الدبلوماسية.. إعادة الاحتلال.. أو خيار وسط
يدعو بريت ستيفنز، في مقالٍ مُلِحّ وعاجل، إسرائيل إلى إيصال كمياتٍ كافية من الغذاء والدواء إلى غزة فورًا، ليس فقط كواجبٍ أخلاقي، بل أيضًا انطلاقًا من مصلحتها الذاتية.
ويجادل ستيفنز بأن التصور العالمي - سواءٌ أكان صحيحًا أم خاطئًا - بأن إسرائيل تُجوّع الأطفال عمدًا أصبح من أقوى أدوات الدعاية لحماس.
ويُصرّ على أنه حتى لو كانت حماس تتحمل جزءًا كبيرًا من مسئولية المعاناة، فإن التكاليف المتعلقة بسمعة إسرائيل ودبلوماسيتها تفوق بكثير أي فائدة استراتيجية من حجب المساعدات. ويكتب: "لا شيء يُضرّ إسرائيل أكثر من التصور العالمي... بأنها تُجوّع الأطفال عمدًا".
٣ خيارات حاسمة
يُحدد ستيفنز ثلاثة خيارات أساسية لإسرائيل والمجتمع الدولي مع استمرار الصراع:
١ - تسوية تفاوضية:
حتى وقت قريب، بدا احتمال وقف إطلاق النار في متناول اليد، لكن حماس شددت موقفها، رافضةً نزع سلاحها دون إقامة دولة فلسطينية. في الوقت نفسه، نشرت حماس مقاطع فيديو مُقلقة لرهائن إسرائيليين مصابين بالهزال وهي خطوة أثارت ألمًا عميقًا في إسرائيل، لكنها قوبلت بردود فعل صامتة في أماكن أخرى.
إن الجهود الدولية، مثل إعلان جامعة الدول العربية الأخير الذي حث حماس على نزع سلاحها وإطلاق سراح الرهائن، لا تُقدم سوى أمل أجوف ما لم تُمارس جهات فاعلة رئيسية، مثل قطر، ضغوطًا جادة. ويأسف ستيفنز قائلًا: "الدبلوماسية طريق متعرج إلى لا مكان"، طالما ظلت هذه الحوافز والضغوط غير متوازنة.
٢ - إعادة احتلال إسرائيلي كامل:
يُقال إن رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو يميل إلى إعادة احتلال غزة بالكامل، على الرغم من المعارضة الشديدة من كبار القادة العسكريين الإسرائيليين. يُحذّر ستيفنز من أن هذا المسار سيكون كارثيًا، إذ سيُعرّض الرهائن لخطر داهم، ويُشعل صراعًا دمويًا في المناطق الحضرية.
ويُورّط إسرائيل في حرب طويلة مُرهِقة ستُثير ردود فعل عالمية ومحلية عنيفة. ويُشبّه السيناريو المُحتمل باجتياح لبنان الكارثي عام ١٩٨٢: "بيروت عام ١٩٨٢ ليست تجربةً ينبغي للحكومة الإسرائيلية أن ترغب في تكرارها أبدًا".
٣ - استراتيجية "الضغط":
كبديل، يُعيد ستيفنز النظر في "نهج الضغط" الذي اقترحه رئيس الوزراء السابق نفتالي بينيت. تسعى هذه الاستراتيجية إلى تجنّب حرب المدن المباشرة، والحفاظ بدلًا من ذلك على احتلالٍ غير مُحدّد لمحيط غزة الداخلي، بما في ذلك الحدود مع مصر.
الهدف هو السماح بدخول المساعدات الإنسانية -الغذاء والدواء- مع منع دخول مواد مثل الوقود والخرسانة التي يُمكن أن تُعزّز آلة حماس الحربية. والأهم من ذلك، سيتم حجب مساعدات إعادة الإعمار حتى تُفرج حماس عن الرهائن وتُسلّم سلاحها، مما يُحوّل الضغط على حماس من داخل غزة وخارجها.
دور حماس ومسئولية حلفائها
يُصرّ ستيفنز على أن حماس تتحمل مسئولية محنة غزة، أكثر من إسرائيل، وينتقد أولئك الذين "يُحمّلون إسرائيل مسئولية جميع مآسي غزة إلى الأبد"، مُجادلًا بأن الدعم الحقيقي للفلسطينيين يجب أن يشمل معارضة استمرار سيطرة حماس.
ويؤكد قائلًا: "لا يمكن لأي شخص عاقل أن يكون مؤيدًا للفلسطينيين دون أن يكون في الوقت نفسه مُعاديًا لحماس"، مُؤكدًا أن أفعال حماس تُطيل المعاناة وتُعيق أي أمل في مستقبل أفضل في غزة.
الحاجة إلى حلول متوازنة وواقعية
في الوقت نفسه، يُجادل ستيفنز بأن الدعم الحقيقي لإسرائيل يعني فهم السياق الاستراتيجي الأوسع: إعادة الرهائن، وإعادة تأهيل سمعة إسرائيل بين الحلفاء المُترددين، واستعادة الردع ضد التهديدات الإقليمية الأخرى. ويُحذّر من أن أي محاولة لإعادة احتلال غزة بالكامل ستكون خطأً فادحًا - خطأً لا يُمكن لأي صديق حقيقي لإسرائيل أن يدعمه.
في النهاية، يدعو ستيفنز إلى نهج وسطي دقيق يجمع بين الإغاثة الإنسانية، والضغط المستمر على حماس، وتجديد الدبلوماسية الإقليمية. ويرى أنه من خلال هذا النهج المتوازن فقط، يُمكن كسر حلقة المعاناة والصراع.
