
فى زقاقٍ هادئ من أزقة المعادي، اعتاد الحاج "مصطفى" أن يبدأ صباحه بكوب شاى على شرفته الصغيرة، يتأمل المارة ويهدهد قلبه بأدعية الجد الطيب.
سبعةٌ وسبعون عامًا قضاها على هذه الأرض، بعضها فى كفاحٍ ومشقة، وأكثرها فى صمت الأب الذى يحمل همّ الجميع ولا يشكو.
لم يكن يدرى أن كلماته الصادقة – تلك التى نطق بها بعفويةٍ عن معاناة ابنته – ستكون آخر ما يقوله فى حياته.
فى لحظةٍ واحدة، انفجر الغضب فى قلب رجلٍ لا يعرف من الرجولة سوى قناعٍ هشٍ يخفى وراءه بطالةً وشرًا مكبوتًا. اشتدت المشادة، وعلت الأصوات، وتدحرجت الكلمات حتى سقطت فى مستنقع الدم. لم يكن فى نية المسن أن يُهين، بل أن يُنبه، أن يصرخ من حرقة قلبه على ابنته التى تحمّلت ما لا يُحتمل، لكنه لم يعلم أن الصوت حين يرتطم بجدار من الكراهية، لا يعود صدى بل يصبح كارثة.
سقط الرجل، وسقط معه شيءٌ من كرامة الإنسانية، تهشمت جمجمته كما تهشمت الروابط التى كانت تُفترض أن تجمع عائلةً واحدة، وها هو التحقيق يبدأ، والمجرم فى قبضة العدالة، لكن هل تكفى العدالة لجبر قلب ابنةٍ شاهدت أباها يُقتل فى سبيل الدفاع عنها؟
تحقيقات النيابة
فتحت نيابة جنوب القاهرة الكلية تحقيقات موسعة فى الواقعة المأساوية التى شهدتها منطقة المعادى، وراح ضحيتها مسن، على يد زوج ابنته إثر مشادة كلامية بينهما. وكشفت التحقيقات أن المتهم " عاطل"، فى العقد الرابع من العمر، تشاجر مع والد زوجته "حماه"، مسن ٧٦ سنة، بسبب عمل الزوجة، وتكفلها بمصاريف المنزل.
تفاصيل المشادة بين الأب وزوج ابنته
وقال الأب ذلك الكلام على مسمع من الزوج، الذى ثار ونشبت بينهم مشادة قوية تطورت إلى مشاجرة، قام على أثرها المتهم بضرب المجنى عليه "بعصا خشبية"، وضربه عدة ضربات على رأسه فأصابه إصابات بالغة أدت إلى وفاته.
مناظره النيابة للجثمان
وكشفت مناظرة النيابة الجثة أنها، لمسن فى أواخر عقده السابع، مصاب بتهشم فى الجمجمة وجروح قطعية بالرأس، ونزيف دموى حاد، وكدمات بمناطق أخرى من الجسد.
وأمرت النيابة بتشريح جثة المتوفى لبيان سبب الوفاة، وكذلك عرض المتهم على الطب الشرعى لبيان تعاطيه للمخدرات أثناء الواقعة، وقررت حبسه أربعة أيام على ذمة التحقيقات.
واستدعت النيابة شهود الواقعة، والذين أكدوا أن المتهم وراء ارتكابها وأنه دائم التشاجر مع زوجته، وطلبت النيابة تفريغ الكاميرات واستكمال تحريات المباحث.
بدأت الواقعة بورود بلاغ لرجال الأمن يفيد بنشوب مشاجرة وسقوط قتيل، وبالانتقال تبين صحة الواقعة، وضبط المتهم، وتم اتخاذ الإجراءات القانونية اللازمة حيال الواقعة.