في تصعيد عسكري جديد يضع الصومال في قلب معركة شرسة ضد الإرهاب، أطلقت الحكومة الفيدرالية حملة واسعة النطاق تستهدف حركة "الشباب" المرتبطة بتنظيم القاعدة، مستخدمة مزيجًا من العمليات العسكرية البرية والملاحقات الميدانية، إلى جانب إجراءات قضائية مشددة لردع كل من يثبت دعمه أو انتماؤه إلى الجماعة المتطرفة.
اندلاع المعارك في تردو
في إقليم هيران وسط البلاد، اندلعت صباح الأربعاء اشتباكات عنيفة في منطقة تردو، بين قوات الجيش الوطني الصومالي المدعومة بمليشيات شعبية تُعرف باسم "معوسلي"، وعناصر مسلحة من حركة "الشباب".
المعارك تخللتها تبادل كثيف لإطلاق النار، واستخدام أسلحة رشاشة وقذائف هاون، وسط أنباء عن سقوط قتلى وجرحى من الطرفين، في حين لم تصدر الجهات الرسمية حصيلة دقيقة للخسائر حتى لحظة إعداد التقرير.
دور المليشيات المحلية
الميليشيات الشعبية "معوسلي" التي تضم عناصر من أبناء القبائل المحلية لعبت دورًا بارزًا في القتال، إذ تعرف تضاريس المنطقة جيدًا، وتمتلك قدرة على تتبع المسلحين في الغابات والمناطق الوعرة التي يتجنبها الجيش النظامي.
هذه المشاركة لم تأتِ من فراغ، بل هي جزء من خطة الحكومة لحشد الدعم المجتمعي في الحرب على الإرهاب، حيث دعت القبائل إلى حماية قراها ومنع تسلل عناصر الحركة إليها.
أهمية إقليم هيران
إقليم هيران يُعد من المناطق الاستراتيجية في الصومال، لكونه يربط بين وسط البلاد وشمالها، ويحتوي على طرق إمداد رئيسية.
وقد ظل الإقليم ساحة مواجهات متكررة على مدى سنوات، إذ تحاول حركة "الشباب" استخدامه كممر آمن لنقل عناصرها والإمدادات بين معاقلها.
السيطرة على هيران تعني قطع شريان حيوي عن الحركة، ومنعها من تنفيذ عملياتها ضد العاصمة مقديشو والمدن الكبرى.
إستراتيجية الحكومة
تتزامن هذه العمليات العسكرية مع تنفيذ الحكومة الصومالية لقرارات قضائية صارمة، شملت محاكمة عناصر من الحركة بتهم تتعلق بالإرهاب والتخطيط لعمليات مسلحة.
كما أطلقت وزارة الإعلام حملة إعلامية تهدف إلى تشجيع الانشقاقات داخل صفوف المسلحين، مع تقديم ضمانات للمنضمين الذين يتخلون عن العنف، تشمل إعادة التأهيل والدمج في المجتمع.
التحديات الميدانية
رغم التقدم الميداني الملحوظ، لا تزال الحكومة تواجه تحديات كبيرة، أبرزها الطبيعة الجغرافية الصعبة التي تمنح المسلحين أفضلية في الاختباء وتنفيذ هجمات مباغتة، إضافة إلى محدودية القدرات اللوجستية للقوات الحكومية، واعتمادها على دعم بعثة الاتحاد الإفريقي والقوات الحليفة.
قراءة في المشهد الأمني
يرى محللون أن معركة هيران ستكون نقطة فاصلة في الحرب على الإرهاب بالصومال.
وإذا نجحت الحكومة في بسط سيطرتها الكاملة على المنطقة، فإن ذلك قد يفتح الطريق أمام عمليات أوسع لتحرير بقية الأقاليم، أما إذا تمكنت "الشباب" من الصمود، فقد تلجأ إلى تكتيكات الكر والفر، ما سيطيل أمد الصراع ويستنزف قدرات الدولة.