سطع نجم الفنان لطفي لبيب الذي رحل عن عالمنا اليوم الأربعاء 30 يوليو 2025 في سماء الفن المصري، والذي يعد أحد أبرز الوجوه التي ارتبطت بالمسرح المصري لعقود طويلة، لقد كانت مسيرته الفنية حافلة بالإبداع والتميز، حيث جمع بين موهبة التمثيل، وحب المسرح، وشغف العمل الفني، ولعل المسرح هو البيئة التي شكلت في تكوينه الفني بعد تخرجه في معهد الفنون المسرحية ووضعت أقدامه على الطريق الذي أصبح من خلاله واحداً من أشهر فناني مصر.
البداية المسرحية
بدأ لطفي لبيب مشواره الفني في بداية السبعينيات، كان دائما يولي اهتماما كبيرا لفن المسرح، فقد أسس هذا الفن قاعدة قوية في حياته الفنية، كانت بدايته من خلال المشاركة في فرق مسرحية مستقلة، ثم تطور ليصبح أحد الأسماء البارزة في المسرح المصري، على الرغم من أن مسيرته الفنية قد شملت العديد من المجالات السينمائية والتليفزيونية، إلا أن المسرح كان ولا يزال الحلم الأول في قلبه.
شارك لطفي لبيب في العديد من الأعمال المسرحية التي ساهمت في بناء مكانته الفنية، ومن أشهر أعماله المسرحية التي لا تنسى كان مسرحية "ليلة من ألف ليلة"، التي قدمها في عام 2015 على خشبة المسرح القومي وحققت نجاحًا واسعًا، مع النجم يحيى الفخراني، ومن تأليف بيرم التونسي، وإخراج محسن حلمي، في هذه المسرحية، أظهر لبيب موهبته الفائقة في تقديم الشخصيات المعقدة والمتعددة الأبعاد، مما جعله يحصد إشادات كبيرة من النقاد والجماهير على حد سواء.

ومع تطور المسيرة الفنية، تميز لطفي لبيب بقدرته على الانتقال بين الأدوار المختلفة بسهولة ويسر. سواء كانت الأدوار الكوميدية أو الدرامية، كان دائمًا يتمكن من التأثير في الجمهور، ويترك أثرًا عميقًا في الأعمال التي يقدمها، ومن أبرز مسرحياته "الملك هو الملك"، التي قدمت في عام 2006 ، مع الفنان صلاح السعدني ومحمد منير وفايزة كمال، ومن تأليف سعد الله ونوس وإخراج مراد منير، وتعتبر من أهم المحطات في مسيرته، حيث قدم فيها شخصية متقلبة المشاعر تتمازج فيها الكوميديا مع المواقف الاجتماعية الجادة.
تجربة لطفي لبيب في المسرح الكوميدي
لطفي لبيب اشتهر على مدار مسيرته الفنية بقدرته الفائقة على تقديم أدوار كوميدية، ورغم أن العمل الكوميدي قد يكون صعبًا للغاية، فقد برع فيه لبيب ببراعة، إذ كان يجمع بين الموهبة الفطرية وحسن التوقيت في الأداء، مما جعله يصبح من نجوم المسرح الكوميدي.
ومن أشهر المسرحيات الكوميدية التي شارك فيها "طرائيعو"، مع الفنان محمد هنيدي، التي قدمت في عام 2002، ومن تأليف نبيل أمين، وإخراج سمير العصفوري، حيث قدم شخصية ذات طابع فكاهي خفيف، ولكنها تحمل في طياتها رسائل اجتماعية عميقة، هذا التناغم بين الضحك والرسائل الجادة هو ما جعل لبيب يحقق نجاحًا مميزًا في هذا المجال.

المسرح والفن المتكامل
يعد لطفي لبيب أحد رواد المسرح في جيله، ويعتقد أن المسرح هو أساس الفن التمثيلي، وقد تحدث في العديد من اللقاءات التليفزيونية عن أهمية المسرح في بناء الشخصية الفنية، إذ يعتبره "المدرسة الأم" التي تخرج منها معظم الفنانين الكبار في مصر، فالمسرح له تأثير عميق في الممثل، حيث يُعلمه الالتزام، والانضباط، وفهم الشخصية بشكل أعمق.
ولطالما اعتبر لبيب المسرح ليس مجرد مكان للأداء، بل هو مساحة للتفاعل المباشر مع الجمهور؛ كما يرى أن التفاعل مع الجمهور في المسرح يمنح الفنان فرصة لتقديم أفضل ما لديه من إمكانيات، ويتيح له التنوع في أدائه في كل مرة، مما يجعله يواصل التحسن والتطور على المستوى الشخصي والفني.
المسرح في حياته الشخصية
بالنسبة للفنان لطفي لبيب، يعتبر المسرح أكثر من مجرد عمل فني، إنه جزء من حياته الشخصية، فقد قال في أكثر من مناسبة إنه يشعر بأقصى درجات الإبداع حين يقف على خشبة المسرح أمام الجمهور، ورغم الشهرة الواسعة التي حققها في السينما والتليفزيون، إلا أن قلبه ظل معلقًا بالمسرح، حيث كان يُعتبر المكان الذي يمنحه إحساسًا بالتحقق الفني.
كان لبيب يقول، إن المسرح هو المكان الذي يُتيح للفنان فرصة حقيقية للتفاعل المباشر مع جمهوره، وأنه يشعر بحماس غير عادي عندما يرى ردود فعل الجمهور على أدائه، سواء كانت ضحكا أو صمتا، فهذا التفاعل هو الذي يدفعه للاستمرار.
قدم لطفي لبيب العديد من الأعمال المسرحية نذكر منها على سبيل المثال وليس الحصر: "3 فرخات وديك، الحب بالعقل، عريس لبنت السلطان، على ورق الفل، الشحاتين، الأنون وسيادته، سوق الحلاوة، نقول إيه، حلو وكداب، طرائيعو، الملك هو الملك، سي علي وتابعه قفه، مصر فوق كل المحن، مسافرة وجات على غفلة، ليلة من ألف ليلة" وغيرها من المسرحيات الني علقت في أذهان الجمهور حتى وقتنا هذا.
التأثير على الأجيال الجديدة
لطفي لبيب لا يعتبر نفسه مجرد فنان يؤدي أدوارًا على المسرح، بل هو أيضًا معلم للأجيال الجديدة من الفنانين، فقد شارك في العديد من ورش العمل التدريبية وقدم مشورته للعديد من الممثلين الشبان، مؤكدًا أن المسرح هو الطريق الأمثل لتكوين فنان متكامل، يمكنه إتقان جميع أنواع الأدوار وتقديم أعمال رائعة سواء على خشبة المسرح أو في السينما والتليفزيون.
لطفي لبيب، الفنان الذي بدأ من خشبة المسرح، لم يكن مجرد ممثل عادي، بل أصبح رمزا من رموز المسرح المصري، لقد أضاف الكثير لهذا الفن الذي كان له تأثير كبير في مسيرته الشخصية والفنية، وترك بصمة لا تنسى على مسرح مصر، ومع مرور السنين، لا يزال لطفي لبيب يحمل في قلبه حب المسرح، ويعتبره جزءًا أساسيا من حياته الفنية التي ستكون دائمًا متجددة على خشبته.

