حرب على "ترند الابتذال".. الداخلية تحسم معركة التيك توك بضبط مشاهير المحتوى المخالف للقيم

تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق

في إطار استراتيجية وزارة الداخلية الحازمة لمكافحة الجرائم الرقمية والانحرافات السلوكية عبر وسائل التواصل الاجتماعي، شنت الأجهزة الأمنية المصرية حملات متتالية لضبط صناع المحتوى المسيء على المنصات الإلكترونية، وعلى رأسها تطبيق "تيك توك" الذي تحوّل في السنوات الأخيرة إلى منصة رئيسية لبث فيديوهات خادشة للحياء، ومخالفة للقيم والتقاليد المجتمعية.

حملات الضبط والتحقيق

حملات الضبط والتحقيق جاءت بعد تلقي الجهات المختصة مئات البلاغات من مواطنين وأسر مصرية، أعربوا عن استيائهم الشديد من تصاعد ظاهرة "الترند الإسفافى" وما يحمله من تأثيرات سلبية على النشء والأخلاق العامة.

ألقت وزارة الداخلية القبض على صانعتي المحتوى الشهيرتين "أم مكة" و"أم سجدة"، بعد نشرهما مقاطع مصورة تتضمن ألفاظًا وإيحاءات جنسية خادشة للحياء، بهدف تحقيق مشاهدات مرتفعة وجني أرباح مادية. واعترفت المتهمتان، وهما ربتا منزل تقيمان بمحافظتي القاهرة والقليوبية، بارتكاب الواقعة طمعًا في الانتشار السريع.

كما تم ضبط "سوزي الأردنية"، بعد انتشار محتواها المسيء بشكل واسع، وتبيّن من التحريات أنها كانت تقيم في منطقة المطرية بالقاهرة، واعترفت بتعمدها إثارة الجدل واستغلال المنصات لتحقيق مكاسب مادية.

وفي واقعة أخرى، ألقت الأجهزة الأمنية القبض على بلوجر معروفة، ظهرت في فيديو وهي تدّعي قدرتها على إنهاء إجراءات المرور للمواطنين بشكل غير قانوني. التحقيقات كشفت أنها كانت تهدف لجذب الانتباه ورفع التفاعل لتحقيق ربح رقمي. تم ضبطها في ثالث أكتوبر بمحافظة الجيزة، واتخذت بحقها الإجراءات القانونية.

وفي ضربة نوعية، تم ضبط صانع المحتوى المعروف بـ"مداهم"، الذي تبين أنه بث مقاطع خادشة للحياء إلى جانب تعاطيه لمخدرات. وعُثر بحوزته على كميات من الحشيش والأفيون ومبالغ مالية ضخمة بعملات محلية وأجنبية، إضافة إلى مشغولات ذهبية. المتهم أقرّ خلال التحقيقات بأنه يتعمد تقديم هذا المحتوى من أجل الأرباح الرقمية.

في واقعة أثارت جدلًا واسعًا، ألقت الأجهزة الأمنية القبض على صانع محتوى شهير يُعرف باسم "شاكر" داخل شقة بالتجمع الأول بالقاهرة الجديدة، بعدما بث مقاطع فيديو خادشة للحياء تسيء للقيم والمبادئ الأسرية.

وبعد تقنين الإجراءات، تم ضبطه برفقة مدير أعماله، وعُثر بحوزتهما على سلاح ناري غير مرخص، بالإضافة إلى كمية من مخدري الحشيش والآيس، حيث اعترفا بحيازتها بقصد التعاطي، كما أقرّا باستخدام هذه المقاطع لتحقيق "الترند" وزيادة التفاعل بهدف الربح السريع.

عقوبات مشددة بانتظارهما بموجب القانون المصري، إذ يواجهان اتهامات وفقًا لـ:

قانون مكافحة جرائم تقنية المعلومات رقم 175 لسنة 2018، الذي يعاقب على الاعتداء على القيم الأسرية بالسجن حتى 5 سنوات وغرامات قد تصل إلى 300 ألف جنيه.

قانون الأسلحة والذخائر رقم 394 لسنة 1954، الذي يجرم حيازة السلاح غير المرخص بعقوبات تصل إلى السجن المشدد.

قانون مكافحة المخدرات رقم 182 لسنة 1960، الذي يُجرّم حيازة وتعاطي المواد المخدرة حتى وإن لم تكن بقصد الاتجار.

وفي حال ثبوت التربح غير المشروع، قد تشمل العقوبات مصادرة الأموال والأجهزة المستخدمة في ارتكاب الجريمة.

الداخلية نجحت أيضًا في ضبط صانعة المحتوى "قمر الوكالة"، التي كانت تبث مقاطع خادشة على "تيك توك" بشكل متكرر. وبحسب التحقيقات، فإن المتهمة كانت تستغل شهرتها الرقمية لتقديم محتوى يسيء للذوق العام، وتم ضبطها في منطقة وسط البلد.

شملت الحملات الأخيرة أيضًا التحقيق مع صانعة المحتوى المعروفة باسم "مروة بنت مبارك"، بعد شكاوى تتعلق بإساءة استخدام السوشيال ميديا وبث محتوى مخالف. كما تم التعامل مع بلوجر المرور الشهيرة التي ادّعت قدرتها على تجاوز القوانين.

اللواء محمود الرشيدي – مساعد وزير الداخلية الأسبق وخبير أمن المعلومات – أكد أن الحملة الأمنية الأخيرة تعكس وعيًا متقدمًا لدى الدولة بخطورة الجرائم الإلكترونية، مشددًا على أن ما يُبث من إسفاف ليس حرية تعبير، بل "جريمة مجتمعية منظمة"، مشيرًا إلى أن تطور تقنيات المراقبة بات يتيح رصد تلك الانتهاكات بدقة.

من جانبه، قال المستشار ياسر الهضيبي – خبير قانوني ونائب رئيس حزب الوفد – إن العقوبات المقررة بالقانون كافية لكنها تحتاج إلى تطبيق صارم، مشيرًا إلى أن "الربح السريع" على حساب القيم يجب أن يُقابل بردع قانوني فوري حتى لا تتحول المنصات الرقمية إلى "أسواق للابتذال".

أما د. سامية خليل – أستاذة علم الاجتماع بجامعة عين شمس – فقد وصفت الظاهرة بـ"العدوى المجتمعية"، مؤكدة أن شرائح واسعة من الشباب والمراهقين تتأثر سلبيًا بمحتوى هؤلاء الصنّاع، مما يستدعي تدخلًا فوريًا من المؤسسات التربوية والإعلامية والأسر المصرية لتقديم بدائل محترمة وجاذبة.

شددت وزارة الداخلية في بياناتها المتتالية على استمرارها في ملاحقة كل من ينشر محتوى مسيئًا عبر المنصات الرقمية، مؤكدة أن "الفضاء الإلكتروني ليس خارج نطاق القانون"، وأن الحفاظ على القيم المجتمعية مسؤولية وطنية لن يُسمح بالتفريط فيها.