أعلنت هولندا عزمها الدفع باتجاه تعليق الجزء التجاري من اتفاقية الشراكة القائمة بين إسرائيل والاتحاد الأوروبي.
ووفقًا لموقع واي نت نيوز، فإن هذا الإعلان، الذي جاء على لسان وزير الخارجية الهولندي كاسبر فيلدكامب خلال لقائه بالسفير الإسرائيلي، يأتي في إطار تصاعد الانتقادات الأوروبية الموجهة لإسرائيل بسبب العمليات العسكرية في غزة.
يُنظر إلى هذه الخطوة الهولندية كجزء من ضغط أكبر داخل الاتحاد الأوروبي لاتخاذ إجراءات أكثر حزمًا ضد إسرائيل، وذلك استجابةً للوضع الإنساني المتدهور في القطاع الفلسطيني المنكوب بالعدوان الإسرائيلي.
في سياق متصل، وصفت نائبة رئيس المفوضية الأوروبية، تيريزا ريبيرا، الأوضاع في غزة بأنها "إهانة للإنسانية". أشارت ريبيرا إلى أن ما يحدث، من استهداف مباشر للسكان المدنيين وحرمانهم الممنهج من الغذاء والمياه والمأوى، "يشبه إلى حد كبير تعريف الإبادة الجماعية".
ورغم أن الاتحاد الأوروبي لم يُصدر أي تصنيف رسمي لأعمال إسرائيل، إلا أن تصريحات ريبيرا تُعتبر من أقوى الانتقادات التي صدرت من مسؤول أوروبي بارز منذ بداية الحرب. ودعت المسؤولة الإسبانية إلى اتخاذ إجراءات ملموسة، مثل تعليق الاتفاقية الاقتصادية مع إسرائيل، لكنها أوضحت أن فرض أي عقوبات يتطلب موافقة جميع الدول الأعضاء، مما يبرز التحديات السياسية الكبيرة أمام اتخاذ قرار موحد.
الضغوط الداخلية في الاتحاد الأوروبي ودعوات فرض العقوبات
تزايدت الدعوات الداخلية في الاتحاد الأوروبي لفرض عقوبات على إسرائيل، وهو ما يتجلى في الرسالة الحادة التي وقعها أكثر من 1300 موظف في مؤسسات الاتحاد.
وقد وُجهت هذه الرسالة إلى رئيسة المفوضية الأوروبية، أورسولا فون دير لاين، ورئيسة السياسة الخارجية، كايا كالاس، للتعبير عن "القلق العميق والعاجل" إزاء الكارثة الإنسانية في غزة.
وحذرت الرسالة من أن المجاعة تتسارع بشكل "هائل"، مما قد يؤدي إلى وفاة "مئات الأطفال يوميًا" خلال أسابيع قليلة.
وانتقد الموظفون بشدة الإجراءات المؤقتة التي يتخذها الاتحاد، مثل الإسقاط الجوي المحدود للمساعدات، واصفين إياها بأنها غير كافية لمواجهة حجم الأزمة.
وأكدوا أن "صمت الاتحاد الأوروبي الآن يعادل التواطؤ في هذه الجريمة"، مشيرين إلى أن القيم الأساسية للاتحاد، مثل الكرامة الإنسانية والحرية، تواجه اختبارًا أخلاقيًا حاسمًا قد يهدد مصداقية المنظمة بأكملها.
واقترح الموقعون على الرسالة مجموعة من الإجراءات تشمل فرض عقوبات مستهدفة على المسؤولين الإسرائيليين الذين يعيقون وصول المساعدات، ووقف برامج التعاون البحثي مع إسرائيل، والمطالبة بجهود أممية لتأمين ممرات إنسانية آمنة.
هذه الضغوط المتصاعدة من داخل الاتحاد تؤكد عمق القلق الأوروبي وتزيد من المطالبات بمحاسبة إسرائيل.
أسباب اعتبار إسرائيل تهديدًا للأمن القومي الهولندي
بالإضافة إلى الانتقادات المرتبطة بالحرب في غزة، كشف تقرير منسق الأمن ومكافحة الإرهاب الوطني (NCTV)، الذي نقلته وكالة الأناضول، عن أسباب أخرى دفعت هولندا لتصنيف إسرائيل ضمن قائمة الدول التي تُشكل تهديدًا على أمنها القومي. ويُعد هذا التصنيف سابقة، حيث لم تكن إسرائيل مدرجة في هذه القائمة من قبل.
وأشار التقرير إلى أن إسرائيل حاولت التأثير على السياسة الداخلية والرأي العام في هولندا من خلال حملات تضليلية. وقد ورد في التقرير حادثة محددة قام خلالها مسؤولون في وزارة إسرائيلية بتوزيع وثيقة بشكل غير رسمي على صحفيين وسياسيين هولنديين، وتضمنت هذه الوثيقة معلومات شخصية عن مواطنين هولنديين، وهو ما اعتبرته هولندا تدخلًا غير مقبول في شؤونها الداخلية ومحاولة للتلاعب بعملية صنع القرار.
كما أعرب التقرير عن قلق هولندا من التهديدات المتزايدة من إسرائيل والولايات المتحدة ضد المحكمة الجنائية الدولية في لاهاي. هذه التهديدات، بحسب التقرير، قد تُعرقل عمل المحكمة وتؤثر على استقلاليتها.
وبما أن هولندا هي الدولة المضيفة للعديد من الهيئات القانونية الدولية، فإنها تعتبر نفسها مسؤولة بشكل خاص عن حماية هذه المؤسسات من أي ضغوط أو تدخلات خارجية، مما يوضح سبب اعتبار هذه التهديدات خطرًا على أمنها القومي.
