توصل علماء في جامعة ألمانية إلى ابتكار مواد عالية الأداء تمكّن بطاريات السيارات الكهربائية من سرعة الشحن؛ ما يمنحها أنظمة تخزين أكثر أمانًا وأطول عمرًا.
ووفق الدراسة التي حصلت عليها منصة الطاقة المتخصصة (مقرّها واشنطن)، نجح العلماء بجامعة هومبولت في برلين (HU) في إحداث تغيير متعمد في النظام الذري للبطاريات.
وكانت النتيجة ابتكار أنودات عالية الأداء لبطاريات الليثيوم والصوديوم أيون، تتميز بسرعة شحن واستقرار استثنائيين، ما من شأنه أن يُعيد تعريف تصميم المواد في مجال بطاريات السيارات الكهربائية.
حتى الآن، كانت القاعدة المتبعة في تصميم مواد البطاريات تتمثّل في أنه كلما كان الهيكل البلوري أكثر كمالًا، كان التوصيل الأيوني أفضل.
إلا أن هذا الكمال غالبًا ما يكون مصحوبًا بصلابة هيكلية، وحركة أيونية محدودة، وضعف في الأداء عند معدلات شحن عالية.
ونجح الباحثون في عكس هذا النموذج: إذ يُظهر بحثهم أن الاضطراب المتعمد -وليس النظام- يمكن أن يُحسّن التوصيل الأيوني، ويزيد من استقرار الدورة، ويفتح آفاقًا جديدة لآليات تخزين البطاريات.
ابتكار جديد لبطاريات السيارات الكهربائية
توصّل الباحثون بجامعة هومبولت في برلين، إلى تطوير مواد جديدة لبطاريات أكثر قوةً وأطول عمرًا، وفق ما جاء في دراستين نُشرتا في مجلتي نيتشر كومونيكيشنز (Nature Communications) وأدفانسد ماتريالز (Advanced Materials).
وتمكّن الباحثون من تطوير هذه المواد من خلال إحداث خلل هيكلي في أكاسيد النيوبيوم والتنغستن، والتحكم في عدم التبلور -أي تحول المادة إلى حالة غير منظمة- في نيوبات الحديد (النويبات هي أملاح أكسجينية لعنصر النيوبيوم).
ووفق التفاصيل التي اطّلعت عليها منصة الطاقة المتخصصة، أُنتجت مادة متينة للغاية لبطاريات الليثيوم أيون؛ إذ كشف الباحثون عن أن البطارية حتى بعد 1000 دورة شحن تحتفظ بنسبة كبيرة من الأداء الأصلي.

كما طُوّر نوع جديد من المواد لبطاريات الصوديوم أيون، وهو بديل أكثر ملاءمة للبيئة؛ إذ تتغير هذه المادة بصورة كبيرة عند شحنها لأول مرة، لكنها تحتفظ بهياكل مهمة.
وينتج عن ذلك سعة تخزين عالية جدًا وعمر خدمة طويل يتجاوز 2600 دورة شحن بالأداء نفسه تقريبًا، وفقًا لباحثي جامعة هومبولت في برلين.
وكشفت الدراسة، المنشورة في مجلة "أدفانسد ماتريالز"، أنه -ولأول مرة- أُبلغ عن نيوبات حديد بهيكل كولومبيت (المصدر الرئيس لعنصر النيوبيوم) بوصفه أنود تخزين صوديوم عالي الأداء.
بطاريات عالية الأداء وأكثر استدامة
تعليقًا على تطوير مواد جديدة لبطاريات السيارات الكهربائية، قال البروفيسور نيكولا بينا من قسم الكيمياء بجامعة هومبولت في برلين: "تُظهر نتائجنا أن الخلل المُستهدف يُمكن أن يكون أداةً فعّالة في تصميم المواد".
وأضافت الدكتورة باتريشيا روسو من قسم الكيمياء بجامعة هومبولت في برلين: "بكسرنا النظام الذري عمدًا، نفتح آفاقًا جديدة كليًا لبطاريات عالية الأداء، أقوى وأطول عمرًا، وبالتالي أكثر استدامة".
وأكّد فريق البحث -أيضًا- أن الجمع بين أنودات الليثيوم غير المُرتّبة وأنودات الصوديوم غير المتبلورة، يفتح آفاقًا جديدة للمركبات الكهربائية فائقة السرعة، وحلول التخزين الثابتة للطاقة المتجددة، وبدائل آمنة لتقنيات البطاريات السابقة.
وتُؤكّد الدراسات إمكانات مبادئ التصميم الذري في حل مشكلات الطاقة العالمية.

بطاريات الصوديوم أيون
تطرّق الباحثون -في دراستهم التي اطّلعت عليها منصة الطاقة المتخصصة- إلى بطاريات الصوديوم أيون، التي تُعد واعدة لتخزين الكهرباء على نطاق واسع، نظرًا إلى وفرة الصوديوم وانتشاره الواسع.
ومع ذلك، فإن تطبيقها العملي يعوقه انخفاض كثافة طاقتها وعمر دورة طويل غير مرضٍ، ويرجع ذلك أساسًا إلى نصف قطر الصوديوم أيون وكتلته الذرية الكبيرين.
وأشاروا إلى أن أداء البطارية يعتمد بصورة كبيرة على خصائص مواد الكاثود (القطب السالب) والأنود (القطب الموجب)؛ لذلك، جرت مؤخرًا دراسة مواد الكاثود، مثل أكاسيد المعادن الانتقالية، على نطاق واسع بوصفها مواد مضيفة عكسية لأيونات الصوديوم؛ ما أدى إلى تقدم كبير في هذا المجال.
وفي المقابل، ما يزال تطوير الأنودات لبطاريات الصوديوم أيون عالية الأداء يمثّل تحديًا؛ إذ يوفر الكربون الصلب، وهو مادة شائعة قائمة على الكربون تستعمل في بطاريات الصوديوم أيون، أداء تخزين ممتازًا من حيث السعة وعمر الدورة.
ومع ذلك، فإن جهد التشغيل المنخفض لا يلبي متطلبات السلامة وكثافة الطاقة العالية للتطبيق العملي؛ نظرًا إلى خطر تكوين شجيرات الصوديوم (هياكل تُشبه الأشجار أو الطحالب على سطح أنود الصوديوم)، التي تؤدي إلى مشكلات مثل قصر الدوائر وفقدان السعة وانخفاض الكفاءة.
لذلك، فإن إحدى المهام الأكثر إلحاحًا لتسهيل التطبيق العملي لبطاريات الصوديوم أيون هي استكشاف مواد أقطاب كهربائية مناسبة تتميز بثبات دورة طويل الأمد، وسعة عالية، وقدرة على التسارع، بحسب ما أكده الباحثون في دراستهم.
موضوعات متعلقة..
اقرأ أيضًا..
المصادر:
- ابتكار جديد لبطاريات السيارات الكهربائية، من موقع جامعة هومبولت في برلين.
- دراسة حول ابتكار مواد جديدة لبطاريات السيارات الكهربائية، من مجلة "أدفانسد ماتريالز".