وسط حالة الجمود التي تسيطر على مسار مفاوضات وقف إطلاق النار، تتعرض مصر لحملة تحريضية منظمة وشديدة تستهدف دورها وموقفها.
هذه الحملة تستغل بشكل استراتيجي وممنهج سردية "تجويع أهل غزة"، لتوجيه أصابع الاتهام بشكل مباشر إلى مصر وتحميلها المسؤولية الكاملة عن الأزمة الإنسانية المتفاقمة في القطاع، وفقا لمعهد الشرق الاوسط لأبحاث الاعلام، ميمري.
ويهدف هذا التوجه المشبوه إلى تشويه صورة مصر كوسيط أساسي ومحوري في النزاع، وتجاهل الجهود التي تبذلها القاهرة في سبيل التهدئة، مع التركيز فقط على روايات مغلوطة حول فتح معبر رفح بشكل كامل، ويحاول تنظيم الإخوان الإرهابي أن يسوق لصورة بغيضة لمصر أو أن يضعها في قالب المتواطئ في معاناة الفلسطينيين.
دعوات للجهاد وفتاوى دينية مثيرة للجدل
لم تقتصر الحملة على الجانب السياسي والإعلامي، بل اتخذت بعدًا دينيًا تحريضيًا يثير الكثير من الجدل. فقد صدرت دعوات صريحة إلى شعبي الأردن ومصر لاقتحام الحدود و"كسر الحصار عن غزة" بالقوة.
تلك الدعوات، التي بُثت عبر منابر مؤثرة، صورت الوضع على الحدود المصرية بأنه يمثل خذلانًا أخلاقيًا ودينيًا لا يمكن السكوت عنه.
وقد لعب الاتحاد العالمي لعلماء المسلمين المشبوه دورًا محوريًا في هذا التحريض.
فقد أصدر فتاوى دينية تعتبر مساعدة غزة واجبًا شرعيًا وفريضة من فرائض الجهاد، مشيرًا إلى أن أي جهة لا تفي بهذا الواجب ستكون مسؤولة ومحاسبة أمام الله.
وامتد هذا التحريض ليشمل مؤسسة الأزهر الشريف، التي تعرضت لضغوط مكثفة لإصدار فتوى تخدم السردية المضللة.
حملات إعلامية واسعة ومنابر تحريضية
تزامنًا مع الضغط الديني، استخدمت المنابر الإعلامية ووسائل التواصل الاجتماعي لتعزيز هذه الحملة. تم وصف إغلاق المعابر بأنه "جريمة وتواطؤ مباشر في قتل الأبرياء" في محاولة لتأجيج الرأي العام.
كما نُظمت احتجاجات أمام الممثليات المصرية في الخارج، تنديدًا بالموقف المصري وكانت إحدى وقفات تنظيم الإخوان أمام السفارة المصرية في تل أبيب.
وشاركت وسائل إعلام في هذه الحملة، حيث وجهت انتقادات لاذعة لمصر، مُحاولة ربط أمنها الداخلي بالأزمة الخارجية.
ردود فعل رافضة للتحريض ومُدافعة عن الموقف المصري
من جانبها، رفضت مصر بشدة هذه الاتهامات. وأكدت أن المسؤولية الكاملة عن الأوضاع في غزة تقع على عاتق إسرائيل وحدها.
وأوضح مسؤولون مصريون أن المساعدات الإنسانية جاهزة للدخول، ولكن الأمر يتطلب التنسيق مع الجانب الآخر، وأن التركيز على المعبر المصري دون الحديث عن المعابر الإسرائيلية هو محاولة متعمدة لتشويه سمعة مصر ودورها.
وفي المقابل، شنت وسائل إعلام مصرية هجومًا مضادًا، اتهمت فيه الجهات المحرضة بالازدواجية والنفاق، حيث يعيش قادتها في رفاهية في الخارج بينما يحرضون الآخرين على القتال والمخاطرة. ووصفتهم بأنهم يمثلون "مقاومة الفنادق" التي لا تمت بصلة إلى الواقع على الأرض.