احتفل الفنان الكبير حجاج عبد العظيم أمس بعيد ميلاده، وسط حالة من الحب والتهنئة التي تلقاها من جمهوره وزملائه في الوسط الفني، احتفاءً بمشواره الاستثنائي الذي يمتد لسنوات طويلة من العطاء. فقد استطاع خلال أكثر من ثلاثة عقود أن يترك بصمته الخاصة في عالم الكوميديا والدراما، ليصبح واحدًا من أبرز الوجوه التي أحبها الجمهور منذ ظهوره الأول وحتى اليوم.
حجاج عبد العظيم الذي عرفه الجمهور بخفة ظله وروحه القريبة من القلب، لم يكن مجرد ممثل كوميدي تقليدي، بل مدرسة خاصة في الضحك الراقي القائم على الارتجال الذكي والإحساس الحقيقي بالمشهد. ورغم أن بداياته كانت من خلال أدوار صغيرة، إلا أن موهبته جعلت صناع الدراما والسينما يلتفتون إليه سريعًا، لينتقل بعدها إلى أدوار أكثر تأثيرًا، ويؤكد من خلالها أنه فنان من العيار الثقيل.
المتابع لمسيرته يلاحظ أنه لم يحصر نفسه في قالب واحد، بل تنقل بين المسرح والسينما والتلفزيون، مقدّمًا تنوعًا لافتًا في اختياراته، وجامعًا بين الكوميديا الاجتماعية والدراما الإنسانية. وقد أثبت بمرور الوقت أنه ليس فقط صانع ضحكة، بل فنان قادر على ترك الأثر في المشاهد، سواء عبر مشهد كوميدي خفيف، أو موقف درامي مؤثر يكشف عن طاقته الفنية الكبيرة.
اللافت في تجربة حجاج عبد العظيم أنه كان ابن المسرح الحقيقي، يستمد منه أدواته، ويصقل عبره حضوره الفني، لينعكس ذلك على جميع أعماله. ولعل سر استمراريته أنه لم يبحث عن البطولة المطلقة بقدر ما سعى إلى تقديم أدوار صادقة تصل إلى الناس وتبقى في ذاكرتهم، وهو ما جعله يحتل مكانة خاصة بين أبناء جيله، بل وبين أجيال مختلفة من الفنانين.
احتفاله الأخير بعيد ميلاده لم يكن مجرد مناسبة شخصية، بل كان فرصة للتذكير بقيمة فنية كبيرة أعطت للفن المصري الكثير. فهو نموذج للفنان الذي حافظ على صورته أمام جمهوره، واستمر في تقديم أعمال تُضحك وتُفكر في آن واحد، ما جعله رمزًا للكوميديا الإنسانية القريبة من القلب.
وفي زمن تتغير فيه ملامح الفن باستمرار، يظل حجاج عبد العظيم ثابتًا كأحد الأعمدة الراسخة في ذاكرة الجمهور، وعيد ميلاده مناسبة للاحتفاء بتاريخ طويل من الإبداع والضحك الصادق الذي سيظل خالدًا في الوجدان.