تقدم عدد من النواب في مجلس الشيوخ الأمريكي بمشروع قانون يقضي بتسمية الإخوان المسلمين جماعة إرهابية، لعل أبرز هؤلاء النواب تيد كروز عن ولاية تكساس، ولكن مشاريع القوانين لم ترى النور بسبب عدم تصويت الديمقراطيين، فضلًا عن الدولة العميقة في الولايات المتحدة الأمريكية التي ترفض إقرار مثل هذه المشاريع.
عبرت الفترة الأخيرة المتحدثة بإسم البيت الأبيض كارولين ليفات عن نية إدارة الرئيس الأمريكي الحالي دونالد ترامب عى وضع الإخوان على قوائم الإرهاب، ولكنها عادت وقالت،: إنّ هذا الأمر قد يستغرق وقتًا طويلًا.
الأمر لم يقتصر على هذا الحد، فقد ذهب وزير الخارجية الأمريكية ماك روبيو إلى اتجاه إدارة الرئيس الأمريكي إلى وضع الإخوان على قوائم الإرهاب، وأكد على ما قالته المتحدثة في وقت سابق من أنّ الأمر قد يأخذ وقتًا طويلًا، وقد تكون هناك عقبات قضائية، سكت بعدها ولم يفصح عن تفاصيل أخرى عن العقبات القضائية، فترك الأمر محل نقاش.
كل هذا يطرح تساؤلًا مهمًا عما إذا كانت هناك إرادة أمريكية وراء بعض المحاولات التي سبق وأشرنا إليها والتي تتعلق بوضع جماعة الإخوان على قوائم الإرهاب، مع العلم أنّ مشاريع القوانين السابقة في مجلس الشيوخ تم إجهاضها قرابة خمسة عشر مرة في أوقات سابقة.
الحقيقة الفاصلة أنّ الإدارة الأمريكية الحالية ولا كل الإدارات السابقة ترغب في تسمية الإخوان المسلمين كجماعة إرهابية؛ لسبب بسيط أنها تستخدمها في الضغط على الأنظمة العربية المستقرة وغير المستقرة في المنطقة العربية؛ صحيح واشنطن تتعامل مع هذه الإدارات ولكنها ترغب في ذات الوقت في ممارسة مزيد من الضغوط عليها من أجل تنفيذ بعض مطالبها.
ولعل المثال واضح في الملف الفلسطيني وتهجير الغزيين إلى سيناء، وهو ما رفضته مصر، معتبرة أنّ ذلك يُعني تصفية القضية الفلسطينية، وهنا تحدت الإدارة الأمريكية وتحدت قرارات الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، معتبرة القاهرة أنّ ذلك يُعد مساسًا بأمنها القومي، حتى أنّ الرئيس عبد الفتاح السيسي رفض زيارة البيت الأبيض إذا كان مناقشة ملف التهجير على أولويات الزيارة أو ضمن الموضوعات المطروحة للنقاش مع الرئيس الأمريكي.
وهنا تقوم أمريكا وإسرائيل بممارسة مزيد من الضغوط على مصر من أجل تهجير الفلسطينين إلى سيناء وتصفية القضية الفلسطينية، والحديث عن تصفية القضية الفلسطينية وليست تصفية حماس، وبالتالي تم استخدام الإخوان وحماس في الضغط على مصر، وكان ذلك واضحًا من خلال محاولة حصار السفارات المصرية وأماكن إقامة السفراء في الخارج، وتشوية مصر أمام الرأي العام بأنها هي من أغلقت معبر رفح أمام شاحنات المساعدات الإغاثية والإنسانية والطبية أمام الفلسطينيين.
وجزء من هذه الضغوط تظاهر الإخوان المسلمين في تل أبيب أمام السفارة المصرية بموافقة من وزير الأمن القومي المتطرف إتمار بن غفير؛ والحقيقة الإخوان لم يضلوا طريقهم ولكنهم قصدوا مغازلة تل أبيب، التي أشترطت عليهم عدم انتقاد إسرائيل في المظاهرة في الهتافات مع رفع أعلام إسرائيل، وهو ما وافق عليه إخوان تل أبيب.
الإخوان المسلمون في تل أبيب تظاهروا أمام السفارة المصرية وتركوا وزارة الخارجية الإسرائيلية ومقر الحكومة والكابينت الإسرائيلي ترفرف عليه أعلام إسرائيل دون التظاهر أو توجيه الانتقاد إليهم ولا للجيش الإسرائيلي، ثم فوجئنا بأن كمال الخطيب، الرجل الثاني في الإخوان المسلمين داخل الخط الأخضر ينتقد الرئيس المصري الشهيد، محمد أنور السادات، قائد المعركة الفاصلة مع إسرائيل على أحد المنابر في قلب العاصمة تل أبيب! وهو يؤكد الإستخدام المشار إليه.
عند هذا الحد نستطيع أنّ نفهم استخدام تل أبيب للإخوان المسلمين على أراضيها من أجل تحقيق مصالحها الرامية للضغط على النظام المصري من قبل التنظيم، وهو ما تفعله الولايات المتحدة الأمريكية، حيث قامت الأخيرة بإطلاق حملة وضع الإخوان على قوائم الإرهاب الأمريكي، حتى تقعل الأخيرة بما قبله فرع التنظيم في تل أبيب، وتنفيذ كل الطلبات الأمريكية التي من شأنها الضغط على القيادة السياسية في مصر.
الإخوان المسلمون يقبلون أي شيء وكل شيء طالما أنه يصب في مصلحتهم التنظيمية، حتى ولو كان التعاون مع واشنطن وتل أبيب، وهذا ليس موضوع نقاش هذا المقال، هذه المدخلات جميعها تصب في مساحة أنّ الإخوان جماعة وظيفية مثل كثير من تيارات الإسلام السياسي وواشنطن غير جادة حقيقة في وضع التنظيم على قوائم الإرهاب على الأقل في الفترة الراهنه.