في خطوة مفاجئة أثارت جدلًا واسعًا، أقال الرئيس الأمريكي دونالد ترامب مسؤولة بارزة في مكتب إحصاءات العمل، وهي إريكا ماكينتارفر.
وجاءت إقالة ماكينتارفر في أعقاب خلاف حول تقرير الوظائف الشهري، إذ عبّر ترامب عن عدم رضاه عن الأرقام التي أظهرها التقرير.
وتسلّط هذه الحادثة الضوء على التوترات بين الإدارة السياسية والمؤسسات الحكومية المستقلة المعنية بجمع البيانات الاقتصادية، وفقًا لأسوشيتدبرس.
إقالة مفاجئة وخلاف حول بيانات الوظائف
قرر ترامب بصوت عالٍ إقالة رئيسة الوكالة التي تُصدر تقرير الوظائف الشهري الذي يتابعه جميع المستثمرين والمتداولين والمراقبين والخبراء، وتحملت ماكينتارفر، الموظفة الحكومية ذات الخبرة الطويلة، وطأة استياء الرئيس من تقرير التوظيف عن شهر يوليو، وكان تقرير الوظائف غير الزراعية قد كشف تباطؤًا في وتيرة التوظيف، كما تم تعديل أرقام شهري مايو ويونيو بشكل كبير لتصبح أقل مما كان مقدرًا سابقًا.
واتهم ترامب ماكينتارفر، دون تقديم أي أدلة، بالتلاعب بأرقام الوظائف، مشيرًا إلى أنها من "المعينين من قبل الرئيس جو بايدن". ولم ترد ماكينتارفر على اتهامات ترامب.
سيرة مهنية غير حزبية
تتمتع ماكينتارفر بخلفية أكاديمية قوية في الاقتصاد، حيث ركزت أبحاثها على موضوعات ثرية من بينها فقدان الوظائف، والتقاعد، والاضطرابات والوقفات العمالية.
كما عملت سابقًا في مؤسسات حكومية مرموقة مثل مركز الدراسات الاقتصادية التابع لمكتب الإحصاء، ومكتب السياسات الضريبية بوزارة الخزانة، ومجلس المستشارين الاقتصاديين بالبيت الأبيض في دور غير سياسي.
وقد تم ترشيحها لمنصبها الذي أقيلت منها في عام 2023، وتم تثبيت ذلك الترشيح في يناير 2024 بتصويت من مجلس الشيوخ بأغلبية واسعة بلغت 86 مقابل 8 أصوات.
ومن المفارقات، أن من بين أعضاء مجلس الشيوخ الجمهوريين الذين صوتوا لصالحها كان جيه دي فانس، الذي أصبح الآن نائب الرئيس في إدارة ترامب، وماركو روبيو، الذي يشغل حاليًا منصب وزير الخارجية في إدارته وقبل تثبيتها، أشاد بها مجموعة من الخبراء الاقتصاديين والمفوضين السابقين، مؤكدين أن خبرتها تجعلها الخيار الأفضل لهذا المنصب.
إشادة من زملاء سابقين وتحذيرات من التداعيات
لاقت إقالة ماكينتارفر إدانة واسعة من قبل زملائها السابقين. فقد وصف ويليام بيتش، الذي عُيّن كمفوض للمكتب من قبل ترامب نفسه في عام 2019، قرار الإقالة بأنها "لا يستند إلى أسس سليمة"، وقال في منشور على منصة إكس إنها "تؤسس لسابقة خطيرة وتقوض المهمة الإحصائية للمكتب".
كما أكدت سارة جيه جلين، كبيرة الاقتصاديين السابقة بوزارة العمل، أن ماكينتارفر تتمتع بـ "سمعة مرموقة" وأنها كانت دائمًا مهتمة بدقة البيانات بدلًا من "إضفاء صبغة سياسية على عملها".
ووصفتها هيذر بوشي، وهي زميلة سابقة في مجلس المستشارين الاقتصاديين، بأنها "عبقرية وتحظى باحترام كبير بين خبراء اقتصاد العمل"، مؤكدة أنها لم تكن منخرطة أبدًا في الحديث عن السياسة أو الدلالات السياسية لعملها.
تداعيات الإقالة على استقلالية المؤسسات
تثير إقالة ماكينتارفر مخاوف جدية حول استقلالية المؤسسات الحكومية. فمكتب إحصاءات العمل يُعتبر مصدرًا محايدًا وضروريًا للبيانات التي يعتمد عليها صناع القرار والمستثمرون. إن إقالة رئيسة المكتب بسبب خلاف حول أرقام وظيفية، كما أفادت وكالة أسوشيتد برس، يمكن أن يُنظر إليها على أنها محاولة لتسييس البيانات الاقتصادية.
هذا الإجراء يهدد الثقة العامة في التقارير الحكومية، ويعيد إلى الواجهة النقاش حول ضرورة حماية المؤسسات الفيدرالية من الضغوط السياسية لضمان نزاهة البيانات واستقلالها.