تشهد الساحة السودانية تطورات خطيرة مع دخول الحرب عامها الثاني، وسط تحولات جيوسياسية وأمنية متسارعة، في وقت يتفاقم فيه الوضع الإنساني يومًا بعد يوم، مع تفشي الأوبئة وارتفاع معدلات النزوح، وسط تحذيرات من تمدد الجماعات الإرهابية داخل البلاد.
تسببت الحرب التي اندلعت في منتصف أبريل 2023 بين الجيش السوداني وقوات الدعم السريع في مقتل عشرات الآلاف وتشريد أكثر من 14 مليون مواطن، وسط أوضاع صحية متدهورة وانتشار واسع للكوليرا في 12 ولاية سودانية.
وأكد المتحدث باسم منسقية النازحين واللاجئين، آدم رجال، تفشي الوباء في معسكرات دارفور، مشيرًا إلى تسجيل 2145 إصابة و40 حالة وفاة في منطقة طويلة وحدها، إضافة إلى تسجيل 23 إصابة و7 وفيات في منطقة قولو.
وأوضح في بيان رسمي أن عدد الإصابات اليومي يتراوح بين 100 و208 حالة، وسط تلوث واسع لمياه الشرب وانعدام خدمات الصرف الصحي.
اقتراب تنظيمي داعش والقاعدة من حدود السودان
وفي ظل تدهور الأوضاع، كشفت تقارير صحفية نقلا وكالة الأنباء السودانية «سونا»، عن اقتراب تنظيمي داعش والقاعدة من حدود السودان، مستغلين الفراغ الأمني الناتج عن الحرب المستمرة.
وذكرت وكالة الأنباء السودانية أن كتيبة البراء، المتهمة بإشعال فتيل القتال، استعانت بقادة من التنظيمات الإرهابية للقتال إلى جانب الإسلاميين في الخرطوم والجزيرة.
ونقلت الوكالة عن خبير عسكري تحذيره من تكرار سيناريوهات ليبيا والعراق وسوريا، مشيرًا إلى وجود روابط قديمة بين الجماعات الإرهابية والإسلاميين في السودان الذين وفروا ملاذًا آمنًا لأسامة بن لادن وسهلوا أنشطته المالية من خلال منظمات مشبوهة.
بعض مقاتلي كتيبة البراء سبق لهم القتال مع داعش في الصومال وليبيا
التقارير أكدت أن بعض مقاتلي كتيبة البراء سبق لهم القتال مع داعش في الصومال وليبيا، وأنهم مسؤولون عن عمليات قطع رؤوس وتمثيل بالجثث، وهي أفعال وثقتها مقاطع فيديو متداولة في الأوساط السودانية، تكشف عن ارتباط مسؤولين ومقاتلين في الجيش السوداني بأعمال تحريضية دموية.
وحذر مراقبون من تصاعد الجرائم الميدانية، معتبرين أن تلك المشاهد تمثل أدلة دامغة على وقوع جرائم حرب وارتباط خطير بين الميليشيات والجماعات المتطرفة.
وفي سياق متصل، أظهرت معطيات أن كتيبة البراء تضم عناصر إخوانية تعرف باسم "المجاهدين"، ويتزعم الكتيبة المصباح أبو زيد طلحة إبراهيم، وسط اتهامات سياسية بضلوعها في تأجيج الصراع وإطالة أمد الحرب.
ونقل تقرير نشره موقع "أخبار السودان" عن مصادر سياسية قلقها من توسع دور الميليشيات في الحياة السياسية والأمنية، مشيرين إلى أن الدعم التركي للإسلاميين منح أنقرة فرصة للاستحواذ على موارد البلاد، عبر أذرع مالية وتحركات استخباراتية.
وأكد الدبلوماسي الأمريكي السابق، كاميرون هيدسون، أن أموالًا ضخمة تم تهريبها إلى تركيا بعد سقوط نظام البشير، وأعيد توجيهها لتمويل شركات علاقات عامة تدير حملات دعائية لصالح الإسلاميين.
من جهته، أكد الصحافي المختص أحمد حمدان أن كتيبة البراء تستمد قوتها من تنظيم الإخوان المتغلغل في مؤسسات الدولة، مشيرًا إلى أن تسليح الميليشيا يتم خارج قنوات الجيش الرسمية.
وأضاف أن الكتيبة تمثل نموذجًا حيًا لما يعرف بـ"الخلايا النائمة"، التي أشار إليها نائب البشير السابق، علي عثمان، وتضم أجهزة أمنية موازية كالشرطة الشعبية وهيئة العمليات.
وفي محاولة لاحتواء الخطر، دعا التحالف المدني الديمقراطي "صمود" إلى تصنيف المؤتمر الوطني والحركة الإسلامية كمنظمات إرهابية، على غرار ما فعلته دول عربية كالسعودية والإمارات ومصر والأردن، ودول غربية مثل فرنسا وبريطانيا والولايات المتحدة.
وقال التحالف في بيان له إن الحركة الإسلامية السودانية ارتكبت ما لم تجرؤ عليه نظيراتها، بتحويل الخرطوم إلى ملاذ للجماعات المتطرفة، ورعاية الإرهاب وتسهيل نشاطه، في وقت يرفض فيه المشروع الإخواني أي انتقال ديمقراطي أو تداول سلمي للسلطة.
وأكد أن إعادة تمكين تلك الجماعات تمثل خيانة لثورة ديسمبر التي أطاحت بالنظام، مستذكرًا أن الولايات المتحدة صنفت السودان في 1993 كدولة راعية للإرهاب بسبب هذه الممارسات، التي ما زالت تهدد وحدة واستقرار البلاد حتى اليوم.