“الحدود التجارية للحرب”.. كيف أصبحت شركات التكنولوجيا ساحة معركة جديدة في صراعات العصر؟


السبت 12 ابريل 2025 | 01:26 مساءً

تكنولوجيا - أرشيفية

تكنولوجيا – أرشيفية

ميسون أبو الحسن

كشف تقرير حديث عن تحول غير مسبوق في طبيعة الحروب الحديثة؛ حيث لم تعد شركات القطاع الخاص، وعلى رأسها عمالقة التكنولوجيا الأمريكية، مجرد مزودين تقليديين للأسلحة والعتاد، بل باتت تلعب دورًا محوريًا كخط دفاع رقمي حاسم للدول المنخرطة في النزاعات.

وقد تجلّى هذا الدور الجديد بوضوح في الحرب الروسية الأوكرانية، التي شهدت تدخلًا سريعًا ومباشرًا من شركات مثل “ستارلينك” (سبيس إكس)، و”أمازون ويب سيرفيسز”، و”مايكروسوفت” لتقديم الدعم التكنولوجي الحيوي لأوكرانيا في وجه الهجمات الروسية.

ففي الأيام الأولى للغزو الروسي، استجابت هذه الشركات لنداءات أوكرانيا العاجلة، حيث قامت “ستارلينك” بتوفير خدمة الإنترنت عبر الأقمار الصناعية في ظل تعطل الشبكات الأرضية، و”أمازون ويب سيرفيسز” و”مايكروسوفت” بنقل البيانات الحكومية الحساسة إلى خوادمها السحابية الآمنة، وقدّمت الأخيرة خدمات الأمن السيبراني المستمرة. كما ساهمت شركات أخرى مثل “إيرباص” و”ماكسار تكنولوجيز” بتوفير صور وبيانات استخباراتية حاسمة من ساحة المعركة.

يشير التقرير إلى أن هذا التدخّل غير المسبوق من القطاع الخاص يمثل تحولًا جوهريًا في مفهوم الحروب الحديثة؛ حيث لم تعد ساحة المعركة تقتصر على الأرض والسماء والبحر، بل امتدت لتشمل الفضاء الرقمي. وباتت الشركات التكنولوجية، التي تقود الابتكار في هذا المجال، تمتلك قدرات تفوق في كثير من الأحيان قدرات الحكومات على نشر وتأمين البنية التحتية الرقمية الحيوية.

ومع ذلك، يثير هذا الدور المتعاظم للشركات التكنولوجية تحديات جديدة تتعلق بتوافق مصالحها مع المصالح الوطنية للدول. ففي حين كان تدخل هذه الشركات في أوكرانيا مدفوعًا بعوامل إنسانية وسياسية آنية، إلا أن الاعتماد المتزايد على القطاع الخاص في حماية الأمن القومي، يطرح تساؤلات حول مدى استدامة هذا الدعم في صراعات مستقبلية قد تكون أكثر تعقيدًا وطويلة الأمد.

ويُسلّط التقرير الضوء بشكل خاص على السيناريو المحتمل لغزو صيني لتايوان؛ حيث ستكون حماية البنية التحتية الرقمية للجزيرة ذات أهمية قصوى، إلا أن المصالح الاقتصادية الكبيرة للعديد من شركات التكنولوجيا الأمريكية في الصين، بالإضافة إلى العلاقات الشخصية لبعض قادتها مع مسؤولين صينيين، تثير شكوكًا حول مدى استعداد هذه الشركات للدفاع عن تايوان في مثل هذا السيناريو.

ودعا التقرير حكومة الولايات المتحدة إلى تبني استراتيجية واضحة ومستقبلية لتأمين “الحدود التجارية للحرب”، من خلال بناء شراكات استراتيجية مع شركات التكنولوجيا، وتحديد القدرات الحيوية المطلوبة، والتعاقد عليها مسبقًا لضمان توافرها في أوقات الأزمات.

ويرى التقرير أن هذا النهج الاستباقي ضروري لحماية الأمن القومي الأمريكي وحلفائه، في عصر يشهد تحولًا متسارعًا في طبيعة الصراعات.

نقلا عن الجريدة العقارية

أضف تعليق