائرة الصراع لتشمل دول أخرى.
وقد ترك إعلان ترامب عن اتفاق الهدنة عددًا من التساؤلات بعدما أعلن الطرفان الإيراني والإسرائيلي التزامهما طالما أحجم كل منهما على مهاجمة الثاني؛ حيث لم يكشف أي من الأطراف الثلاثة عن شروط الاتفاق أو بنوده. وحتى تغريدات ترامب الحماسية على وسائل التواصل الاجتماعي لم تشر إلا إلى وقف إطلاق النار الكامل والشامل. ولم تتحدث لا عن إحياء مفاوضات البرنامج النووي الإيراني ولا عن مصير مخزون إيران من اليورانيوم المخصب ولا عن موعد محتمل للقاءات مستقبلية لبحث مختلف الموضوعات الأخرى محل الصراع، إلا أنه يمكن إرجاع أسباب هذا الإعلان إلى شعور إدارة الرئيس ترامب أن الوقت حان لوضع حد للتصعيد قبل أن تنجر المنطقة إلى صراع إقليمي أوسع نطاقًا.


إسرائيل واتجاهات المواجهة 
ربما لم تكن العمليات الإسرائيلية ضد إيران حاسمة في تحديد مستقبل الجمهورية الإسلامية. ومع ذلك، فقد رسخت مجموعة جديدة من الخطوط الحمراء، ولم يعد بإمكان المنطقة العودة إلى الوضع الراهن الذي كان قائمًا قبل اندلاع الحرب ومن خلال التحرك السريع والحازم، دون مشاورات مطولة مع الشركاء الدوليين، كما أشارت هذه الهجمات إلى أن إسرائيل والولايات المتحدة قادرتان على قصف إيران، بل إنهما سيفعلان ذلك، كلما شكلت الجمهورية الإسلامية تهديدًا وشيكًا. وعلاوة على ذلك، فإن تل أبيب وواشنطن، هما اللتان ستحددان ما يعنيه التهديد الوشيك، وإذا ردت إيران، فيمكنها أن تتوقع ردًا ساحقًا من الجانبين.
وفي ضوء هذه التطورات، لم يعد من الممكن اعتبار حزب الله وحماس والحوثيين والميليشيات في العراق وكلاء لإيران. فقد عملوا بشكل مستقل، وفقًا لمصالحهم المحلية. في الوقت نفسه، قدمت إيران دعمًا ماليًا وعسكريًا مقابل تفاهم نظري للعمل بالتنسيق لتعزيز المصالح الإيرانية في جميع أنحاء المنطقة. لكن هذا التناقض قد كُشف الآن الصعوبات التي واجهتها إيران في تمويلهم بمستويات كافية قبل السابع من أكتوبر ٢٠٢٣، ومن غير المرجح أن تفعل الشيء نفسه الآن بعد أن تركوا الجمهورية الإسلامية لتعتمد على نفسها.
ومن ناحية أخرى، فمن المرجح أن تتقارب عدة دول عربية مع إسرائيل. هذا لا يعني تطبيعًا كاملًا، وهو أمر مستبعد على المدى القريب، مع أن هناك احتمالًا حقيقيًا لاعتراف دبلوماسي بسوريا. ومن المرجح أن تنخرط عواصم عربية أخرى في أشكالٍ أكثر انفتاحًا من التواصل الدبلوماسي والتعاون العسكري مع إسرائيل مما كان ممكنًا في السابق. ومن شبه المؤكد أن الحرب في غزة سوف يتعين أن تنتهي بشكل كامل قبل أن تبدأ المناقشات الجادة حول توسيع اتفاقيات إبراهيم في جميع أنحاء المنطقة، كما أن الحكومة الإسرائيلية لا تعرف كيف تنهي هذه الحرب.


ترامب وإيران
ترددت إدارة ترامب قبل توجيه ضربتها العسكرية إلى إيران، وحاولت التفاوض والوصول إلى تحقيق أهدافها حتى عندما اتضح أن إيران لا تنوي جديًا التخلي عن برنامجها النووي، وأن الإسرائيليين كانوا راغبين في توجيه ضربة عسكرية على أساس أن ضبط النفس في السياسة الخارجية أفضل من التدخل العسكري، وفي عدة مراحل، بدا أن البيت الأبيض لديه نية غامضة لإبرام اتفاق دون موافقة الكونجرس، وهو ما من شأنه أن يسمح لإيران بالاحتفاظ بقدر محدود من الطاقة النووية، وهو ما كان سيُلحق ضررًا سياسيًا باتجاهات الولايات المتحدة للتعامل مع هذا الملف. وبدلا من ذلك، حققت واشنطن بضرباتها العسكرية انتصارًا سياسيًا؛ حيث يُنظر إلى تدخل الرئيس ترامب في اللحظة الأخيرة بسلسلة من الضربات المُستهدفة التي حققت هدفًا محدودًا والمتمثل في دعم وعده بأن إيران لن تحصل على أسلحة نووية.
ويمكن القول إنه خلال إدارة ترامب الأولى، حاول العديد من الخبراء تعريف " مبدأ ترامب "، وهي مهمة أصبحت مستحيلة بسبب الواقع الأساسي المتمثل في أن ترامب لم يتصور نفسه أبدًا سوى صانع صفقات، كما يمكن لكبار المسئولين وغيرهم من المستشارين التحدث عن الآثار الأوسع لأفعال الرئيس، لكن أي رؤية استراتيجية شاملة يستمدونها هي رؤيتهم الخاصة وهو أمر غريب تمامًا عن عالم دونالد ترامب.
لقد أنجز الرئيس إنجازًا أعظم قيمة. فقد أشار بهذه الضربات إلى بكين وموسكو بعواقب وخيمة في حال تجاوز الخطوط الحمراء لواشنطن، كما أن أمامه ثلاث سنوات أخرى ليجني ثمار هذا العمل؛ إذ ستُرسي الإجراءات في إيران مستوى جديدًا من الردع ضد أي عدوان عالمي.


