تبادلت حركتا فتح وحماس الاتهامات عبر وسائل الإعلام، ولكن اعتبر بعض المحللين أن تصريحات الرئيس محمود عباس الحادة ضد قادة حماس لم تأتِ عبثًا، بل نتيجة تراكمات وخلافات عميقة في المواقف السياسية.
ووجه عباس عبارات قاسية لقادة حماس، قائلًا: "يا أبناء الكلاب، سلموا الرهائن لتنتهي الأزمة"، منتقدًا أسلوب الحركة في مفاوضاتها مع إسرائيل بشأن حرب غزة، وكشفت هذه التصريحات عن صعوبة تحقيق المصالحة بين الفصائل الفلسطينية المتخاصمة.
ووفقًا لتصريحات عدد من الخبراء لصحيفة لإندبندنت البريطانية، استخدم عباس في خطابه الأخير لغة شديدة اللهجة، متهمًا حماس بالخيانة لأنها "تسببت في أضرار جسيمة للقضية الفلسطينية وتقدم خدمات مجانية لإسرائيل"، مما يوفر ذرائع لسياسات تل أبيب.
وشهدت العلاقة بين فتح وحماس توترات متكررة، لكن لم يسبق أن وصلت إلى حد الشتائم العلنية أو الاتهامات بالخيانة، مما جعل تصريحات عباس سابقة استثنائية ومثيرة للجدل.
وأشار أبو مازن إلى أن "حماس غير أمينة وتتحمل مسؤولية المعاناة في غزة"، مما أثار حيرة سكان القطاع وتساؤلات حول دوافع هذا التصعيد وما إذا كانت هناك أسباب خفية.
وفي السابق؛ رفض عباس إدانة هجوم حماس على إسرائيل في 7 أكتوبر 2023، متجاهلًا ضغوط الولايات المتحدة لانتقاد حركة حماس. وأوضح المراقبون والخبراء للصحيفة البريطانية أن عباس اعتبر تصرفات حماس ردًا على الاضطهاد الإسرائيلي، متوقعًا أن تسلم الحركة مفاوضات غزة للسلطة الفلسطينية، كما حدث في 2014، لكن حماس رفضت ذلك ولم تلتزم بجدية بجهود المصالحة.
ونجحت السلطة الفلسطينية في 2014، بوساطة مصرية، في التفاوض مع إسرائيل لإنهاء الحرب على غزة بعد تفويض من حماس، لكن في الحرب الحالية، أصرت حماس على إدارة المفاوضات بمفردها، متجاهلة دعوات المتحدث باسم الرئاسة نبيل أبو ردينة لتسليم السلطة هذا الدور. وبدأت فتح والسلطة توجيه انتقادات حادة لحماس في مارس 2024، لكنها لم تصل إلى حد الشتائم حتى تصريحات عباس الأخيرة.
واتهمت فتح حماس بإضعاف الوحدة الفلسطينية عبر مفاوضات مباشرة مع الولايات المتحدة دون تفويض وطني، معتبرة ذلك "تخابرًا" ومحاولة لتقويض الموقف العربي، كما قال أبو ردينة. زعمت فتح أن حماس تقمع معارضي الحرب في غزة، مما يمنح إسرائيل مبررات لاستمرار العمليات العسكرية.
دافع منير الجاغوب، المفوض الإعلامي لفتح، عن لهجة عباس، مشيرًا إلى أنها تعكس "غضبه على الدم الفلسطيني النازف".
وردّ عبد الحكيم حنين، نائب رئيس حماس، رافضًا اتهامات التخابر، وقال إن السلطة الفلسطينية هي من تنسق أمنيًا مع إسرائيل، مؤكدًا أن تل أبيب لا تفرق بين الفصائل الفلسطينية، معتبرة الجميع أعداء.
وأوضح أحد خبراء العلوم السياسية الغربيين أن شعور السلطة بتجاهل حماس، خاصة بعد لقاءات الحركة مع الإدارة الأمريكية، أثار غضب عباس الذي اعتبر ذلك خيانة، وفشلت محاولات المصالحة خلال الحرب، حيث عقدت فتح وحماس لقاءات في مصر ديسمبر 2023 وفي الصين يوليو 2024، لكنها لم تنجح في تطبيق أي اتفاق.
رفض الطرفان أيضًا مقترحًا عربيًا لتشكيل لجنة إسناد مجتمعي تابعة للسلطة لإدارة غزة. كشفت تصريحات عباس، بحسب محللين على منصة إكس، عن استحالة المصالحة في الوقت الحالي، مفندة التقارير عن مبادرات جديدة لإنهاء الانقسام.
وتعكس هذه الأزمة عمق الخلافات بين فتح وحماس. ويرى دبلوماسيون أوروبيون، كما نقلت صحيفة تورنتو ستار، أن استمرار التوترات يعرقل الجهود الدولية لدعم القضية الفلسطينية. يأمل المراقبون في وساطة دولية فعّالة لإعادة إحياء الحوار وتحقيق وحدة وطنية.