لم تعد المراهنات الإلكترونية مجرد لهو عابر أو تسلية مؤقتة، بل صارت فخا واسع الشباك، يبتلع أحلام الشباب ويقودهم إلى الهلاك، منصات تغسل عقول أبنائنا، وتدفعهم لسلوك طريق الخسارة والضياع، تماما كما حدث مع «محمد»، الذي أضله الطريق، فسقط في مستنقع الجريمة.
جثة متفحمة داخل شقة كفر صقر
في صباح ليس كأقرانه تلقت الأجهزة الأمنية بمركز شرطة كفر صقر بمديرية أمن الشرقية، بلاغا بنشوب حريق في إحدى الشقق السكنية، هرعت قوات الحماية المدنية إلى الموقع، وبذلوا جهدهم للسيطرة على النيران المشتعلة، لكن ما أن هدأ اللهيب حتى ظهرت الحقيقة المفزعة، جثة لسيدة في العقد السادس من عمرها متفحمة بها آثار طعنات ملقأة داخل صالة المنزل.
السيدة تدعى «رسمية»، وتقطن بمفردها في شقة متواضعة بإحدى عمارات المركز، لم تكن النيران وحدها ما أصاب الجسد، بل كشفت المعاينة الأولية عن طعنات عدة، تؤكد أن الموت لم يكن قدرا بل كان بفعل فاعل.
رحلة البحث عن قاتل السيدة "رسمية"
تحرك فريق البحث تحت إشراف رئيس مباحث المركز، وبدأت رحلة تتبع الجاني، وبمناقشة شهود العيان أكدوا دخول شاب غريب إلى العقار، ومع تضييق الدائرة، سقط «محمد ج»، 17 عاما، في قبضة الشرطة.
الصدمة لم تكن في عمره، بل في دافعه، اعترف ببرود، وكأن حديثه عن فيلم خيالي، بأنه اعتاد ممارسة ألعاب المراهنات على تطبيق عبر وسائل التواصل الاجتماعي، أغرته الأرباح في البداية، ثم جرته الخسائر إلى حافة الانهيار.
حاول تعويض ما فقده من أموال، فبدأ يسرق من والده المقاول، حتى كشف أمره، ضاق الخناق، فقرر أن يفلت من أزمته بأي وسيلة.
شيطان الرهان
خطط الجريمة بدم بارد، واختار ضحيته بعناية، يعلم أن «رسمية» السيدة المسنة تعيش وحدها، تسلل إلى شقتها، وباغتها بطعنات عدة بسكين أخفاه في ملابسه. وعندما تأكد من أنها لفظت أنفاسها الأخيرة، سرق 5700 جنيه، وأحرق الشقة، متوهما أن النيران ستمحو آثار جريمته ويهرب من العدالة.
لكن العدالة لا تنام، وأصابع الدم لا تمحى بسهولة، اعترف الشاب بكل تفاصيل جريمته، وتم بارشاده ضبط السلاح المستخدم والأموال المسروقة.
وتم اتخاذ كافة الإجراءات القانونية اللازمة حيال الواقعة وتولت النيابة العامة مباشرة التحقيقات التي أمرت بانتداب طبيب شرعي لتشريح جثة المجني عليها وإعداد تقرير واف عن كيفية وأسباب الوفاة وصرحت بالدفن عقب بيان الصفة التشريحية لها وتسليم الجثمان لذويه لاستكمال إجراءات الدفن وواجهت النيابة المتهم بما أسفرت عنه التحريات والضبط أقر بصحتها وعليه أمرت النيابة بحبسه 4 أيام احتياطياً علي ذمة التحقيقات.
وجدد قاضي المعارضات حبسه 15 يوم آخرين، ووجهت النيابة للمتهم تهم القتل العمد المقترن بالسرقة وإشعال حريق عمد، واصطحب فريق من النيابة العامة المتهم إلي مسرح الجريمة لإجراء معاينة تصويرية وتمثيل جريمته وجاري استكمال التحقيقات.
