في مشهدٍ إنسانيٍ نادرٍ، تحول الألم إلى أمل بفضل تعاطف الملايين، وقصة الطفل “علي” الذي اجتمعت القلوب على إنقاذه أعادت الضوء إلى مرضٍ نادر وخطير يُهدد حياة المئات من الأطفال حول العالم، وضمور العضلات الشوكي “علي” الطفل المصري الذي لم يتجاوز عامه الأول، كان يصارع الوقت لا المرض فقط، الزمن كان عدوه الأول، فالعلاج المتاح الذي يُعد من الأغلى في العالم يجب أن يُعطى في سن مبكرة، قبل أن تتلف الخلايا العصبية بشكل لا رجعة فيه.

ومع تكلفة تجاوزت الـ40 مليون جنيه مصري، بدا الأمل بعيدًا، حتى تحركت قلوب الناس قبل أيديهم، ونجحت حملة التبرعات الشعبية في جمع المبلغ كاملًا خلال أسابيع، كانت لحظة إعلان اكتمال التبرعات لحظة تاريخية، لا تقتصر على طفل؛ بل تفتح نافذة أمل لكل من يواجه هذا المرض.
لكن، ما هو هذا المرض الذي أشعل كل هذه المشاعر وجمع هذه الملايين؟
وفقا لـ healthline ضمور العضلات الشوكي: مرض يسرق الطفولة بصمت
ضمور العضلات الشوكي (Spinal Muscular Atrophy – SMA) هو اضطراب وراثي نادر يصيب الخلايا العصبية المسؤولة عن الحركة في الحبل الشوكي، نتيجة خلل في الجين المسؤول عن إنتاج بروتين يُسمى SMN، تبدأ هذه الخلايا بالموت تدريجيًا، ما يؤدي إلى ضعف شديد في العضلات الإرادية.
ويظهر المرض في أربع درجات، أخطرها النوع الأول الذي أصيب به الطفل علي ويُشخص عادةً خلال الشهور الأولى من حياة الطفل، وفي هذا النوع، يفقد الرضيع القدرة على الرضاعة، التنفس، والحركة تدريجيًا، وقد يؤدي إلى الوفاة خلال عامين في حال عدم التدخل العلاجي السريع.
ما يميز هذا المرض أنه لا يؤثر على القدرات الذهنية أو الحواس، الأطفال المصابون به أذكياء، يشعرون ويسمعون ويفهمون، لكن أجسادهم تخذلهم؛ عقل حاضر في جسد لا يستجيب.
علامات تستدعي الانتباه
تبدأ أعراض ضمور العضلات الشوكي عادةً بشكل تدريجي، وتشمل:
• ضعف العضلات وصعوبة الحركة
• مشاكل في الجلوس أو الوقوف
• رعشة في اليد أو اللسان
• صعوبة في التنفس أو الرضاعة
• انخفاض في ردود الفعل العضلية
• تكرار السقوط وفقدان التوازن
وتختلف حدة الأعراض باختلاف نوع المرض، فكلما ظهر في عمر مبكر، كانت حالته أكثر خطورة.
التشخيص والعلاج: سباق مع الزمن
يعتمد التشخيص على الفحص السريري، واختبارات الدم والتحاليل الجينية لتحديد وجود خلل في الجين SMN1، ويُوصى ببدء العلاج فور التأكد من الإصابة، خاصة في الحالات الطفولية.
العلاج الأحدث والأكثر فعالية حاليًا هو عقار “Zolgensma”، وهو علاج جيني يُعطى مرة واحدة فقط في الحياة، ويعمل على تعويض الجين التالف، ورغم فعاليته العالية، فإن تكلفته الباهظة جعلته أحد أغلى الأدوية في العالم، حيث يتجاوز سعره مليوني دولار.
مضاعفات تهدد الحياة
إذا تُرك دون علاج، يتسبب المرض في مشكلات خطيرة بالجهاز التنفسي، وانحناءات في العمود الفقري، وفقدان القدرة على الحركة أو حتى البلع. وفي كثير من الحالات، يكون السبب المباشر للوفاة هو الفشل التنفسي الناتج عن ضعف العضلات.
علي: بداية قصة لا نهايتها
الطفل علي حصل على العلاج في الوقت المناسب، لكن القصة لا تنتهي هنا، ونجاح حملته فتح نقاشًا واسعًا حول أهمية التشخيص المبكر، وضرورة إدراج فحص SMA ضمن اختبارات حديثي الولادة، كما يحدث في بعض الدول المتقدمة.
كما سلط الضوء على أهمية التكافل المجتمعي، وقوة تأثير شبكات التواصل الاجتماعي في دعم القضايا الصحية، خاصة حين تكون حياة طفل بريء على المحك.
ضمور العضلات الشوكي ليس مجرد مرض، بل معركة يخوضها الطفل بأعصابه، والوالدان بقلبيهما، والمجتمع كله بوعيه وتفاعله وعلي ذلك الطفل الصغير، أصبح رمزًا للنور وسط عتمة المرض، ودليلاً حيًّا على أن إنقاذ الحياة ممكن حين تجتمع القلوب.