حذرت الإذاعة الأمريكية الوطنية (NPR) من أن نظام "القرض الحسن"، رغم ما يبدو عليه من طابع أخلاقي وديني، يشكل تهديدًا خفيًا للاستقرار الاقتصادي في لبنان، خصوصًا في ظل عمله خارج الإطار المالي الرسمي وغياب الرقابة والشفافية.
ويقوم "القرض الحسن" على تقديم قروض دون فوائد وفقًا لمبادئ التمويل الإسلامي، وتديره في الغالب مؤسسات دينية أو خيرية، وفيما يُنظر إلى هذا النظام كوسيلة لدعم الأفراد خلال الأزمات، إلا أن الإذاعة الأمريكية ترى فيه خطرًا متناميًا حين يعمل بمعزل عن اللوائح المالية المنظمة.
وسلطت الإذاعة الضوء على أن هذه المؤسسات، التي ازدهرت في لبنان خلال السنوات الماضية، لا تخضع للبنك المركزي أو القوانين المالية الرسمية، ما يفتح الباب أمام استخداماتها في أنشطة مثل غسيل الأموال، أو التحكم في تدفقات رأس المال بطرق غير مراقبة، فضلًا عن إمكانية توظيفها كأداة ضغط اقتصادي، وهو ما استثمرته جماعة حزب الله، حسب التقرير.
وبحسب الإذاعة، فإنه دون رقابة مناسبة، يمكن أن تصبح هذه الأنظمة أدوات لغسيل الأموال، أو تدفقات رأس مال غير مراقبة، أو حتى وسيلة للضغط الاقتصادي.
وأضافت الإذاعة أن غياب مؤسسات القرض الحسن عن النظام الائتماني الرسمي، يحرم الدولة من أدوات التأثير النقدي، كما قد يؤدي إلى ظهور فقاعات مالية نتيجة لممارسات إقراض غير مستدامة، لا سيما في المجتمعات الهشة.
ويتعمق خطر هذه المنظومة، حسب التقرير، في ظل إخفاق الحكومات في الوفاء بوعودها بشأن تعويض المتضررين من النزاعات أو الكوارث، ما يدفع المواطنين إلى اللجوء إلى "القرض الحسن" كشبكة أمان بديلة، لكنها غير منظمة، وتتحول هذه القروض، في غياب الأطر القانونية، إلى التزامات مفروضة اجتماعيًا أو سياسيًا، لا تحكمها ضمانات قانونية أو أخلاقية.
ودعت الإذاعة إلى ضرورة فرض رقابة صارمة على هذه المؤسسات، جنبًا إلى جنب مع مراجعة آليات التعويض الرسمية، وتوعية المواطنين بمخاطر اللجوء إلى أنظمة الإقراض غير المنظمة، مشددة على أن غياب التنظيم قد يحوّل "القرض الحسن" من أداة تضامن إلى وسيلة للسيطرة الاقتصادية والاجتماعية.
واختتمت الإذاعة تقريرها بتحذير صريح: "قد يبدو القرض الحسن نظامًا حميدًا، لكنه في غياب الشفافية والمساءلة، يمكن أن يتحول إلى حصان طروادة يزعزع استقرار الاقتصاد من الداخل".