النظام الإيراني ومخاطر التغيير
يُشبه الوضع في إيران الآن ما كان عليه العراق في تسعينيات القرن الماضي. فقد تعرّض النظام لضغوط كبيرة علنية ومتكررة، ويخشى كبار القادة الإيرانيين على بقائهم بعدما تخلّى عنه معظم حلفائه، إلا أن الحرس الثوري الإسلامي يستطيع حشد خلايا نائمة وشنّ حرب غير متكافئة أخرى ضد الولايات المتحدة وإسرائيل، في إطار حرب باردة طويلة الأمد وصغيرة الحجم؛ حيث لا تزال عقيدة الحرب غير المتكافئة التي تنتهجها إيران قائمة. ولم يُسلّم وكلاؤها - حزب الله في لبنان، والحوثيون في اليمن، والميليشيات في العراق- أسلحتهم. ولا تزال هذه الجهات الفاعلة، التي لم يمسها وقف إطلاق النار، بمثابة الذراع الأمامية لطهران. فهي تُتيح الإنكار والمرونة والتهديد المستمر. ولم يُغيّر وقف إطلاق النار الكثير في هذا الصدد؛ وقد يبدأ معها اندلاع الحرب القادمة.
لكن على حكومة الجمهورية الإسلامية أن تستعد لحربٍ واسعة ضد مقدراتها العسكرية بجانب العمل على دعم الاحتجاجات الداخلية لتغيير النظام، وإذا كان الشعب الإيراني قادرًا على تنظيم احتجاجاتٍ جماهيريةٍ ضد تزوير الانتخابات وقمع امرأةٍ لعدم ارتدائها غطاءً للرأس، فمن الصعب أن نرى كيف لا تُسفر هذه الأحداث عن النتيجة نفسها.
وفي ضوء التصور الأمريكي، قد تُطيح انتفاضة شعبية بالنظام؛ حيث يُقرر الحرس الثوري الإيراني أن خياره الأمثل هو الوقوف إلى جانب الاحتجاجات الشعبية وإلقاء اللوم على رجال الدين والسياسيين في إخفاقات الحكومة. أو قد يُدبّر النظام أمره بإغلاق الحدود وحجب وسائل التواصل الاجتماعي، وإجراء اعتقالات جماعية، ومحاكمات صورية، وإعدامات بإجراءات موجزة، وما إلى ذلك. في كلتا الحالتين، من المرجح أن يكون الأمر ممتدًا وفوضويًا، وهو ما لا ترغب فيه الولايات المتحدة ولا أي دولة أخرى في التأثير عليها. 
إن العقوبات الموجهة والدعم المالي للمعارضة السياسية في المنفى لن يكون لهما تأثير مباشر على تغيير النظام. فالعزلة الدبلوماسية لا معنى لها. حتى لو تمكنت الولايات المتحدة من إنشاء ملاذ آمن للمعارضين داخل الأراضي الإيرانية، فلن يُسقط ذلك النظام. ستظل الجمهورية الإسلامية تترنح، ليس كدولة فاشلة تمامًا، ولكن بالتأكيد ليس ككيان قادر أو متماسك، لبعض الوقت. ولا يوجد حل لذلك. سيُثبت أنه فوضى عارمة للمنطقة والعالم.
في غضون ذلك، يمكن للولايات المتحدة استغلال هذه الفرصة لتعزيز علاقاتها مع دول أخرى في المنطقة نجحت في البقاء بمنأى عن القتال منذ ٧ أكتوبر ٢٠٢٣ وذلك بكبح جماح الميليشيات وتهدئة الغضب الشعبي مثل تعزيز التعاون مع كل من العراق وسوريا، وهو ما من شأنه أن يُسهم في تعزيز هذه المكاسب الأخيرة، ويُقلل من احتمال عودة إيران إلى موقفها العدواني في المنطقة. وهذا هو النهج الأكثر عقلانية، ولكن من ناحية أخرى، من المرجح أن ينتهز بعض الأشخاص داخل الإدارة هذه الفرصة للانسحاب من الشرق الأوسط، واعتبار الإجراءات في إيران "مهمة منجزة" وذريعة جيدة لتحويل الموارد إلى الصين. ولا يتوقف دور الولايات المتحدة على اتجاهات تغيير النظام الإيراني، بل إن هناك مجموعة أخرى من الملفات منها البرنامج النووي وبرنامج الصواريخ الباليستية والنفوذ الإقليمي الإيراني، وهذه الملفات تتعلق بصورة مباشرة بإيران واتجاهات التجاوب مع المطالب المتعلقة بكل هدف، وهو ما يضفي مزيد من التعقيد والتشابك على إمكانية الوصول إلى استراتيجية أمريكية موحدة ومتكاملة ومن ثم يمكن أن تتجه واشنطن إلى صياغة مجموعة من الاستراتيجيات المختلفة للتعامل مع هذه الملفات.
 

اشترك فى النشرة البريدية لتحصل على اهم الاخبار بمجرد نشرها

تابعنا على مواقع التواصل الاجتماعى

السابق ريال مدريد يفوز على دورتموند 3-2 ويتأهل إلى نصف نهائي مونديال الأندية
التالى بكام النهاردة؟.. أسعار الدولار في مصر اليوم الأحد 6 يوليو 2025